(المولد النبوي) تنوير طريق الأمة نحو مستقبلها وقيم خالدة ونقطة تحول في مسار الإنسانية
بترا - الراي -
تحيي الأمة الإسلامية في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام ذكرى المولد النبوي الشريف، وهي مناسبة إيمانية جليلة نستحضر فيها سيرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وما حمله من قيم الرحمة والهداية والتسامح.
وقال عدد من المختصين في الشريعة الإسلامية والتاريخ في محافظة معان، إن هذه الذكرى المباركة تشكل فرصة لتجديد الارتباط بالنبي عليه الصلاة والسلام، واستلهام معاني رسالته في نشر المحبة والسلام وتعزيز القيم الإسلامية والأخوة الإنسانية.
وقال مفتي محافظة معان الدكتور عبد الرؤوف آل خطاب، إن ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم تبعث الفرح في نفوس المؤمنين، مبينا أن الفرح برسول الله ثابت بالكتاب والسنة وفعل الصحابة، حيث قال تعالى: «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا» (يونس: 58)، موضحا أن فضل الله هو العلم ورحمته محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأشار آل خطاب إلى أن إحياء هذه الذكرى يعبر عن الشكر لله على أعظم نعمة أنعم بها على البشرية وهي بعثة النبي، لافتا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين فرحا بذكرى مولده، حيث قال: «ذلك يوم وُلدت فيه وأنزل عليّ فيه» (رواه مسلم).
وأكد، أن مظاهر الفرح بالمولد النبوي كثيرة، ومنها الصيام وذكر الله وقراءة القرآن والدعوة إلى سنته، مستدلا بقول الله تعالى: «وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ» (إبراهيم: 5)، مبينا أن من أعظم أيام الله ميلاد الرسول الكريم، الذي يشكل مناسبة لإحياء القيم النبيلة التي جاء بها.
وأكد مدير أوقاف معان باسم الخشمان، أنه بمناسبة مولد خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، نستذكر سيرته العطرة وأخلاقه العظيمة ورسالته السامية، لنغرس في القلوب معاني الرحمة والهداية، مشيراً إلى أن هذه الذكرى تشكل فرصة للتأمل في هديه الشريف في بناء مجتمع متماسك يسوده الحب والوئام، داعياً إلى تجسيد هذه القيم في حياتنا اليومية عبر التعاون ونشر الخير، والعمل على أن تكون سيرته منهجاً يُحتذى في سلوكنا وأخلاقنا، ليظل نور هدايته نبراساً لأجيال الحاضر والمستقبل.
وأوضح أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة الحسين بن طلال الدكتور فرج الزبيدي، أن الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشكل مناسبة لاستذكار سيرة المصطفى، والدروس والعبر والأخلاق والقيم التي جاء بها، بما يساهم في تصحيح مسار الفكر والسلوك، وجعله موافقا لشريعة الله وإرادته.
وأشار الزبيدي إلى أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم كان إيذانا ببداية عهد جديد للبشرية، قائم على العدالة الاجتماعية، ومكارم الأخلاق، والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأجناسهم، مؤكداً أن إحياء ذكرى المولد يكون بفهم حقيقة الإسلام السمحة، وتعزيز قيم التسامح والتعايش مع الآخرين، خصوصاً في ظل موجات التعصب والعنف الطائفي والمذهبي التي يشهدها العالم اليوم.
ويقول الباحث في التاريخ والتراث الشعبي عبد الله آل الحصان، إن مدينة معان كانت إلى وقت قريب تحتفل بالمولد النبوي الشريف من خلال التجهيزات التي يقوم بها الأهالي من خلال تجهيز ساحة في حي الشامية تُسمّى «ساحة المولد» نظرا لكونها مخصصة لهذا الاحتفال، حيث يضعون الأعلام والزينة وحبال الإنارة ويصفون المقاعد ويزينون الجدران بسعف النخيل.
وقال مفتي الكرك الدكتور وليد الذنيبات، إننا في هذه المرحلة الحساسة والحرجة والعاصفة بالأمة، وفي ظل ما يعانيه الواقع العربي وعلى رأسه فلسطين والأهل في غزة هاشم من عدوان وظلم. ومع حلول ذكرى المولد النبوي، فمن المهم الاحتفاء بهذه الذكرى لما لها من أهمية في تعزيز الارتباط بالله وبرسوله صلى الله عليه سلم، فالأمة في هذه المرحلة بحاجة إلى العودة الصادقة إلى القرآن الكريم لتتعرف على رسول الله، المعرفة الحقيقية والصحيحة ولتتعرف على رسالته التي أتى بها من عند الله لتستطيع التغلب على أعدائها.
