سوشيال ميديا|-
طروب العارف|-
كلنا نعرف أن الصداقة الحقيقية تتميز بمجموعة من الأوصاف والصفات الإيجابية، منها: الإخلاص والصدق، الوفاء والتعاطف والاحترام والتسامح وتتجلى في الدعم المتبادل في الأوقات الصعبة إضافة إلى القدرة على الاستمتاع والتفهم.
لكن، قد تبدو بعض الصداقات دافئة من الخارج، ولكنها تُستَنزَف بهدوء. ففي بعض الصداقات، نقدم الدفء، ونمد الثقة، ولكن بدلاً من أن يتم الاعتراف بنا بشكل حقيقي، يتم إعادة توجيهنا بشكل خفي، أو التقليل من شأننا، أو تجاوزنا عاطفياً. قد لا يكون التأثير ملحوظًا دائمًا؛ في بعض الأحيان، يكون مغطى بالأدب أو القيم المتبادلة.
ناقشت مايا كاي، الحاصلة على الدكتوراة والمعالجة النفسية والباحثة المتمرسة في علم الأعصاب، على صفحات موقع سيكولوجي توداي مشكلة الانهيار للصدقات من خلال منظور ديناميكي نفسي سوف يكشف لكم كيف يمكن للتناقض العاطفي أن يُقَوِّض الثقة بصمت تحت ستار "اللطف"، وبالتالي، قد نتمكن من التعرف على الصداقات التي بدت آمنة، ولكنها أثبتت خلاف ذلك، وإبعاد أنفسنا عنها والتعافي منها.
عندما تدور الصداقة حول طرف واحد
في هذه العلاقات، غالبًا ما يقارن أحد الطرفين نفسه مقارنة دقيقة سرًا بالطرف الآخر وقد يتطور الأمر إلى الحسد السلبي أو حتى المزايدة العاطفية. وعندها قد تلاحظ أن إنجازه يطغى بهدوء على إنجازك، وهنا تتضاءل فرحتك بسبب التعليقات غير المباشرة التي قد يطلقها، وهذه اللحظات التي ينبغي أن تكون مشتركة بينكما تصبح مركزه عليه.
وهذا يتجاوز قضية حدود العلاقات الشخصية والمهنية فهو يمثل محوًا للعلاقات وليس هذا فحسب، بل استنزافًا تدريجيا لها.
من المثالية إلى خيبة الأمل
وفقًا لنظرية العلاقات الموضوعية، فإننا نميل إلى الدخول في صداقات بإسقاطات غير واعية: نرى الآخرين من خلال عدسة آمالنا، أو احتياجاتنا التي قلما تٌلَبّى، أو ذاتنا المثالية. ولكن عندما لا يتمكن واقع الشخص من الحفاظ على الخيال، فإننا نشهد تمزقًا —غالبًا ما يتميز بالإرباك أو الانزعاج أو حتى الحزن. إن هذا التحول من المثالية إلى خيبة الأمل مؤلم، ولكنه ضروري. وهذا يشير إلى أننا لن نضطر بعد الآن للحفاظ على اتصال من جانب واحد.
النرجسية الخفية والتناقض العاطفي
في بعض المواقف، تشير هذه الانقطاعات في العلاقات إلى أكثر من مجرد عدم التوافق. وبسببها يمكن الكشف عن السمات النرجسية الخفية، مثل الانفصال العاطفي المتنكر في صورة الهدوء، واللطف الممزوج بالحسد، والتركيز المستمر على الذات من خلال الضعف أو السلبية.
وعلى عكس النرجسية الصريحة، فإن السلوكيات الخفية أكثر صعوبة في التعرف عليها لأنها غالبًا ما تتخفى وراء اللطف، أو المبادئ المشتركة أو حتى التواضع. يكتشف الجهاز العصبي في كثير من الأحيان ما قد يتجاوزه العقل: ويرسل التحذير أن هذه العلاقة تفتقر إلى الأمان أو الانسجام أو المعاملة بالمثل.
خلاصة القول
اختتمت كاي بالقول إن السلامة في العلاقات تتجاوز المجاملات السطحية؛ فهي تكمن في راحتنا وحريتنا في التعبير عن ذواتنا الحقيقية مع الآخرين. ولنتذكر، عندما لا نستطيع أن نكون أنفسنا الحقيقية، فإن التراجع ليس علامة على الهجر ولا علامة للجُبن، بل هو عمل شجاع لاحترام الذات والنزاهة، والرفق بالجهاز العصبي.