الغد
هآرتس
اوري مسغاف
ضابط مخضرم خدم مئات أيام الاحتياط في غزة، وهو غير مشتبه فيه باليسارية الزائدة، كتب لي في الأسبوع الماضي: "غير واضح ما الذي يريدون منا تحقيقه، ما هو الهدف. الجميع هنا يعرفون ذلك. يبدو أنهم ببساطة يرفعون قيمة الرهان على الطاولة، لكن يدهم ضعيفة جدا". هذا يذكرني بـ "لعبة البوكر الدموية"، مقال التنبؤ ليوئيل ماركوس الذي نشر قبل أقل من شهر على الغزو الأول للبنان ("هآرتس"، 14/5/1982).
ماركوس كتب في حينه: "هذه الحكومة تنوي الخروج عن طورها السياسي. هي تقامر بمصير الدولة في لعبة بوكر دموية. لا يوجد أي مبرر لشن الحرب. دولة إسرائيل شنت الحروب في السابق فقط عندما تعرض وجودها للخطر".
نحن على عتبة كارثة. تعديل: نحن منذ فترة طويلة في داخل كارثة، لكن المرحلة القادمة المخطط لها تحطم الرقم القياسي للحضيض. نتنياهو يعرف ذلك. فقد رأى في هذا الأسبوع استطلاعات عميقة أصابته بالصدمة. الدعم لصفقة مخطوفين ومعارضة احتلال غزة من جديد حتى تعمقت في أوساط قاعدته. في أوساط الجمهور الواسع هذا في الأصل ليس سؤالا.
لكن نتنياهو لا يتخذ القرارات من خلال العقلانية، المصالح القومية أو مجرد أخذ الرأي العام في الحسبان. هو مأسور في يد بن غفير وسموتريتش وستروك، ومقيد بوعود عبثية نثرها عن ترامب الصبياني، الذي تحمس من هراء النصر المطلق الذي سيؤدي إلى إنهاء الحرب ويمكنه من إدخال رجال أعمال أميركيين كبار إلى غزة الفارغة والمستسلمة، الذين يستطيعون كسب المليارات من الإخلاء– البناء. خطابات نتنياهو وأفلامه الأخيرة تبث مزيجا غير معقول من جنون العظمة ولعب دور الضحية والنرجسية والجنون. من يشبه نفسه بتشرتشل وذهب في هذا الأسبوع إلى الصف الأول في الناصرة العليا على انغام فرقة موسيقية عزفت "دافيد ملك إسرائيل"، نقل جلسات الكابنت والحكومة إلى الحصن النووي الذي تم حفره في الجبال خوفا من الحوثيين. من المثير معرفة ماذا كان سيفعل أمام الغارات الألمانية أو جوليات الفلسطيني. لا يمكن الدخول تحت قيادته الضعيفة الى حمام الدماء الذي ينتظرنا في غزة. في الجيش الإسرائيلي يقدرون ان هذه العملية ستستغرق سنة وستكلف حياة 100 جندي. في نهاية الأسبوع الماضي سقط الجندي 900، بعد ذلك ربما سيكون بالإمكان وصول العدد الى 1000. ولكن هذا بالطبع تقدير ناقص. يجب إضافة إليه الـ 20 مخطوفا الذين سيقتلون، والمنتحرين الذين لم يتم إحصاؤهم، ومئات المصابين وآلاف المدنيين والأطفال الغزيين. ولأننا سنضطر أيضا الى البقاء هناك بعد العملية في إطار الفتنمة واللبننة، فسيكون لدينا عدد من القتلى أكبر من التوقعات الأولية.
الإسرائيلي العادي لا توجد لديه أي فكرة عن الأهلية المتدنية التي يوجد فيها الجيش الإسرائيلي المتعب والمتآكل: من ناحية الوسائل القتالية، الدبابات وناقلات الجنود المدرعة– والأكثر خطورة من ناحية القوة البشرية. الثقل الأساسي في القتال سيتم إلقاؤه على أكتاف الجيش النظامي، لأنه يجد صعوبة كبيرة في الرفض، أو ببساطة، عدم الامتثال. الجنود النظاميون اصبحوا متعبين تماما بعد سنتين من الحرب.
الإعدادات والتدريبات تم تقصيرها وتخفيضها، الانضباط والأمان والحذر في حالة تدهور. تزايد الحوادث ليس صدفيا، والكثير من الأحداث التي لا تنتهي بالموت لا يتم الإبلاغ عنها، وبصعوبة يتم التحقيق فيها. الجيش يمكنه إدخال من أنهوا التدريب الأولي إلى القتال، ومن لم يكملوا حتى تدريبا متقدما في المهن الميدانية التي يجب عليهم تنفيذها، وخريجي مدرسة التدريب 1 الجدد خلال دورة ضباط لسلاح المشاة. يمكنكم تخيل كيف سيكون ذلك. لا يوجد إجماع على هذه العملية اللعينة، بل على العكس، يوجد إجماع ضدها، باستثناء المسيحانيين وقسم من البيبيين. من الجنون أن هيئة الأركان والخاضعين لها على استعداد للدخول إلى هذه الحرب في الظروف التي وصفت أعلاه. يجب فعل كل شيء لمنعها. هذا اختبار لتحديد الصهيونية والإسرائيلية. هذه الأهداف تهدف إلى إقامة وطن قومي لليهود والحفاظ عليه في حدود معترف بها دوليا وقابلة للدفاع عنها، وليس إقامة اسبارطا حديثة لليهود الجهاديين المجانين بقيادة عائلة مضطربة ومنفصلة تجرنا نحو الهاوية. يجب علينا وقفهم.