Wednesday 25th of September 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Sep-2024

بعد أشهر على الأقوال المتغطرسة

 الغد- هآرتس

بقلم: توم مهاجر  24/9/2024
 
في هذا الوقت الأكثر مصيرية بالنسبة لدولة إسرائيل، لا يوجد لديها أي فكرة عن توجهها. الحكومة والجيش يوجدون في نوع من "أرض الحرام" من ناحية سياسية وإستراتيجية، ولا يستطيعون توفير أهداف قابلة للتحقق في هذه الحرب التي لا نهاية لها. في ظل غياب اتخاذ قرارات جريئة، بالأساس صفقة لتحرير المخطوفين ووقف إطلاق النار، فإن كل الحرب هي نوع من التجربة والخطأ في أفضل الحالات، ولعبة روليت روسية في أسوأ الحالات.
 
 
 مثال ممتع على ضياع إسرائيل يوجد في الرد الذي قدمته الدولة مؤخرا للمحكمة العليا ردا على التماس قدمته "غيشه" ومنظمات حقوق إنسان أخرى، والذي طلب فيه من الدولة القيام بواجبها، تحويل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة. ومن أجل التملص من هذه المسؤولية فقد أبلغت الدولة المحكمة العليا بأن حماس الآن هي القوة الحاكمة والقوة العسكرية الناجعة في القطاع.
من ناحية القدرة المدنية لحماس فقد قالت الدولة: "الآن أيضا توجد لدى حماس قدرة على ممارسة سلطة حكومية في القطاع". وأضافت "هذا الأمر ينعكس على عدد من المستويات، حيث المستويات الأساسية فيها تتمثل في وضع الخطوط العريضة للسياسة، تفعيل أجهزة الأمن وإقامة هيئات أمن جديدة لمعالجة النظام العام، التي تهدف الى السيطرة على المساعدات وتوجيهها لاحتياجات الحركة وضخ الأموال إلى القطاع وتوزيع الرواتب والمساعدات". على الصعيد العسكري كتب أن "القدرات العسكرية لحماس لم يتم إنهاؤها حتى الآن، والمواجهات العنيفة تستمر، لا سيما إزاء عودة حماس إلى العمل في المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي وإعادة بناء قدراتها في فضاء جديد".
بعد أشهر كثيرة من الأقوال المتغطرسة عن "الانتصار المطلق" و"على بعد خطوة من الانتصار"، فان إسرائيل تعترف رسميا بأنه ليس فقط هي بعيدة عن هزيمة حماس، بل ان حماس تنجح في اعادة سيطرتها على المناطق التي انتهى فيها القتال. من يجب علينا أن نصدق، هل العناوين في وسائل الاعلام حول تصفية الكتائب وفقدان حماس لقدراتها، أو التقرير الذي تم تقديمه للمحكمة حول منظمة ما زالت تنشط عسكريا وتضع السياسة وتدفع الرواتب؟.
من غير المؤكد أنه يوجد أي جواب صحيح. ولكن مهم فهم مصدر التناقض بين الروايتين المختلفتين لإسرائيل، وعد الجمهور الواسع من قبل الحكومة والقيادة العسكرية العليا بأن "الضغط العسكري" سيؤدي الى صفقة التبادل، وأن حماس في طريقها الى الهزيمة في القطاع. ولكن اذا حدث ذلك ولم تعد قوة تحكم في القطاع فان إسرائيل ستسأل من هو المسؤول عن وقف الكارثة الانسانية. وبعد ذلك، بما أن إسرائيل تحاول التملص من المسؤولية عن الكارثة التي أوجدتها، ستقول للمحكمة العليا، لا سيما للمجتمع الدولي والمحكمة في لاهاي، بأن حماس ما زالت الهيئة الحاكمة والناجعة. وبالتالي، ما هو هدف الحرب في غزة إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى حماس في السلطة؟.
بسبب ذلك بالضبط فان الحديث يدور عن حرب زائدة. إسرائيل تجد نفسها متهمة بارتكاب الجرائم الأكثر خطورة، وهي أكثر من مرة كانت على شفا حرب إقليمية كارثية على خلفية قرار استخدام القوة الزائدة بدون أي قيود أو منطق أو خطة للخروج. في موازاة ذلك فان المخطوفين يموتون ويقتلون في الأنفاق، وإسرائيل تفقد مناطق في البلاد التي يتم قصفها وإحراقها، وقتل المدنيين والجنود أصبح روتينا. في هذا الوضع فإنه كلما مر الوقت سنتعرض لأخطار آخذة في الازدياد.
هذه الورطة السياسية والعسكرية التي وجدت إسرائيل نفسها فيها يمكن الفهم منها كيف أصبحت حقوق الإنسان والدفاع عنها (أو على الأقل خرقها الشديد) عامل مهم في النزاعات الدولية. في اعقاب السلوك الوحشي لإسرائيل فقد أصبحت أمام ثلاثة إجراءات قانونية في المحاكم في لاهاي: دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، الرأي الاستشاري لهذه المحكمة في موضوع عدم قانونية سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة وبما في ذلك قطاع غزة، طلب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، كريم خان، إصدار أوامر اعتقال لبنيامين نتنياهو ويوآف غالنت.
من المحتمل أن هذه الخطوات ستؤدي الى فرض عقوبات دولية. ورد الدولة على المحكمة العليا يولد الانطباع بأن الحكومة في إسرائيل تدرك ذلك. لذلك، النيابة العامة مضطرة إلى إطلاق ادعاءات سخيفة بهدف التملص من المسؤولية عن الكارثة الإنسانية. في الساحة الإسرائيلية ربما ينجح ذلك، لكن مشكوك فيه أن هذه الادعاءات ستصدقها الجهات الدولية.
رئيس الحكومة السابق ورئيس حكومة الاستطلاعات الحالية نفتالي بينيت اقترح في السابق "التعايش مع المشكلة الفلسطينية مثل شظية في المؤخرة". الطريق المسدود الحالي يثبت أنه إضافة إلى الجانب الأخلاقي فإن السيطرة العسكرية على شعب آخر وخروقات حقوق الإنسان الشديدة، توجد لها تداعيات إستراتيجية ثقيلة الوزن.