Tuesday 29th of July 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jul-2025

انقلاب ترامب لا يعفي إسرائيل من المسؤولية

 الغد

هآرتس
 
بقلم: تسفي برئيل 27/7/2025
 
هل ترامب تنازل عن قناة المفاوضات وهو الآن يسمح لإسرائيل بأن تفعل في غزة ما تريد وإكمال المهمة؟ أو أن الأمر يتعلق بمناورة أخرى في إدارة المفاوضات، التي حسب المبعوث الأميركي بشارة بحبح، وصلت وبحق "إلى الأمتار الأخيرة" من التفاهمات. فقط في الأسبوع الماضي كان ترامب مليء بالتفاؤل وأطلق وعودا بأنه "بعد أسبوعين"، ربما في الأسبوع المقبل أو بعد بضعة أيام، يمكن الإعلان عن وقف إطلاق النار.
 
 
لقد صرح بشكل علني عن الحاجة إلى وقف الحرب وتعهد بإعادة جميع المخطوفين، وحتى أنه أظهر تعاطفه مع المعاناة الفظيعة في غزة. بالنسبة لعائلات المخطوفين فإن ترامب ومبعوثه ستيف ويتكوف كانا الركيزة الوحيدة للاعتماد عليها، أو على الأقل الحصول على الأمل منها. الآن يبدو انها، ودولة إسرائيل أيضا، بقيت مرة أخرى مع بنيامين نتنياهو ومع الحكومة التي حصلت كما يبدو على الضوء الأخضر لاحتلال غزة وتطهير سكانها، وفي الطريق تخفيف العبء الذي يسمى "المخطوفين" والذي يمكن أن يصبح ضررا عارضا. وهذه المرة بإذن من ترامب.
"حماس لم ترغب وبحق في عقد الصفقة. أنا اعتقد أنهم يريدون الموت. هذا سيئ جدا"، قال ترامب للمراسلين، وفي نفس الوقت قدر بأنه من الآن فصاعدا قيادة حماس ستتم ملاحقتها. إذا كانت هذه هي خطة عمله فيجدر تذكيره بان قيادة حماس والكثير من قادتها في غزة وفي الخارج لم يعودوا على قيد الحياة.
لا يقل عن ذلك دهشة هو رد إسرائيل الذي يقول بانهم "سيفحصون بدائل أخرى لإعادة المخطوفين". بدائل؟ باستثناء وقف الحرب والانسحاب، الجيش الإسرائيلي جرب في السابق كل شيء مثل تصفية زعماء حماس، تدمير معظم المباني والبنى التحتية في القطاع، شق الطرق الواسعة، الأمر الذي استهدف تقسيم القطاع، وقف المساعدات الإنسانية، الأمر الذي تسبب بموت مئات الأشخاص، قتل عشرات آلاف الأشخاص بالجملة بدون كوابح، ومن بين هذه الانتهاكات انتهاك وقف إطلاق النار والمماطلة من أجل كسب الوقت. مع ذلك، بعد سنتين تقريبا من القتال لا تتم معرفة كيف سيتم إعداد هذا البديل المعجزة الذي سيحرر المخطوفين بدون التسبب بموتهم.
المفاوضات حول تحرير المخطوفين هي فقط عامل واحد في رزمة معقدة تشمل، ضمن أمور أخرى، قضية المساعدات الإنسانية. ولكن هذه القضية طورت لنفسها "حياة مستقلة"، تضع غزة على رأس سلم الأولويات الدولية، وفي السابق خلقت تابع سياسي تم التعبير عنه بإعلان الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون، عن نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
 إذا كانت المساعدات الإنسانية اعتبرت في بداية الحرب وخلالها "أداة مساعدة" عسكرية، وشرط ضروري من اجل الحصول على تصريح أميركي بمواصلة الحرب واستكمال النقص في "السلاح"، فإنها في الفترة الأخيرة تحولت إلى ساحة قتال منفصلة، دموية، تهدد حياة مئات آلاف الغزيين وتهدد مكانة إسرائيل وطابعها. 
