الغد-هآرتس
أسرة التحرير
العداء السائد لدى الجمهور الإسرائيلي بالنسبة لاتهام إسرائيل بجرائم حرب، تطهير عرقي او إبادة جماعية يرتبط بقدر كبير بالوحشية التي أبدتها حماس في مذبحة 7 أكتوبر. فالكثير من الإسرائيليين يصعب عليهم المساواة بين المذبحة الوحشية وبين الادعاء بان إسرائيل أيضا تعمل في قطاع غزة بشكل يتناقض كل أخلاق إنسانية.
لكن من التحقيق الذي نشر في "هآرتس" الأسبوع الماضي (ينيف كوفوفيتش 18/12) تبرز صورة صادمة من التسيب منفلت العقال من جانب قسم من القوات المقاتلة في قلب قطاع غزة، ولا سيما شمالي محور نتساريم. في التحقيق فصلت سلسلة حالات لا يمكن وصفها الا كجريمة حرب وبعض منها يدل على فقدان الطابع الإنساني.
وحسب التحقيق رسمت قوات الجيش في الميدان خطا وهميا لا يظهر في أي خريطة وليس واردا في أي أمر رسمي، ويسمونه "خط الجثث". قائد في الفرقة 252 شرح مصدر الاسم: "بعد إطلاق النار لا يتم سحب الجثث فورا، وأسراب من الكلاب تأتي لتأكلها. في غزة يعرفون منذ الأن بانه حيثما توجد أسراب كلاب فهذا هو المكان الذي ينبغي لهم الهروب منه". يصف التقرير مزيدا آخر من المشاهد الكابوسية وهي تشكل فيلم رعب، للأسف الشديد يقع في الواقع. مثلا، عشرات الرصاصات اطلقت نحو من تبين لاحقا بانه "فتى صغير، ابن 16 ربما"، حين قام بعض من الجنود "بمجرد اطلاق النار والضحك". ولاحقا بارك قائد الكتيبة بالقتل وقال انه "غدا سيصلي أن نقتل عشرة".
لا يدور الحديث فقط عن قتل بالجملة بلا تمييز بل وأيضا عن سلوكيات مهينة تدل على فقدان تام للانضباط. أحد سكان غزة الذي نجح في الفرار من نار مكثفة نحو مجموعة كان جزء منها – ثلاثة رفاقه قتلوا – نزعت ملابسه، أخذ إلى "قفص نصبوه قرب الاستحكام، نزعوا عنه ملابسه..". ولاحقا محقق أسرى "سأله بضعة أسئلة فيما كان يصوب مسدسا إلى رأسه".
أولئك الغزيون الذين اجتازوا الخط الوهمي في منطقة نتساريم وقتلوا بالنار اعلن عنهم الجيش الإسرائيلي مقاتلين رغم أنه لم يكن أي دليل على ذلك. يدور الحديث عن قرار تعسفي، يضع في شك كبير تقارير الجيش عن عدد المقاتلين الذي قتلهم. ضابط في الفرقة 252 روى عن حادثة فيها "من أصل 200 قتيل أرسلوا للفحص، تأكد فقط عشرة كنشطاء من حماس معروفين. لكن من يزعجه نشر أننا قتلنا مئات المهاجمين".
كلما تراكمت الشهادات من قطاع غزة تتضح صورة مفزعة لفقدان الطابع الإنساني. محاولة إسرائيليين كثيرين نفي الشهادات عما يحصل هناك ليس فقط لا تساهم لإسرائيل في الساحة الدولية – بل تعطي شرعية متواصلة للجرائم والمظالم التي تصم الصورة الأخلاقية والإنسانية للدولة كلها.