Thursday 20th of February 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Feb-2025

رب البيت جن جنونه

 الغد

يديعوت أحرونوت
بقلم: ناحوم برنياع   17/2/2025
 
 
 
أيام مصيرية تمر علينا، مسيحانية. يخيل أنه حتى المعجبين بترامب لم يتوقعوا مسبقا كم هي مسيحانية. فلأول مرة يتولى في الولايات المتحدة رئيس ليس فقط وديا لإسرائيل، ليس فقط صهيونيا في نظر نفسه، بل كهاني حقيقي. في تصريحاته في نهاية الأسبوع، شجع ترامب حكومة إسرائيل على تبني إنذاره، وإنزال الجحيم على غزة إذا لم تحرر حماس كل المخطوفين فورا. نتنياهو لم يعرف ما يفعله بكل هذا الخير -هل يأمر الجيش أن يدخل مجددا إلى قتال نتيجته المؤكدة الوحيدة هي موت المزيد فالمزيد من المخطوفين، بذنبه، أم أن يظهر ضعيفا وجبانا في نظر رئيس يحتقر الضعفاء. سارع لأن ينشر تصريحا مليئا بالثناء على ترامب، على أمل أن يشتري له التملق وقتا.
 
 
كل رئيس أميركي من هاري ترومان حتى جو بايدن سعى، بدوره، لأن يلجم خطى إسرائيل تجاه الطرف العربي. أحيانا بتهديد صريح مثل آيزنهاور في 1956، أحيانا بخليط من العصي والجزر، مثل نيكسون في حرب يوم الغفران، مثل بوش الأب في حرب الخليج، مثل بوش الابن في حرب لبنان الثانية، ومثل سلسلة من الرؤساء الديمقراطيين الذين رأوا بعين سيئة اتساع المستوطنات وسلوك إسرائيل في المناطق (الضفة الغربية).
وها هو يقوم كرئيس يفكر ويتصرف بشكل مختلف. إذا كانت غزة بمليوني سكانها هي مشكلة فسنوزع سكانها على دول أخرى. مائة سنة وأكثر يستوضح يهود وعرب مسألة الترحيل، يتجادلون في جوانبها الأخلاقية، القانونية والعملية، ولا يصلون إلى الفهم. جاء ترامب وحل المشكلة بجملة واحدة: الجيش الإسرائيلي يطهر القطاع، الولايات المتحدة تسيطر، السعوديون يدفعون والريفييرا تبنى. في غضون بضع سنوات ستكون غزة نيتسا والنصيرات أنتيف.
هكذا أيضا تحرير المخطوفين؛ هكذا النووي الإيراني: My way or the Highway، يقول ترامب للعالم كله. أدخلت هذه الجملة الى تطبيق الذكاء الاصطناعي الى محمولي، وطلبت أن يعود إلي مع خطاب ترامب. وترجمت خلاصة الجواب على النحو الآتي: "هكذا نحن نقوم بالأمور: كفى للضعف، كفى للتأجيل - فقط نصر لم يسبق أن كان له مثيل. إذا كنتم تصرون على طريقكم، فأنتم تعرفون إلى أين ستصلون في النهاية. أميركا أولا!".
ثمة سحر ما في ممارسة ترامب للقوة: العالم مليء بمشاكل معقدة لا ينجح أحد في حلها. جاء ترامب، ومثل الكسندر المقدوني في قصة مؤامرة الصمت يمتشق سكينا ويقطع. صحيح، يقول بعض من مؤيديه، تهديداته لا تنسجم وقواعد الحكم السليم والتقاليد الدبلوماسية. لكنها تخلق جدلية إيجابية: بداية صدمة بل وحتى فزع، بعد ذلك معارضة وفي النهاية حل.
لعبته خطيرة، يحذر معارضوه. من أن يقوض القيم الأساس للديمقراطية، الأمر الذي سيؤدي الى عدم الاستقرار في العالم: هو يلعب بالنار. أخشى أن يكونوا محقين.
الترامبي الأكثر حماسة في حكومة إسرائيل هو بتسلئيل سموتريتش. في نهاية الأسبوع، روى بأن طواقم مشتركة من حكومة إسرائيل وإدارة ترامب تعمل على تنفيذ خطة الترحيل للعرب في غزة. التنفيذ سيبدأ ببطء ويتواصل بكل القوة.
رؤية سموتريتش نعرفها: حرب مع العالم العربي والإسلامي، فيها بمعونة الرب وبإسناد أميركا، تبيد إسرائيل كل أعدائها وتحظى بمجيء المسيح وإقامة مملكته. رؤية ترامب متبلورة أقل. هو يستمد إلهامه من معارك قديمة لرعاة البقر ضد الهنود الحمر. البيض محقون ومنتصرون؛ الحمر أشرار ومهزومون. في النهاية يتوطن المتبقون في محميات ويسمح لهم بنيل الرزق من الكازينوهات. لكن القرن الـ21 ليس القرن الـ19، الفلسطينيون ليسوا الهنود الحمر والشرق الأوسط ليس الغرب القديم - هو قنبلة نووية موقوتة. بدلا من مساعدة نتنياهو على الاستقرار على أرض الواقع، ترامب يدفعه الى الحد الأقصى. هذا يحصل أيضا في الانقلاب النظامي: نتنياهو عاد من أميركا بقرار لأن يطبق هنا كل ما يمليه ترامب هناك. هذا هو الميل: من دولة قوية، عزيزة، أصبحنا ترامبولينا.
ترامب يمكنه أن يغير رأيه: أن يفرض فجأة على نتنياهو أن يوافق على المرحلة الثانية في اتفاق المخطوفين ويمنعه من استئناف القتال؛ التوقيع على اتفاق نووي مع إيران يكون مناقضا لمصالح إسرائيل. بالنسبة له الشرق الأوسط هو حقل تجارب؛ بالنسبة لنا هو حياة وموت: هذا كل الفرق.