الراي - محمود أبو عبيد*
تعود معرفتي بالقاصة المبدعة سميرة عزام في عام 1961 ميلادية وقبلها كنت اتابع برامجها في اذاعة الشرق الادنى في قبرص وفي اذاعة العراق.
وعندما بدأت عملي في اذاعة عمان في فرع الاحاديث حيث كان الشاعر عبدالرحيم عمر, ابراهيم زيد الكيلاني, حبيب الحسيني, احسان عماشة, وعراب الاغنية الاردنية الشيخ رشيد زيد الكيلاني, كانت سميرة عزام تتردد على فرع الاحاديث حيث كان لها في الاسبوع حصتان كانت تأتي تارة من بغداد وتارة اخرى من بيروت حيث تم ابعادها من بغداد.
وهنا لا بد من التنويه أن وصفي التل عندما كان مديراً للاذاعة الاردنية اراد ان يجعل منها مطمح عين كل ناظر ومذاق اذن كل سامع, دعوة مفتوحة لكل المبدعين, حيث كان الكل يغمس في جودة ومساحة تكنولوجية وفنية ومهنية في ميدان تنوعت موارده بأوفر ثقافة, واكثر ترسيخ للقيم والمعاني تجاوباً مع اسرار بالغة الروعة, وسار على نهج وصفي الاستاذ صلاح ابو زيد, وكذلك نصوح المجالي والان المبدع نصر عناني مدير الاذاعة, اذ نستمع للبث الوطني في اصالته الاردنية جامعاً بين التراثي وجديد الجديد والعامل ناشطاً بالساعد القومي وحده, مبلوراً خدماته كلها بالاتجاه الايجابي المتواصل العميق الخلاق وكل من يعمل فيه في اشرف انتسابه الى هنا عمان يسطرون صفحة زاهية قائمة بالنطق لتؤكد أن هيكل الاذاعة بادارة رمضان رواشدة المدير العام من ماضيها الى حاضرها والى مستقبلها لا يختلف عليه اثنان على انها مفخرة الكهول والشباب ومنبت اعجاب.
اشد ما تمنيت ان اجد تسجيلات سميرة عزام في مكتبة الاذاعة الموسيقية, لكن بعمل جرد سنحصل عليها هذا اذا لم يتم مسحها للحاجة الى الاشرطة.. لنذيعها ضمن برنامج من ارشيف الاذاعة, مثلها كقراءات شعرية بصوت نزار, فدوى طوقان واحاديث الرشدان، وقصص الايراني، وملحس وتسجيلات منير بشير، وجوزيف ايوب، ولقاءات نجاة، عبدالحليم، فريد، ام كلثوم.. الخ.
سميرة عزام في غربتها بل في منفاها كانت كل صباح تقدم اوراق اعتماد قلبها الى عكا.. كانت تراها اجمل من كل النساء واجمل من كل الوديان واجمل من كل الاشجار، كانت تردد دائماً «عندما افتح عيني في عيني عكا اكتشف اني حتى على البعد احبها من الماء الى الماء، اذن هي كانت تكتشف ان الوطن العربي هو الحدود لقلبها، وان قصتها «سيناء بلا حدود» لم تعد ملائمة بعد هزيمة 67 لذا قامت باتلافها.
في قصص سميرة عزام.. الساعة والانسان، قصص أخرى وحتى اشياء صغيرة حافلة بهموم أبناء شعبها من فقراء، مهمشين، مسحوقين، تطالع فيها نكهة الآسى والألم والحنين، تسجل بالكلمات واقع كل مخيم وعذابات كل لاجئ، هي كانت ترصد صوت اللاجئين الذين يبحثون عن مكان لهم تحت الشمس.
قالوا عن سميرة عزام:
احمد دحبور:
سميرة عزام.. مسيحية.. فلسطينية، انها من خلال قصصها تظهر الفلسطيني بعد النكبة كمسيح هذا العصر.
الشاعر ابو سلمى:
كاتبة بارعة، متألقة بسمو الفكرة ووضوح اللوحات ورشاقة الريشة، ورهافة الحس وصاحبة قدرة فائقة ورمز المرأة المتحدية.
رجاء النقاش:
سميرة عزام.. اميرة القصة القصيرة.
المؤرخ د. بطرس دله:
سميرة كانت تعتز بانتمائها الوطني، عكا طالما سكنت فيها كسائر مدن فلسطين..
الباحثة ليلى جمال ابنة عكا:
سميرة عزام، اميرة القصة.. خسرت الامارة في هجرتها وماتت في المنفى دون ان تنجب من يكمل مسيرتها.
ولا يسعنا الا ان نشد على ايادي من تنادوا في عكا الى استذكار مسار سميرة عزام الثقافي الريادي ونخص بالذكر الاخ وديع عواودة، ومؤسسة الأسوار ومدرسة المنارة في عكا ممثلة بمديرها اسامة عبدالفتاح ومديرة المؤسسة حنان حجازي.
سميرة عزام.. رائدة القصة القصيرة كانت في منفاها تعرف ان قلبها يعمل لدى عكا كعميل سري فوق العادة وقلب عكا يعمل كحارس ليلي تحت وسادتها هكذا اخالها دائماً وابداً حتى عندما قضت في حادث سير، وهي في ريعان شبابها كانت عكا تتراقص امام ناظريها.
* إعلامي وكاتب من الأردن