Monday 10th of February 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Feb-2025

هل هناك رابط بين أحلام ترامب في غزة وريفييرا صهره كوشنر في ألبانيا؟
– “القدس العربي”:
 
إبراهيم درويش
 

نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا أعده نيك سكواير قال فيه إن حلم دونالد ترامب بإنشاء “ريفييرا في غزة” يحدث الآن في ألبانيا فمخالب آل كوشنر امتدت إلى الجزيرة الوحيدة التابعة لألبانيا.

وجاء في التقرير أن طيور مرزة المستنقعات تحلق عبر مرج من العشب البني، وتنطلق طيور فلامنغو أو النحام مثل الأسهم الوردية فوق بحيرة ياقوتية، على مدى البصر وعن بعد يطلق ابن آوى الذهبي عواء. وتمتلئ هذه الزاوية الهادئة من ألبانيا بالحياة البرية، وتشعر وكأنها عالم بعيد عن الدمار المروع الذي حل بقطاع غزة. ومع ذلك هناك خيط يربط بينهما.

وقد تعرض دونالد ترامب لإدانة واسعة النطاق هذا الأسبوع عندما زعم أنه سيعيد تطوير قطاع غزة المليء بالأنقاض ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط” البراقة.

تعرض دونالد ترامب لإدانة واسعة النطاق هذا الأسبوع عندما زعم أنه سيعيد تطوير قطاع غزة المليء بالأنقاض ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط” البراقة

وقال إن غزة سيقدمها الإسرائيليون إلى أمريكا بعد تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر ومناطق أخرى. وسيتم تحويل المنطقة إلى “واحدة من أعظم مشاريع التطوير الباهرة من نوعها على وجه البسيطة”. وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان جالسا إلى جنب الرئيس قائلا: “هذه أحسن فكرة سمعتها”.

وكان المقترح غريبا، مع أن واحدا من أفراد دائرته المقربة طرحه من قبل. فقد تحدث جاريد كوشنر، مستشاره السابق وصهره المتزوج من ابنة ترامب إيفانكا، الفكرة أمام جمهور في جامعة هارفارد في شباط/فبراير 2024 قائلا إن غزة تمثل “أرضا عقارية ثمينة على البحر ويمكن أن تكون مركزا للسياحة”.

 ومع أن هذه الخطط تبدو مستحيلة على بعد مئات الأميال من قطاع غزة الذي مزقته الحرب إلا أنه يحقق نجاحا في رؤيته العقارية. وقد حصل كوشنر على موافقة مبدئة لبناء مجمع سياحي ضخم على مساحة من الأرض البكر على البحر قرب مدينة فلوري الألبانية. وفي الوقت الحالي تعتبر المنطقة خليطا ساحرا من غابات الصنوبر والبحيرات والشواطئ الرملية والأراضي الحرجية والمنحدرات، خالية من الطرق الإسفلتية. وتعشش طيور الكروان في الكثبان الرملية، وتجوب طيور البجع والعقاب السماء. وترعى قطعان صغيرة من الماشية الهزيلة على سفوح التلال، وهناك قطيع من الأغنام يحرسه قطيع من الكلاب الشرسة. لكن هذه المناظر ستتغير بشكل كامل.

وتظهر الرسوم التوضيحية الفنية أن المشروع الذي تبلغ تكلفته 1.4 مليار يورو (1.2 مليار جنيه إسترليني) سيحول المنطقة إلى فنادق مستقبلية وفيلات أنيقة وحمامات سباحة وأرصفة لليخوت وطرق. وهذا ليس كل شيء؛ يروج آل كوشنر لمشروع تطوير ثان على جزيرة على بعد أميال قليلة من الشاطئ. فقد كانت جزيرة سازان، الجزيرة الوحيدة قبالة ساحل ألبانيا، قاعدة غواصات سوفييتية خلال الحرب الباردة. وسيتم تطويرها وتحويلها ببناء شقق حديثة من الخشب والزجاج تطل على البحر.