وقال مدير أوقاف الكرك الدكتور حمدو المعايطة، إن الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة فرصة لتقييم أعمالنا وسلوكياتنا للاقتداء برسول الله في بنائه للمجتمع المسلم القائم على التآخي والتراحم والتسامح والتعاون وأن نقتدي به في مجالات وشؤون حياتنا كافة.
وأكد عميد كلية الشريعة في جامعة مؤتة الدكتور محمود المعايطة، أهمية الاحتفال بذكرى مولد النبي وما تحمله من دلالات كبيرة ورسائل مهمة في العودة إلى الله والاقتداء بسيرة خاتم الأنبياء والمرسلين العطرة والسير على نهجه القويم.
وأشار الأكاديمي الفقهي الدكتور عزام الشمايلة، إلى أن ذكرى مولد خير الأنام صلى الله عليه وسلم، منطلق لترسيخ المبادئ الإلهية والهوية الإيمانية، بما يعنيه الانتماء للإسلام من الالتزام العملي والسلوكي والنهضة الحضارية، وترسيخ مفهوم الاتباع والاقتداء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فيما أوضح الشيخ مصعب العساسفة أن المولد النبوي يمثل محطة إيمانية تستنهض الهمم، وتذكر المسلمين بفضل الله عليهم بإرساله خاتم الأنبياء، داعيا إلى أن تكون المناسبة فرصة لتجديد العهد بالسير على خطى النبي، للفوز بشفاعته يوم القيامة.
من جهته، رفع مدير مديرية أوقاف المزار الجنوبي الدكتور أحمد الشمايلة وكافة العاملين في المديرية من أئمة وخطباء ومؤذنين وإداريين أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، وولي عهده الأمين، سائلين المولى أن يديم على الأردن نعمة الأمن والاستقرار.
كما تقدم رئيس لجنة بلدية مؤتة والمزار الدكتور عبدالله العبادلة وأعضاء اللجنة وموظفو البلدية بالتهنئة بهذه المناسبة المباركة، مؤكدين أنها ذكرى ميلاد النور والهدى، ومشيرين إلى معاني الرحمة التي جسدها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حياته وسيرته العطرة.
من جانبها، هنأت جامعة مؤتة برئاسة الدكتور سلامة النعيمات وأسرة الجامعة بجناحيها العسكري والمدني جلالة الملك وولي عهده والأردنيين بهذه الذكرى، مستحضرةً القيم النبوية العظيمة في الهداية والعدل والرحمة، ومؤكدةً التزامها برسالتها الوطنية في خدمة العلم والمعرفة، وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.
وفي السياق ذاته، رفع مدير التربية والتعليم للواء المزار الجنوبي الدكتور علي الفقرا والأسرة التربوية أسمى مشاعر التهاني والتبريكات إلى جلالة الملك وولي عهده الأمين، داعين الله أن يحفظ الأردن وقيادته الهاشمية، وأن يديم على الوطن وأهله نعمة الأمن والأمان.
وقال مدير أوقاف عجلون الدكتور صفوان القضاة، إن مناسبة المولد النبوي محطة سنوية متجددة للتأكيد على محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتجديد الالتزام بهديه وسنته، مبيناً أن الاحتفال بهذه الذكرى العطرة يتجاوز الطقوس الشكلية ليعبر عن استلهام القيم النبوية في السلوك اليومي، لا سيما قيم التسامح والتكافل والتعاون بين أبناء المجتمع.
وقال مفتي محافظة عجلون الدكتور محمد بني طه، إن ميلاد النبي الكريم، هو ميلاد للنور والهداية، حيث أخرج البشرية من الجهل إلى العلم، ومن الفرقة إلى الوحدة، مؤكداً أن استحضار هذه الذكرى العظيمة يستوجب من المسلمين العودة إلى جوهر الرسالة المحمدية المتمثلة في الرحمة والوسطية، خاصة في ظل ما يشهده العالم من نزاعات وتحديات فكرية وثقافية.
وأشار الأكاديمي الدكتور حسين الربابعة، إلى أن السيرة النبوية، تمثل مرجعاً حضارياً شاملاً يمكن استلهامه في مواجهة تحديات العصر، موضحاً أن التجربة النبوية في بناء الدولة اعتمدت على أسس راسخة، مثل الشورى والعدالة والمساواة وهي مفاهيم لبناء مجتمعات مستقرة ومتوازنة.