الفشل الذريع في إدارة المنظومة الإنسانية، الذي أساسه يكمن في الفشل في إنزال المساعدات من الجو قبل أكثر من سنة ومرورا بالميناء العائم الأميركي الذي جرفته الأمواج وانتهاء بتفعيل صندوق المساعدة لغزة، الذي عمل تحت غطاء أميركي وتسبب بقتل الآلاف من الغزيين، وضع نتنياهو أسس الحملة الجديدة التي لا يمكن لإسرائيل، "التي ما زالت تعتبرها مشكلة إعلامية"، التعامل معها.
إسرائيل جندت المساعدات الإنسانية كسلاح رغم أنه يمكنها مواصلة الحرب وتوفير المساعدات بواسطة منظمات الأمم المتحدة والجمعيات التي انشغلت بذلك قبل مشروع الصندوق "الأميركي". والدليل على ذلك هو استعدادها للسماح مرة أخرى بإنزال المساعدات بواسطة الطائرات بدون وقف الحرب. من المهم الإشارة إلى أن هذه الطلعات، حتى لو حرصت على عدم نزول المساعدات فوق رؤوس السكان، لا يمكن أن تكون البديل الحقيقي لحل الضائقة القاتلة في غزة. حمولة طائرة "هيركولز" تساوي حمولة شاحنة كبيرة. المعنى هو انه ستكون بحاجة إلى إرسال مئات الطائرات بتكلفة كبيرة. وعندما ستنزل الشحنات بسلام على الأرض وليس في البحر، كما حدث في السابق، فإن حماس لن تراها من بعيد، وسيتم إظهار تدفق الأشخاص الجائعين الذين يتدافعون في سباق عديم الرحمة في وسائل الإعلام العالمية.
رغم ذلك إسرائيل تنوي محاربة السكان في غزة بذريعة أن المساعدات تستخدمها حماس كمصدر للتمويل والسيطرة على السكان. وليس من نافل القول التذكير بأنه في السابق قالت إسرائيل إن منع المساعدات وزيادة الضائقة استهدفت إثارة العصيان المدني في غزة، الذي سيهدد حماس ويجبرها على التنازل عن طلباتها. لم تكن هناك أي حاجة إلى الانتظار واثبات فشل هذه الاستراتيجية على الأرض. توقع أن المدنيين الذين يهربون للنجاة بأنفسهم من الجيش الإسرائيلي من جهة، ومن رجال حماس من جهة أخرى، سينجحون في تخصيص الوقت لتنظيم المظاهرات، هو توقع لا أساس له.
بعد ذلك اكتسبت المساعدات مهمة إستراتيجية عندما بدأت تعمل كنوع من الجرافة العملاقة التي تدفع السكان إلى مناطق تجميع في الطريق إلى تجسيد حلم الترانسفير الذي نجح فيه ترامب بمفاجأة وإسعاد نتنياهو وعصابته، الذين يحلمون بالفعل بإعادة الاستيطان في غزة.
في الذرائع التي بررت فيها الحكومة المأساة الإنسانية، يصعب إيجاد منطق ثابت أو خطة يمكن أن تؤدي إلى أي نتيجة. إذا كان ما يقلق إسرائيل هو التمويل والسيطرة التي من شأن حماس أن تحققها بواسطة المساعدات، فإن البديل يوجد في اقتراح مصر الذي يشمل تشكيل لجنة خبراء للإدارة المدنية برعاية السلطة الفلسطينية وبدون تدخل حماس. تطبيق هذا الاقتراح يمكن أن يجند قوى عربية ودولية، ولكن بالأساس هو لن يمنع الجيش الإسرائيلي من مواصلة العمل ضد حماس، كما يفعل ذلك في الضفة التي تسيطر فيها السلطة الفلسطينية، ومواصلة التنسيق الأمني معها. أيضا في لبنان أو في سوريا، التي تقوم إسرائيل بمهاجمتها في الوقت الذي وقعت فيه معها على اتفاقات لوقف إطلاق النار.