وحصلت مشاريع كوشنر على دعم حماسي من رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما والذي يحكم البلاد منذ أكثر من عقد. وقال في العام الماضي “نريد رفاهية كما تريد الصحراء المياه”. وفي الشهر الماضي، منحت حكومته الضوء الأخضر للتطوير على جزيرة سازان، التي كانت لعقود من الزمان موقعا عسكريا معزولا محظورا. وأعلنت الحكومة أن مشروع آل كوشنر هو “استثمار استراتيجي”، وأصدرت أمرا رئاسيا في كانون الأول/ديسمبر بإزالة الجزيرة من قائمة الأصول العسكرية الوطنية، مما مهد الطريق لمنح ترخيص التطوير. كما عدلت الحكومة قانونا لتسهيل بناء المقاولين في العقارات الراقية بمناطق كانت محظورة في السابق.

يشعر العديد من الألبان بالفزع إزاء احتمال تطوير الجزيرة والساحل القريب، قائلين إن هذا يشير إلى أن الحكومة الألبانية تمنح عائلة كوشنر معاملة خاصة كوسيلة للتقرب من ترامب

ويشعر العديد من الألبان بالفزع إزاء احتمال تطوير الجزيرة والساحل القريب، قائلين إن هذا يشير إلى أن الحكومة الألبانية تمنح عائلة كوشنر معاملة خاصة كوسيلة للتقرب من ترامب. ويرى المدافعون عن البيئة أن الساحل البحري هو جزء لا يتجزأ من دلتا نهر فوسي، ويعتبر من آخر المناطق البرية التي لم تقم عليه السدود ويمتد من جبال بيندوس في اليونان إلى البحر الأدرياتيكي.

ويقول خبير الطيور وحماية والحفاظ على المناخ الطبيعي في ألبانيا، جونب فوربسي “من المفترض أن تكون هذه المنطقة فضاء محميا ولكن الحكومة فتحتها بدلا من ذلك للبناء”. و”يقوم مشروع كوشنر على بناء 10,000 غرفة في فندق وفلل والتي تعني ما بين 20,000- 30,000 سائح. وهم يقومون من ناحية عملية بإنشاء مدينة جديدة”، و”بدلا من أن تكون واحة طبيعية ستتحول إلى منطقة حضرية أخرى”. و”تقول الحكومة إنها ستتخذ الإجراءات من أجل تخفيف الضرر على البيئة ولكننا نتحدث عن تحول: سيتم تقليص كل النظام البيئي”.

ويخشى خبراء البيئة من أن تؤدي أضواء الفنادق والشوارع إلى تعطل تكاثر السلاحف البحرية. وقد يؤدي هذا التعطيل إلى هجرة بعض أنواع الطيور البالغ عددها 240 والتي تم تسجيلها في المنطقة، والتي تتراوح من الطيور ذات الأجنحة السوداء إلى طيور أبو ملعقة والبوم الصغير. وقد سجل خبراء المحميات الطبيعية ما يصل إلى 5,500 من طيور الفلامنغو في المنطقة، فيما يعتقد أنها أكبر تجمع سكاني للطيور من هذا النوع في البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب 130 طائر بجع دالماسي.

 وكجزء من الاستراتيجية، يجري العمل على بناء مطار دولي في موقع مهبط طائرات عسكري سابق إلى الشمال من فلوري. وقد تم تشييد هيكل المطار، وتعمل الجرافات على وضع الحصى لأساسات المدرج الذي يبلغ طوله ميلين والذي سيكون قادرا على استقبال الطائرات طويلة المدى. وبحلول الوقت الذي يتم فيه افتتاحه، سيتعامل مع ما يصل إلى 750,000 سائح سنويا. وتعلق سبانغبورغ: “بالنسبة لكوشنر، فإن هذا المطار هو حلم. سيتمكن الناس من السفر جوا مباشرة من أمريكا”. ومن المرجح أن يحفز المطار المزيد من التنمية السياحية. وهذا يعني مطالب ضخمة على إمدادات المياه.

