الغد-هآرتس
يئير غولان 10/2/2025
من الجدير قول الامور التالية: يمكن الفهم، بالتأكيد بعد 7 اكتوبر، بأن هناك من لا ينتمون للحركة المسيحانية أو الحكومة المتطرفة، وأنهم لا يتعاطفون معها. مع ذلك، استمعوا الى دونالد ترامب واعتقدوا في انفسهم بأنه اذا كان يمكنهم الذهاب للنوم والاستيقاظ في الصباح واكتشاف أن الشعب الفلسطيني اختفى بين ليلة وضحاها فانهم لن يعارضوا ذلك.
لكن الألم لا يعتبر برنامج عمل، والاحلام التي تخفي المشاكل بكبسة زر لساحر، لم تكن في أي يوم طريق الصهيونية. في الواقع نحن حركة حالمة، لكن دائما كان لها ارجل على الارض، وخطة ملموسة قابلة للتنفيذ، بحيث تستطيع اخراج حلمنا الى حيز التنفيذ. أين الآن اسرائيل الجريئة والمبادرة، التي تطالب بملكيتها على مستقبلها وتعمل بشكل حثيث على أمنها؟. الترانسفير هو فكرة مناقضة لليهودية والصهيونية. الرئيس الاميركي ترامب ليس يهودي أو صهيوني، لكن اليهودي والصهيوني بيننا يجب عليه الوقوف ضد الترانسفير والتأكد من أنه لن يتم تطبيعه في خطاب اسرائيل. هذه ليست المرة الاولى التي يطرح فيها دونالد ترامب اقتراح يفاجئ فيه من يستمعون اليه، وليست المرة الاولى التي يتم فيها اعادة الفكرة التي قام بإلقائها في الجارور – الى هذا المكان تنتمي هذه الفكرة في افضل الحالات.
لكن النقاش حول الترانسفير يحرف الانتباه عن الامر الملح والضروري: الحرب في قطاع غزة. فالحرب هناك مستمرة والجنود يستمرون في التضحية بحياتهم وعشرات المخطوفين وعائلاتهم ينتظرون أن تنفذ اسرائيل العقد الاساسي جدا بينها وبين المواطنين، واعادتهم الى البيت، أحياء أو الى الدفن المحترم. كل يوم آخر لا يوجد فيه بديل لحماس هو يوم نعطي فيه لحماس هدية استراتيجية.
لماذا يستمر كل ذلك حتى الآن؟ لأنه خلال الـ16 شهرا الاخيرة انشغلت الحكومة بالطمس والمماطلة، بدلا من بلورة خطة حقيقية لمستقبل القطاع وضمان أمن الاسرائيليين.
الحل لا يكمن في استفزاز الطرد الجماعي أو في الاستيطان المسيحاني الخطير في قطاع غزة، بل في عملية سياسية محسوبة وواقعية. يد بيد مع الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة يجب على اسرائيل أن تبني مستقبلا ينهض فيه قطاع غزة مع ضمان أمن اسرائيل. الخطوات الحيوية واضحة: تحرير المخطوفين، وقف دائم لإطلاق النار، ايجاد سلطة بديلة لحماس، بلورة جبهة اقليمية امام ايران مع استنفاد انجازات الحرب. فقط هذه الخطوات ستقود الى شرق اوسط اكثر أمنا مع أفق واقعي.
الحلم الحقيقي يشمل ايجاد تحالف للدول المعتدلة ضد المحور الراديكالي الشيعي أو السني. الحلم الحقيقي هو الحفاظ على اسرائيل مع اكثرية يهودية صلبة، كما يقتضي الوطن القومي للشعب اليهودي، وفي المقابل دولة حرة مع مساواة وديمقراطية، دولة مزدهرة يرغب مواطنوها العيش فيها وليس الهجرة منها.
الحلم الحقيقي هو علاج المشكلات الحقيقية وليس التهرب منها. مع الفلسطينيين يجب العيش بأمان، مع المحور الراديكالي سنضطر الى المواجهة وبناء قوة عسكرية ضاربة، التحديات الداخلية يجب علينا مواجهتها مع الصراع ضد الشعبويين والفوضويين الذين يشكلون الحكومة. الامتحان الحقيقي للسياسي لا يكمن في الشعارات، بل في تشكيل عمليات تاريخية. لنفترض أن السيناريو المدحوض لترامب سيتحقق، وأن 200 – 300 ألف فلسطيني فضلوا الهجرة بدلا من أن يعيشوا فيما بقي من القطاع الى حين اعادة اعماره. الى أين سيذهبون؟ اوروبا غارقة في ازمات الهجرة وهي لن تسارع الى استيعاب لاجئين. الدول الاسلامية تدير ظهرها. لا يوجد هدف، لا يوجد حل، فقط فوضى اخرى.
الفوضى هي الجو المريح جدا لنتنياهو. والاحتمالية الافضل لمواصلة تعزيز حكمه. سكان قطاع غزة لن يختفوا، سواء في الغد أو بعد عقد. من يريد حل يمكن من العيش الى جانبهم بأمان لن يجده في حل من انتاج بتسلئيل سموتريتش ودانييلا فايس. ولكن في الوقت الذي فيه ينشغلون هنا في النقاشات غير المجدية فان الحكومة تستمر في تخريب الديمقراطية، اهمال المخطوفين والتخلي عن حياة الجنود الذين يتمرغون في حرب كان يجب أن تنتهي. عشرات آلاف الاسرائيليين غادروا الدولة بسبب الخشية من أنه لن يكون لهم، ولأبنائهم بالاساس، مستقبل هنا. من يبحث عن حل حقيقي للاسرائيليين يجب عليه العمل على أن تبقى اسرائيل دولة يمكن العيش فيها.
لذلك فان المهمة الاكثر اهمية الآن هي التأكد من اعادة جميع المخطوفين وعلى الفور. بعد ذلك يجب بناء مستقبل حقيقي للجيل الحالي وللاجيال القادمة، الذين بيتهم هنا وهويتهم يهودية وديمقراطية، وهم يحملون بتفاخر قيم المساواة والحرية. الترانسفير لن يكون في أي يوم جزء من مفرداتنا اللغوية، وايضا لن تكون لنا حرب خالدة، لأن هذه هي صهيونيتنا.