Friday 5th of September 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Sep-2025

احتلال غزة كبرنامج واقعي

 الغد

هآرتس
 
 
بقلم: تسفي برئيل
 
ما الذي نعرفه عن خطة احتلال غزة؟ كم ستستغرق؟ ما هو حجم المنطقة التي سيتم احتلالها وكم سنة ينوي الجيش الإسرائيلي التواجد هناك؟ كم جنديا سيشارك في هذا المشروع وكم عدد الجنود القتلى الذين يقدر الجيش الإسرائيلي أنهم سيكونون ثمن هذا الاحتلال؟ كم عدد المخطوفين؟ ما التكلفة المباشرة لهذه العملية وكم ستكلف الاقتصاد؟
 
 
الجمهور لم يحصل على أي جواب منظم عن أي سؤال من هذه الأسئلة. المعلومات الوحيدة هي من ثرثرة بعض الوزراء والاحاطات التي تقدمها جهات رفيعة، غير معروفة، في الحكومة وفي الجيش، وهي معلومات تبدأ وتنتهي برزمة شتائم يتبادلها متخذو القرارات فيما بينهم. النتيجة هي أنه بالنسبة للجمهور، الحرب في غزة أصبحت اختبار ثقة لـ"الرواية"، من دون صلة بالحقائق. بناء على ذلك، فإنه مطلوب من الجمهور تقرير ليس ما يؤمن به، بل من رئيس الأركان ايال زمير أو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والعصابة المحيطة به. هذه معضلة مخيفة. هي تقوض الفرضية الأساسية، أن إسرائيل هي دولة ديمقراطية وجيشها يخضع للمستوى السياسي، من هنا فإنه لا يجب أن يكون لمسألة الثقة بالمستوى الأمني أي اعتبار.
لكن احتلال غزة انفصل منذ فترة عن النقاش العقلاني حول احتمالية النجاح أو الفشل أو تحديد الأهداف، وهو الآن يشبه لعبة واقعية فيها للكاريزما الشخصية دور حاسم. من جهة، رئيس الأركان الذي يحظى بصورة الشخص المستقيم والعقلاني، والذي يبث القلق الصادق على مصير المخطوفين وحياة الجنود، لكنه أيضا لا يخشى من السماح بالقتل الجماعي للنساء والأطفال والشيوخ في غزة. ومن جهة أخرى، رئيس الحكومة المعروف بأنه كذاب وجشع ومتحايل، ويظهر الاستخفاف بحياة المخطوفين. باختصار، ثقة الجمهور وتأييده لاحتلال غزة، يرتبطان من الآن فصاعدا بانتصار الصورة و"اختيار المشاهدين"، بين "طيب القلب" و"الزعيم الأعلى".
هذه ليست منافسة بين خصوم، لأن "رئيس الحكومة" -هو مفهوم جماعي يمثل عصابة وحشية لا كوابح لها، يتحدث للجمهور، وينشر تنبؤات ومعطيات كاذبة ويعد بانتصارات وهزائم مطلقة. في حين أن رئيس الأركان يجب عليه إغلاق فمه. هو مقيد بقواعد الإدارة السليمة وأسس الديمقراطية، وهو غير مخول بالتوجه مباشرة للجمهور من أجل عرض عليه الخطة العسكرية وثمنها، وعرض موقفه وأفكاره.
في الدولة الديمقراطية المعقولة هذا هو ترتيب الأمور الصحيح. في مثل هذه الدولة، رئيس الحكومة هو الذي يجب عليه أن يقوم بإلقاء خطاب "الدم والعرق والدموع"، الذي سيقول فيه الحقيقة لمن يتوقع أن يضحوا بحياتهم وحياة أعزائهم. لكن لدى نتنياهو "بطاقة الثمن" شطبت. لا يوجد قتلى أو نفقات أو "حروف صغيرة". احتلال غزة بالنسبة له هو هدية مجانية يعطيها الحاكم لمواطنيه. وهو لا يريد ألا نثق به ونصدقه، إن كل شيء سيكون على ما يرام.