إيران.. خطر عصيان مدني
الغد-هآرتس
تسفي برئيل
*محظور علينا فعل أي شيء يؤدي لإلى ضعضعة الاتفاق والوحدة في المجتمع. ومحظور القيام بهذه الخطوة بشكل يخرب كل شيء، هذه الاقوال لم يقلها الوزير ياريف لفين في لحظة ندم وانتقاد ذاتي، بل قالها الرئيس الايراني مسعود بزشكيان ضد مشروع القانون الجديد، "قانون الحشمة والحجاب"، الذي كان يمكن أن يدخل الى حيز التنفيذ في يوم الجمعة الماضي. بزشكيان يعرف جيدا ما يرفض نظراؤه في الحكومة الاسرائيلية استيعابه، وهو أن الخطر الأكبر الذي يهدد في هذه الأثناء ايران ليس الضعف العسكري وسقوطها في سورية، بل الانقسام في الشعب.
بزشكيان لم يكتف بأقوال الانتقاد والإدانة، بل هو قام بخطوة استثنائية وغير مسبوقة، وتوجه الى مجلس الامن القومي، الجسم الاعلى الذي يبت بشؤون أمن الدولة، كي يعطي رأيا حول التهديد الامني الموجود في هذا القانون. في الواقع، في يوم السبت أمر المجلس بتجميد القانون وعدم تطبيقه بسبب "نتائجه الأمنية" المحتملة.
في إيران يوجد الآن قانون الحجاب، لكن القانون الجديد يذهب بعيدا بشكل دراماتيكي، ضمن أمور أخرى، هو ينص على أن الفتيات من سن 9 سنوات يجب عليهن ارتداء ملابس مناسبة، أي تغطية كل شعر الرأس، وأنه يجب على الجهات المراقبة، من بين ذلك البلديات والمدارس، الابلاغ عن أي خرق. أيضا السائقون العموميون وأصحاب المطاعم يجب عليهم تقديم معلومات عن فتيات لم يرتدين الحجاب كما هو مطلوب.
الغرامة على المخالفة الاولى يمكن أن تبلغ 300 دولار، اكثر بكثير من اجرة الحد الادنى في الشهر. وأي مخالفة اخرى تستدعي زيادة الغرامة. هناك ايضا عقوبة السجن ومنع تأشيرة الخروج من البلاد ومصادرة جواز السفر وعدم التشغيل في الوزارات الحكومية والشركات الحكومية.
بزشكيان يتذكر جيدا مظاهرات الجمهور القاتلة التي اندلعت في ايران في 2022 في أعقاب مقتل مهاسا أميني، الفتاة ابنة الـ 22 التي تم اعتقالها على يد شرطة الآداب بتهمة مخالفة الحجاب، ومثله يتذكر ذلك ايضا مجلس الأمن القومي. يبدو أنه حتى الزعيم الروحي الأعلى علي خامنئي اقتنع بأن الأمر لم يعد يعتبر صراعا بين الاصلاحيين والمحافظين على هوية ايران، بل تهديد حقيقي على الامن الداخلي والمجتمع، بالذات في وقت صعب جدا على إيران.
القيادة في ايران لا تخفي حجم الضربة التي تلقتها. فهي على قناعة بأنه بعد سورية يمكن أن تكون هي التالية في الدور، ليس فقط كهدف للقصف الاجنبي، بل كبؤرة لعصيان مدني يستمد القوة من نجاح المتمردين. قائد حرس الثورة، حسين سلامي، اوضح مشاعره بدون مواربة وقال: "نحن نرى اليوم كيف أن القوات الاجنبية انقضت على حياة ظبي منفرد مثل الذئاب الجائعة، كل واحد منها يقضم جسده وينتزع عضوا منه. هذا درس مرير"، قال.
سلامي اضاف بأنه "يجب على ايران الانتباه للدرس الكبير الذي جاء الى جانب الدروس التي بقيت من الدفاع المقدس. نحن ندرك أنه اذا لم يقف الجيش بصمود ويعارض (الهجوم) فان كل البلاد ستسقط في الفوضى. نحن نعرف الآن قوة المقاومة، وسكان دمشق يعرفون ما الذي سيحدث للشعب وكيف أن الدولة سيتم تقسيمها اذا لم تكن مقاومة. الصهاينة وعدد آخر من الشمال (تركيا) يحتلون البلاد، وفي هذه الاثناء السوريون ضائعون وعاجزون".
مثلما في اسرائيل (في هذه الاثناء) ايضا في ايران لا يتوقع تشكيل لجنة تحقيق رسمية، تحقق في الفشل الاستخباري والعسكري الذي أدى الى تحطم الذخر الاستراتيجي الذي يتوقع الآن أن يمنع امكانية الترميم لحزب الله. الامين العام لحزب الله، نعيم قاسم، اعترف هو نفسه بذلك في نهاية الاسبوع. الفحص سيقوم به الحرس الثوري والسياسيون في الغرف المغلقة، وربما في المستقبل القريب ستتم معرفة تفاصيل عن تغييرات هيكلية أو تغييرات في القيادة العليا.
في هذه الاثناء ايران ملزمة بالتركيز على التهديدات الإستراتيجية التي اصبحت حاسمة بعد فقدان سيطرتها في سوريا. التهديد الاول والاكثر اهمية هو كيفية مواجهة تهديد الهجوم المحتمل على المنشآت النووية، لا سيما ازاء الخطاب العام في اسرائيل والخوف من أن اسرائيل يمكن أن تحصل على الضوء الاخضر من الرئيس ترامب لمثل هذه الخطوة؛ الثاني هو مستقبل "حلقة النار" أو "جبهة المقاومة" والتأثيرات التي يمكن أن تكون للثورة في سورية على الجبهة الداخلية الايرانية.
في نفس الوقت ايران تخشى من تأثير الدومينو للانقلاب في سورية، الذي يمكن أن يضر مراكز تأثيرها في العراق. في يوم الجمعة زار وزير الخارجية الأميركي، انطوني بلينكن، العراق والتقى مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني. وحسب التقارير في العراق فان بلينكن طلب من السوداني "اجراء اصلاحات سياسية" في النظام في العراق، وهو المفهوم الذي فسر كنية لتحييد القوى السياسية المؤيدة لايران في النظام العراقي، ونزع سلاح المليشيات الشيعية.