إيال زمير.. العدو الجديد
الغد
هآرتس
أسرة التحرير
في غضون نصف سنة، تحول رئيس الأركان من عزيز اليمين الى متهم "بالتمرد وبمحاولة انقلاب عسكري يناسب جمهورية موز في أميركا اللاتينية في السبعينيات" (مثلما ألمح ابن - بوق رئيس الوزراء في الشبكات الاجتماعية). في ماذا أجرم إيال زمير؟ في حقيقة أنه عكس للحكومة الواقع وتجرأ على التحذير من أن احتلال غزة سيكلف حياة المخطوفين، وحياة جنود الجيش، وسيدخل إسرائيل الى وحل لسنوات؟ ليس هذا إلا أن تعين الحكومة رجلا مهنيا، لكنها تطالبه بأن يكون ختما لكل أمانيها ونزواتها.
بنيامين نتنياهو وشريكاه بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير يبثون للعالم أن في نظرهم رئيس الأركان ليس قائد جيش بل رجل آلي بجهاز تحكم من بعيد. تفكره لا يهمهم. هم يعرفون كل شيء بشكل أفضل من الجميع. من ناحيتهم، وظيفة رئيس الأركان ليس أن يعكس الواقع، بل أن يعرض على الحكومة صورة معدلة تريد هي أن تراها. إذا لم يكن زمير مستعدا لأن يستجيب للحكومة بطاعة عمياء وصامتة، ويتجرأ على أن يعكس الأثمان والنتائج الحقيقية لـ"خططها" -فإنهم يشيرون إليه أين الباب. "إذا كان هذا لا يناسب رئيس الأركان - فلستقيل" (مثلما نقل عن "مصدر سياسي").
حتى لو أزيل زمير عن الطريق في نهاية الأمر، وعين مكانه بديل مهني، فإنه هو أيضا لن يصمد لزمن طويل، إلا إذا عمل بلا تفكر. إلا إذا في مثل هذا الوضع لم يصمد الجيش الإسرائيلي نفسه. احتلال غزة ليس "حسما" بل غطسا واعيا الى فخ من الوحل. عمليا، يدور الحديث عن حكم موت للمخطوفين ومخاطرة بحياة الجنود بعد نحو سنتين من الحرب والخسائر الفادحة بالأرواح - وليس هذا فقط، بل يدور الحديث عن مواصلة قصف سكان غزة المسحوقين وكل هذا أمام عيون العالم المذهول. فضلا عن ذلك، ستضطر إسرائيل الى إقامة حكم عسكري في القطاع (بعد أن سواه الجيش الإسرائيلي بالأرض) ولإدارة حياة السكان الكثيرين الذين يعيشون فيه.
يواصل نتنياهو كل الوقت بيع "الحسم" كي يبرر كل إحباط لصفقة محتملة. يدور الحديث عن حملة إعلامية بكل معنى الكلمة، وهدفها ليس إلا تحقيق بضعة أشهر أخرى من تشتيت العقل. وعليه، فإن كل من يتجرأ على أن يكفر بأهداف الحملة الإعلامية ويعرض أسطورة الواقع أمام عيون الجمهور - يهددون بإزالته عن الطريق. عندما يقول رئيس الأركان للوزراء إن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يدير مليوني لاجئ جائع، يصرخ عليه سموتريتش بأنه "فاشل". عندما يذكر زمير بأن الاحتلال سيستغرق سنوات يسارعون لطرح أسماء لبدائل له - وكأن تبديل رأس الجيش هو حل سحري.