إضافة إلى ذلك في الأسبوع الماضي أوضح توم براك، المبعوث الأميركي في لبنان وسورية، بأن "الولايات المتحدة لا يمكنها فرض أي شيء على إسرائيل في قضية وقف إطلاق النار في لبنان". يمكن التقدير أن هذا الموقف سيكون ساري المفعول أيضا على أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس. فقط يجب أن يكون قد عاد جميع المخطوفين إلى البيت.
لكن مجرد ذكر السلطة كخيار للسيطرة في قطاع غزة يعتبره نتنياهو خيانة لأساس وجود إسرائيل. لا يوجد خلاف على أن السلطة بتشكيلتها الحالية هي مجموعة من السقالات بدون بناية. فهي ورئيسها ليست لهم شرعية في أوساط الجمهور، خزينتها فارغة وقدرتها العسكرية معدومة.
لكن السلطة الفلسطينية يوجد لها ذخر إستراتيجي واحد يمكن أن يرجح الكفة. فهي الجسم المعترف به والذي يمثل حق الفلسطينيين في غزة. وحتى لو كان الأمر في هذه الأثناء يتعلق فقط بـ "ماركة مسجلة" وليس "منتج حقيقي"، فان من صلاحيتها استدعاء التعاون العربي والدولي لإدارة القطاع. هذه المكانة الرسمية يوجد لها أهمية كبيرة بالنسبة للدول العربية التي عبرت عن استعدادها للمشاركة في قوة متعددة الجنسيات في القطاع بدون الظهور كمن تتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية، أو كأداة لإسرائيل.
ولكن بالنسبة لحكومة إسرائيل فان دخول السلطة إلى غزة مع قوات عربية يعني تصفية مركزة للترانسفير، وتحطم حلم استيطان القطاع، وبالأساس توحيد القطاع والضفة الغربية تحت سلطة ممثلة واحدة. هذا هو التهديد الذي من اجل القضاء عليه، بنيت بحرص واجتهاد خطة نتنياهو الرئيسية، التي من اجلها تعهد حماس وسمح بتمويلها بمئات ملايين الدولارات في سنوات حكمه. حسب نتنياهو فانه محظور السماح للسلطة الفلسطينية ومحمود عباس الادعاء بأنهم يمثلون جميع الفلسطينيين ويسيطرون على كل فلسطين، وبذلك هم يستحقون الاعتراف بالدولة المستقلة. من هنا فانه لا توجد أي صلة بمسألة إذا كانت السلطة تستطيع مواجهة حماس. وبالتالي، حتى لو كانت مسلحة بأفضل سلاح ومقاتلوها من المقاتلين الشجعان المستعدين للتضحية بأنفسهم من اجل اجتثاث حماس، فإن إسرائيل لن تسمح بأن يكون لهم موطئ قدم في غزة.
من هنا الخوف الكبير من تعهد ماكرون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي سيعطي السلطة الشرعية الدولية ضد جهود إسرائيل القمعية. يجب الذكر بان فرنسا ليست الدولة الأولى التي تعترف بالدولة الفلسطينية، وإعلان ماكرون لن يقيم في أيلول الدولة الفلسطينية. ولكن مكانتها كعضو في مجلس الأمن وفي الاتحاد الأوروبي وفي منظمات دولية، يعطي هذا الإعلان وزنا خاصا، لا سيما عندما يستند إلى التعاون مع السعودية، الحليفة المقربة من ترامب. إسرائيل التي حولت غزة إلى "قضية دولية" لن تستطيع الآن الشكوى لمن يأخذ منها العصا ويدفع قدما بحل دولي.