الغد
هآرتس
بقلم: اهود عاين – غيل
الإنكار الأول: "لا يوجد جوع في غزة". الإنكار الثاني: "يوجد في غزة ما يكفي من الطعام للجميع. إذا كان يوجد جائعين فهذا بسبب أن حماس تسرق معظم الغذاء لبيعه بأسعار مرتفعة". الإنكار الثالث: "كل صور الجائعين في غزة هي أنباء كاذبة، دعاية مخيفة لحماس وهي من عمل الذكاء الصناعي". الإنكار الرابع: "يوجد ما يكفي من الطعام في غزة، لكن الأقوياء هم الذين يأخذون معظمه، والضعفاء مثل المرضى وكبار السن والمعوقين والنساء والأطفال، لا يتبقى لهم أي شيء". الإنكار الخامس: "جوع في غزة؟ لا يوجد أي أحد جائع، هم سمان ومعافون، كل ذلك هراءات وكذب وفرية حقيرة".
"الغيتو مليء بالخيرات". "المهربون اليهود تعاونوا مع المهربين الآريين من جهة، وتآمروا مع الحراس الألمان ورجال الشرطة البولنديين من جهة أخرى – الحي اليهودي كان يعج بأنواع الخيرات. الغلاء لم يخف أي أحد. من كان لديه المال في زمن السلب، ومن كان يكسب ما يكفيه للعيش (لم يكن نقص في هؤلاء أيضا حتى لو كانوا قلائل)، دفع المطلوب بدون أن يلتفت إلى الأسعار المرتفعة".
من الذي كتب ذلك؟ هل هو شخص ألماني ينكر الجوع أو بولندي؟ لا، هذا اقتباس أخذ من يوميات المربي والناشط السياسي الصهيوني حاييم اهارون كابلان، مع تعديل بسيط للغة الحالية ("يوميات غيتو وارسو"، إصدار دار النشر عام عوفيد). كابلان كتب ذلك في 26 شباط 1941، بعد أربعة اشهر على حبس اليهود في الغيتو. هل كان كابلان ينكر الجوع؟ لا، لكن إذا قمنا بجمع الاقتباسات من مذكراته، وقمنا بجمع حقائق بصورة منهجية، فيمكن "اثبات" انه أيضا في غيتو وارسو لم يكن يوجد تجويع ولم يكن جوع.
هاكم اقتباس سابق آخر من يومياته في 5/12/1940: "المحتل كان يريد تحقيق هدفين وهما الفصل والتجويع. الاثنان لهما هدف واحد وهو الإبادة والموت... الحي اليهودي ليس إلا معسكر اعتقال لنصف مليون إنسان، بما في ذلك الشيوخ، المرضى، النساء والأطفال؛ وهو بحكم الموقع الجغرافي محاط بالأحياء الآرية، وليست له صلة بالعالم الخارجي؛.. يحظر إدخال المواد الغذائية إليه أو أي بضائع.. في هذا الأمر يدقق المحتل القاسي في كل تفصيلة في القانون. فهو لا يسمح حتى بإدخال رغيف خبز من الخارج.. مع ذلك، العالم يتصرف كما كان دائما. حيثما يتم منع التنقل يوجد تهريب، ومن هذا التهريب نستمر في العيش. صحيح أن البضائع المهربة أغلى بعشرة أضعاف، لكن في هذا المكان لا يتوقع أن نموت من الجوع".
بعد ذلك يميز كابلان بيننا وبين الآخرين: "كما هي العادة في العالم منذ العصور القديمة فإن من يملك المال في خزينته يملك رغيف الخبز في سلته، ومن تكون خزينته فارغة تكون معدته فارغة أيضا".
"حلوى للأولاد اليهود". إذا كان الأمر هكذا فكيف سندحض ادعاءات بشأن الجوع؟ مثلا، يوزعون الحلوى على الأطفال ويوثقونهم للإثبات. في 15 شباط 1941 كتب كابلان عن ضابطين نازيين وقفا في الغيتو وهما محاطان بالأولاد اليهود الصغار. "النازيون يدسون بين حين وآخر الحلوى في أفواههم". كابلان المندهش شاهد ذلك، وبعدها لاحظ كاميرا في يد أحد النازيين، "في الوقت الذي دس فيه صديقه قطعة الحلوى في فم الطفل العبري الثاني قام بالتوثيق. عندها تم حل اللغز. لا يوجد نازي بدون سياسة، يبدو انه توجد لهم حاجة إلى صور صداقة مع أولاد إسرائيل من أجل مقال أو من أجل السياسة أو من أجل خداع الناس. كل الوسائل مشروعة.
في 1 نيسان 1941 فسر كابلان الصعوبات الوجودية لأشخاص مثله، أصحاب دخل يبلغ 150 – 200 زلوتي في الشهر: "الغلاء يمتص نخاع عظامنا. ببساطة ضعفت قوتنا، كيلو الخبز بـ 5 زلوتي، كيلو اللحم بـ 12 زلوتي، كيلو البطاطا بـ 1.5 زلوتي، كيلو البصل بـ 3.5 زلوتي. حسب نفس القيمة السلع الاخرى". هو يحسب "وجبة متوسطة" لعائلة تتكون من أربعة أفراد سعرها 12 زلوتي، أي راتب يوم. النتيجة هي: لا توجد لدينا تغذية كافية.
مخزون من الطعام والماء. إضافة إلى شراء السلاح، حدثت في الغيتو أعمال كثيرة لبناء مئات المخابئ والأنفاق. "في أشهر تشرين الثاني – كانون الأول 1942 بدأ بناء محموم للمخابئ، التي تم إعدادها لفترة البرد، مع حساب أنه يمكن التواجد فيها لأشهر كاملة. المخابئ بنيت في الأقبية أو في أحد الطوابق. لقد كانت مخابئ تم إنفاق عليها عشرات آلاف الزلوتيات. وقد تم تركيب خزانات للغذاء والمياه النقية لأشهر كثيرة. في بعض الأماكن حفرت آبار ارتوازية. أيضا بعد سنتين ونصف على تجميع يهود وارسو ومحيطها في غيتو تحيطه الأسوار والتجويع المنهجي الذي أدى إلى موت 80 ألف شخص بسبب الجوع والمرض، وبعد طرد أو قتل معظم سكان الغيتو في العملية الكبرى، بقي في الغيتو اليهود الأثرياء والإمكانية لتخزين الغذاء والمياه لأشهر..