Tuesday 24th of December 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Dec-2024

عندما تأخذ تركيا موقع إيران

 الغد- إسرائيل هيوم

 ايال زيسر
 
على مدى العقود الأخيرة لم توفر إيران أي جهد كي تدفع قدما "بمشروعها" في منطقتنا – لأجل أن تثبت سيطرتها في الهلال الخصيب، المجال الذي يمتد من العراق عبر سورية وانتهاء بلبنان وغزة. وحلفائها في هذا المجال، حزب الله وحماس، سعوا بإلهامها لأن يحيطوا إسرائيل بطوق نار وخنق كمرحلة أولى في الطريق الى ابادتها.
 
 
ان سقوط نظام الأسد في سورية قضى على المشروع الإيراني ودفع ايران الى التراجع.
لكن في الحياة لا يوجد فراغ ومكان ايران سارعت لان تملأه تركيا اردوغان. هذا الأخير وقف خلف أبو محمد الجولاني، الحاكم الجديد لسورية، مول وسلح جيشه واعطاه الضوء الأخضر للهجوم ولاسقاط النظام في دمشق.
المغامرة السورية لاردوغان استهدفت تقويض الحكم الذاتي الكردي في شمال سورية الذي يثير مشاعر قومية كردية في أوساط الأقلية الكردية الكبيرة التي تعيش في تركيا، مثلما هو أيضا للتخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا الى تركيا واصبحوا عبئا اقتصاديا وسياسيا عليها.
كما يسعى اردوغان لأن يسحب أقدام إيران الشيعية من المنطقة، إذ بين الدولتين خصومة دينية وسياسية ومنافسة على السيطرة في منطقتنا.
هل سيتمكن اردوغان من السيطرة على سورية؟ ليس مؤكدا على الاطلاق. صحيح أن الجولاني استعان به ولكن مشكوك ان يرغب في أن يصبح مرعيا او حتى "عميلا" لاردوغان. فضلا عن ذلك، ليس لتركيا المقدرات الاقتصادية والعسكرية كي تصبح رب البيت في سورية. كل هذا حتى قبل أن يقول تراقب الذي يخشاه الاتراك كلمته.
لكن سورية هي فقط جزء من الصورة الكبرى. فمثل آيات الله في ايران، لاردوغان أيضا تطلعات كبرى – لاستعادة المجد الماضي، الى عهد الامبراطوية العثمانية التي سيطرت على كل مجال الشرق الأوسط. وتجدر الإشارة الى أن تزمتا إسلاميا متبلا بكراهية إسرائيل هي النسغ الذي بواسطته يسعى لان يربط أجزاء اللوحة الفسيفسائية الشرق أوسطية ويضمن سيطرته عليها.
ضحك المصير هو أنه كانت أيام في القرن الماضي تباركت فيها إسرائيل بصداقة تركيا وايران، الدولتين المعتدلتين والمؤيدتين للغرب اللتين كافحتا محاولات رجال دين متطرفين لان يفرضوا فيهما حكم الدين. غير انه في العام 1979 سقطت ايران في ايدي آيات الله الذين جعلوها جمهورية إسلامية متطرفة. في الأشهر الأخيرة تكبدت ايران فشلا إثر فشل في غزة، في لبنان وفي سورية، وهذه تنضم الى فشل متواصل في الداخل في كل ما يتعلق بإدارة شؤون الدولة والاقتصاد. هذا الفشل المتجمع يثير النقد الحاد في الشارع الإيراني الذي يخيل انه مل حكامه ومن هنا التقدير بان سقوط هؤلاء محتم حتى لو استغرق هذا اشهرا عديدة او حتى سنوات.
في الوقت الذي بدأ فيه في ايران العد التنازل الى الوراء نحو سقوط حكم آيات الله، فان تركيا تتحرك بالاتجاه المعاكس وتأخذ بالتلون بالإسلام. على هذا لاحظ قبل سنوات المستشرق الأعظم في عصرنا برنارد لويس، بانه لن يبعد اليوم الذي "تصبح فيه ايران تركيا وتركيا تصبح ايران". بمعنى ان الأولى ستصبح دولة معتدلة فيما أن الثانية ستصبح جمهورية إسلامية متطرفة وضعيفة.
ما يزال من السابق لأوانه التقدير إذا كانت تركيا ستنجح في تحقيق احلامها الكبرى في سورية وفي الشرق الأوسط كله. وقبل ذلك – هل سينجح الجولاني في تثبت حكمه في سورية وان يجعلها أيضا دولة سريعة إسلامية.
الواضح هو أن صعود الجولاني الى العظمة في دمشق برعاية تركيا تدخل العديد من الدول العربية في حالة قلق وتوتر. ففي الوقت الذي تخشى فيها إسرائيل من انتقال الإرهاب من سورية الى أراضيها.
 لكن مصر ودول الخليج أيضا تقف بالتالي متحفزة بل وتفحص السبل للتعاون مع وجه التحدي الجديد على حدودها. وما يزال، هذا التحدي لا شيء بالنسبة للتهديد الذي كان وما يزال تشكله لنا إيران، وهذا أيضا ما ينبغي أن نتذكره.