يعتقد بن أندوني، المحلل السياسي الألباني، أن قرار الحكومة بمنح وضع الاستثمار الاستراتيجي لمشروع كوشنر بعد شهرين فقط من إعادة انتخاب دونالد ترامب كان محاولة لكسب ود الإدارة القادمة

وتريد السلطات استخراج المياه من نهر شوشيتش، أحد روافد نهر فيوسي البري. ويقول ليونارد سونتن، عالم الأحياء ومدير المشروع في “يوروناتور” إنه “أحد أجمل الأنهار التي صادفتها على الإطلاق. ووضعته كشاشة على هاتفي، إنه حافل بالأسماك. ولكن خططهم لتحويل المياه من المنطقة تعني أنها سوف تجف في الصيف”.

وينفي كوشنر وداعموه الادعاءات بأن مشاريعهم ستكون مدمرة للبيئة. وقال لصحيفة “واشنطن بوست” إن المشاريع ستكون “مستدامة للغاية” وإنها “ستحترم جميع المتطلبات البيئية”. وأكد أشر أبهيسرا، الرئيس التنفيذي لشركة العقارات التابعة لكوشنر، “أفينيتي جلوبال ديفيلوبمنت”، على أن المشاريع سوف “تعزز” المنطقة.

 ورغم المعارضة هناك من يدعم المشروع، يقول هؤلاء: “طالما نحصل على بعض المال، فنحن سعداء بالمنتجع. لدينا أرض غير مستخدمة لذا فنحن مستعدون لبيعها. اعتدنا على زراعتها ولكن لا أحد من الشباب هنا يريد العمل في الزراعة”.

 ويأمل إرمال دريدا، عمدة مدينة فلوري القريبة، التي تقع على بعد أميال قليلة من الساحل، أن تجلب التطورات الوظائف والثروة التي تشتد الحاجة إليها إلى المنطقة. وقال مؤخرا: “نريدها أن تكون وجهة سياحية رائدة، شيئا فريدا، ولكن أيضا مستداما”.

 ويعتقد بن أندوني، المحلل السياسي الألباني، أن قرار الحكومة بمنح وضع الاستثمار الاستراتيجي لمشروع كوشنر بعد شهرين فقط من إعادة انتخاب دونالد ترامب كان محاولة لكسب ود الإدارة القادمة. وهو يعتقد أن الموافقة على التطورات السياحية خطأ فادح، وليس فقط من وجهة نظر بيئية. وأضاف أن “جزيرة سازان مهمة استراتيجيا للغاية بالنسبة لألبانيا. لعقود من الزمان كانت قاعدة عسكرية. وفي عالم لا يمكن التنبؤ به على نحو متزايد، فهي حاسمة للأمن القومي”.

كما أن الجزيرة تزخر بالتراث العسكري من العصر الشيوعي. وقال: “بدلا من إعطائها لمستثمر أجنبي، يجب الحفاظ عليها. ويجب أن تظل في متاحة لكل الألبان وغيرهم من السياح”.

وعلق أن الصفقة شابها عدم الشفافية وبشكل كامل. وعلى الرغم من الاعتراضات، يبدو أن هناك القليل من الشك في أن مشاريع آل كوشنر في ألبانيا ستمضي قدما. ويخشى عالم الطيور فوربسي وهو ينظر إلى الأفق من وصول الشاحنات والجرافات إلى المنطقة العذراء. وتساءل فيما إن كان سيسمح لكوشنر البناء في محميات طبيعية أمريكية مثل يلوستون أو سوسمايت “لا، لكنه طلب رخصة البناء في منطقة طبيعية محمية في ألبانيا وأعطته الحكومة الإذن. ونحن نتنازل عن الجزيرة الوحيدة في ألبانيا. إنه جنون”.