الغد
يديعوت أحرونوت
بقلم: يولي سيكر 27/7/2025
مرة تلو أخرى، أمام الصور التي تخرج من غزة، طافت وصعدت الشكوى المتكررة عن المشكلة الإعلامية لإسرائيل. وها هم، انظروا كيف ينشرون ويصرخون ويؤطرون ويجرون الرأي العام، ونحن نصمت صمتا مطبقا أمام العالم. "قصور الإعلام" أسموا هذا في إحدى الندوات (وفي واقع الأمر في كل الندوات التلفزيونية) مطالبين بلجنة تحقيق. لكن ليس لإسرائيل مشكلة إعلامية. المشكلة ليست الإعلام، بل أن ما يحصل الآن في القطاع لا يوجد ما يمكن الإعلام أن يشرحه. المشكلة ليست الصور التي تخرج من غزة بل الواقع الذي تصوره. لا يوجد أي شرح إعلامي مقبول -شرح يمكن للعقل البشري أن يعالجه، يهضمه، يستوعبه ويقبله- لمشهد نظرة منكسرة لطفل يتضور جوعا. أقيموا لجنة إثر لجنة، جندوا أفضل العقول التسويقية، الخطابات المتميزة، كبار التكتوكيين، فلن يجدي نفعا. هذا لا يمكن شرحه إعلاميا.
برميل التبريرات جف منذ زمن بعيد. لبرميل المعاذير، بالمقابل، لا يوجد قعر. في واقع الأمر، لعل المعاذير ليست الكلمة الدقيقة، إذ إن بعضها صحيح. نعم، يوجد في العالم تلفيق وذكاء اصطناعي ولاسامية. كم كل هذا يغير في الأمر من شيء حقا؟ صفر. إذ في نهاية النهايات عند تنظيف كل الإضافات والأثقال الزائدة، يبقى الواقع: إسرائيل تدير في غزة حربا انتهى مفعولها، أهدافها غامضة والأسباب لتواصلها سياسيا. نتائج الطمس شبه الخالد لحرب باتت تشبه أنها أصبحت أساسا كيماويا من أسس الوجود، التدميرية. فهي تدميرية لخمسين مخطوفا، تدميرية للإسرائيليين الذين يحصون المزيد فالمزيد من الضحايا، ونعم تدميرية أيضا لجموع سكان غزة الذين ليسوا قتلة حماس.
العالم لا يفهم ولا يمكن اتهامه. فالعالم لا يهمه الخلفية وظروفها، هو لا يعرف وليس معنيا برسم كعكة توزع مدى المسؤولية بين حماس وحكومة إسرائيل. كما أنه ليس لديه اهتمام خاص، صدقتموني أم لا بما يحصل عندنا هنا في الداخل، فهو لا يكترث بالاعتبارات الائتلافية وبقانون الإعفاء من التجنيد، مثلما نحن لا نكترث بأزمة الاحتياطات المالية في كندا. العالم لا يهمه السياق، العالم يرى السطر الأخير. والسطر الأخير، صحيح في صيف 2025 يبدو كصورة طفل يتضور جوعا على غلاف الديلي إكسبرس. وإذا ما تبخرت غاية الحرب الأصلية، فلا مفر أمام العالم غير الاستنتاج بأن الغاية هي تجويع الغزيين. هل هذا صحيح؟ ينبغي الأمل أن يكون لا. كم يغير هذا من شيء؟ صفر.
لأجل تغيير الطريقة التي يرانا فيها العالم لا حاجة لإعلام رسمي آخر، هناك حاجة لواقع آخر. إذا كان ما يزال أحد ما يعتقد بأنه بكلمات مصممة يمكن لحكومة إسرائيل الحالية أن تقنع العالم بعدالتها المقدسة كل الطريق الى نافيه دونالد على شاطئ غزة، وبالفعل، يوجد لي عشرة دونمات لأبيعها له أمام شاطئ غزة. كم إعلاما رسميا آخر نحتاج كي نحل هذا الإخفاق. سبعة؟ تسعة تكفي لنا؟ الجدالات الدلالية في التعابير والتوصيفات عقيمة. للانتصارات التكتيكية أمام فيرس مورغن أو في معارك تويتر لا معنى للمخطوف الذي يذوي في النفق. الواقع، فقط هو المهم. فقط أوقفوا الحرب الرهيبة الآن، على عجل، في اتفاق يعيد المخطوفين وبلوروا خطوة سياسية لتسليم قطاع غزة الخرب الى أياد تبدأ بإعماره. لن تصدقوا أي عجب سيفعله هذا للإعلام الرسمي.