الغد
هآرتس
بقلم: يردين بن غال هيرشهورن
بعد اللقاء الذي عقد أول من أمس صباحا بين رئيس الهستدروت، ارنون بار ديفد وبين عائلات المخطوفين وقتلى السابع من تشرين الأول (اكتوبر) – والذي فيه حضر أيضا شخصيات رفيعة في الاقتصاد – اعلن بار ديفيد أن الهستدروت لن تقوم بإضراب شامل.
"أنا أكاد انفجر من الغضب، ولكن لا جدوى من الإضراب"، قال بار ديفيد ردا على طلب العائلات للانضمام إلى وقف الاقتصاد في 17 الشهر الحالي، لقد أوضح انه يخشى من أن دخول الهستدروت في الإضراب في التوقيت الحالي سوف يحرف الخطاب العام حول إعادة المخطوفين نحو اتجاهات سياسية. بار ديفيد لم يقل ذلك في الفراغ: في الإضراب السابق والذي اعلن عنه بذريعة المخطوفين، فإن المحكمة قررت انه لا يوجد ذرائع اقتصادية للإضراب ولهذا فهو ليس قانونيا ويجب وقفه.
ربما أن الفشل القانوني حتى الآن كان حقيقة أن الهستدروت لم تبرز الذرائع الاقتصادية للإضراب. كيف يمكن القول بأنه للمطالبة بإنهاء الحرب وإعادة المخطوفين ليس لها ذريعة اقتصادية؟ حيث انه يوجد للحرب أيضا تداعيات اقتصادية وتطلع الحكومة لمواصلة القتال الذي لا يتوقف في غزة، وربما أيضا لاحتلالها سوف يكلفنا المزيد والمزيد من الأموال – وأيضا سيكلف أولادنا وأحفادنا.
كيف يمكن الادعاء بانه لا يوجد ذريعة اقتصادية لحرب اختيارية والتي تجند المزيد والمزيد ممن يخدمون في الاحتياط، والتي تضر بمصالحهم التجارية وبتقدمهم المهني وبأزواجهم؟ كيف يمكن القول بأنه لا يوجد ذريعة اقتصادية للمقاطعة الدولية على الباحثين الإسرائيليين؟ كيف يمكن الادعاء بأن آلاف المصابين نفسيا لا يوجد لهم تأثير على الاقتصاد؟ كيف يمكن الادعاء بأنه لا يوجد ذريعة اقتصادية لتخفيض التصنيف الائتماني، ووقف الاستثمارات في الشركات الإسرائيلية أو في إغلاق الأعمال التجارية؟
هل زيادة موازنة الأمن بعشرات المليارات من الشواقل بسبب استمرار الحرب لا يكلفنا مالا؟
هل يمكن الادعاء بأن تقليص الأجر في القطاع العام بسبب نفقات الحرب، وخصم الإجازات المرضية من جميع العاملين في القطاع الاقتصادي ليست تأثيرات اقتصادية؟ كيف وصلنا إلى وضع كهذا، حيث "لا يوجد مبرر اقتصادي للإضراب"؟
المحامية موران سبوراي والمتخصصة في مجال قوانين العمل والقانون العام، ومثلت لجانا اقتصادية كبيرة لسنوات، تتطوع حاليا في مبادرة "إسرائيل تضرب". هي تعتقد انه حتى الآن لم يسلط الضوء بشكل كاف على الأسباب الاقتصادية للاحتجاج وهو ما تسبب في الإضراب السابق في عام 2024.
سبوراي وزملاؤها في مجال القضاء صاغوا في السنة الماضية نموذج نزاع عمل، والذي استهدف خلق بنية تحتية قانونية للإضراب من اجل وقف الحرب وعودة المخطوفين. أول من أمس أعادت تحديث الوثيقة، وتعتقد أن الخطأ الجوهري يكمن في طريقة عرض الإضراب: هل يتطلب الإضراب وجود نزاع عمل وأسباب اقتصادية؟ "يمكن بالتأكيد اختلاق هذه الأسباب".
"الاقتصاد يتحطم والجميع يقولون بانه لا يوجد ذرائع اقتصادية، ولكن بالتأكيد يوجد"، هي تقول. وتضيف "ما جرى في الإضراب السابق، والذي يجعل الآن الهستدروت تتردد في الإضراب ثانية، هي أنهم أخذوا ذريعة واحدة – المس بالمخطوفين.
"هم لم يفعلوا ذلك بصورة منظمة. من أجل أن تضرب يجب تقديم طلب لنزاع عمل، وانتظار 15 يوما، وبعد ذلك تضرب. عندما تكون الحجة المخطوفين فقط، بدون إعلان نزاع، من الواضح أن القضية ستعطي أمر منع. الأمر الأول الذي يجب القيام به هو إبراز الذرائع الاقتصادية، والموجودة بالطبع" للإضراب.
في الوثيقة التي صاغتها سبوراي وزملاؤها يوجد على الأقل عشر ذرائع اقتصادية للإعلان عن نزاع عمل في الوضع الحالي التي تعيشه إسرائيل.
البنود الأولى في الوثيقة تفصل التداعيات الاقتصادية للحرب المتواصلة، والأسباب التي بسببها هي تمس بالعمال: "مس بالاقتصاد، والذي من شأنه أن يكون مصدرا لأضرار أخرى، مباشرة وغير مباشرة، وبالعمال؛ وتدهور الاقتصاد الإسرائيلي، الذي من شأنه أن يؤدي إلى مس بالحقوق الأساسية للعمال، والى مس محتمل في مخصصات التقاعد وفي صناديق الاستكمال (المستثمرة في سوق رأس المال في إسرائيل)، ولإقالات العمال والى بطالة متزايدة وإلى مس بالقدرة على منح زيادة راتب مناسبة وغيرها.
"بالإضافة إلى ذلك فتمديد الحرب وتوسيعها تخلق أعباء اقتصادياً إضافياً وقاسيا على جمهور رجال الاحتياط – الإجراء والمستقلين. إطالة الحرب تمس بالاقتصاد بعدة طرق: فقدان أيام عمل؛ مس بمكانة إسرائيل في العالم وتشديد المقاطعة؛ هرب الأدمغة والمبادرين والمستثمرين؛ ومس شديد بالنمو. هذه الأضرار تضاف إلى العبء الكبير على اقتصاد إسرائيل والذي هو من نتائج الحرب المستمرة.
احد البنود في نزاع العمل هو معارضة نوايا الحكومة في أضعاف المحكمة العليا – والمس باستقلاليتها كهيئة قضائية مستقلة. من بين أمور أخرى بواسطة تغيير طريقة تعيين مفتش شكاوى الجمهور على القضاة، وكذلك تأخير متواصل في تعيين قضاة للمحكمة العليا.
"أضعاف هذه الهيئات والذي رسخ وأرسى قواعد أساسية في مجال علاقات العمل وقانون العمل خلال سنوات طويلة من أحكامها – بما في ذلك الحق في التنظيم والحق في الاستماع، والحق في الترافع، والحق في الإضراب وغيرها سيؤدي إلى إضعاف العمال والمس بحقوقهم وبمنظماتهم العمالية"، كتب.
إعادة المخطوفين هو هدف ادخل للوثيقة ولكنه ليس الهدف الأساسي – من خلال افتراض أن نزاع العمل يجب أن يكون له أساس اقتصادي. "في العديد من الإضرابات القانونية يوجد علاقة بين الأمور السياسية والاقتصادية، واللجان كانت تخلط الذرائع الاقتصادية الكلاسيكية بالعديد من الادعاءات الأخرى. لقد عملوا بصورة ذكية" تقول سبوراي.
"على سبيل المثال إضراب الأطباء حول عدد الأسرة في المستشفيات أو إضراب المعلمين على عدد الطلاب في الصف، حيث انه ما هو شأن المنظمة العمالية في ذلك؟ هذه قرارات إدارية موازناتية، والتي تتخذ من قبل المستوى السياسي. ولكن من الواضح انه يوجد لها تداعيات على ظروف العمل للعاملين هناك مثلما هو واضح انه يوجد للحرب تداعيات على العاملين اليوم".
سبوراي توضح انه لا يوجد أي قانون أو حكم يمنع إعلان نزاع متنوع – نزاع يتضمن عدة ذرائع، والتي بعضها اقتصادي "كلاسيكي" وبعضها اكثر سياسية. "التنظيمات الجيدة والقوية عرفت دائما كيف تعلن عن "نزاع مختلط" وإذا فعلوا ذلك بصورة صحيحة – فإن المحكمة لن تعطي لإضراب كهذا أمر منع" هي تقول.