الراي - كامل إبراهيم
منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، التي تضم شخصيات بارزة من التيار اليميني المتشدد والصهيونية الدينية، شهد النشاط الاستيطاني غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة قفزة كبيرة، مما أثار قلقًا واسعًا حول مستقبل السلام وحل الدولتين وفق اخر تقرير ل-(حركة السلام الان) الإسرائيلية.
وقالت الحركة في تقرير لها مساء أمس الاثنين من المقرر أن يبحث مجلس التنظيم الأعلى في(الإدارة المدنية- الحكم العسكري في مستوطنة بيت أيل ) شرق رام الله يوم غد الأربعاء المصادقة على بناء ٢٨٦ وحدة استيطانية في مستوطنتين بالضفة الغربية.
ولفتت الى ان هذا التحرك يأتي ضمن المداولات الجديدة حول بناء ١١٨ وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة عليي و١٦٨ وحدة في مستوطنة نوفيم، بعد حوالي الأسبوع من المداولات حول بناء ٢٢٧ وحدة وبعد أسبوعين من المداولات حول بناء ٢٧٤ وحدة، وبهذا أجرى مجلس التنظيم الأعلى مداولات حول بناء ٧٨٧ وحدات استيطانية في الضفة الغربية خلال كانون الأول الحاري وهو الأعلى في تاريخ الاستيطان اليهودي غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية منذ احتلال الضفة الغربية عام ١٩٦٧.
وذكرت حركة «السلام الآن» أن مجلس التنظيم الأعلى صادق في شهر تموز الماضي على بناء ٥،٢٥٥ وحدة استيطانية وبلغ مجموع الوحدات الاستيطانية التي صادقت الحكومة الإسرائيلية على بنائها منذ مطلع العام الجاري ٨،٧٢٠ وحدة ويصل العدد إذا أضفنا له ما ستتم المصادقة عليه في كانون الأول إلى ٩،٥٠٧ وحدة استيطانية.
وذكرت القناة السابعة العبرية أنه بعد عمل مكثف قامت به وزارة البناء والإسكان نشر أمس الأول أمر صادر عن قائد المنطقة الوسطى ينص على تطبيق القانون الإسرائيلي الخاص بالتجديد المديني على مستوطنات الضفة الغربية.
وقالت الحركة تتمتع منذ الآن المشاريع الاستيطانية غير الشرعية بامتيازات ضريبية كبيرة كما ينص القانون الإسرائيلي، وإضافة لذلك لن يطبق عليها واجب دفع رسوم تحسين، الأمر الذي يؤدي إلى جدوى اقتصادية لمشاريع الاستيطانية وانخفاض كبير في أسعار الشقق لتشجيع المستوطنين على السكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتوسيع شبكة الاستيطان وصولاً الى مليون مستوطن في الضفة الغربية.
ولفتت حركة السلام الان الى ان الأمر الجديد الذي تم اتخاذه من خلال التعاون بين وزارة البناء والاستيطان، وزارة الأمن، السلطة الحكومية والحكم العسكري في بيت ايل/ شمال رام الله، وأوساط أخرى، يفسح المجال أمام تطوير واسع النطاق المستوطنات الكبرى–ومستوطنات كثيرة منها معاليه أدوميم، بيتار عيليت، جبعات زئيف، موديعين عيليت ومستوطنات أخرى البناء دون قيود ودون موافقة وزارية او الحكم العسكري. ووفقاً للتقديرات سيؤدي هذا الأمر إلى توفير إمكانيات لبناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية.
وقالت ان التوسع الاستيطاني اصبح لا يستوجب إلا دعم المبادرات الاستيطانية القيام بإجراءات تنظيمية في مؤسسات التنظيم بالإدارة المدنية التي تعمل وفقاً لقوانين خاصة بالمستوطنات. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الأمر إلى فتح سوق جديد للشركات الاستيطانية للعمل بحرية.
وقال الحاخام إسخق غولدكنوفف وزير البناء والاستيطان:» المصادقة على الأمر الجديد يفسح المجال أمام الشركات والمبادرين لدعم التجديد والتوسع الاستيطاني في السلطات المحلية الإسرائيلية ب (يهودا والسامرة) في أراضي الضفة الغربية.
وزعم أن ما يسمى ب(يهودا والسامرة) جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل. تطوير وتوسيع المستوطنات اليهودية يساهم بصورة كبيرة بتعزيز أمن إسرائيل ويزيد عرض المساكن ويساعد في حل أزمة الإسكان عند الشريحة التي تؤمن بالاستيطان في عمق الأراضي الفلسطينية – في الضفة الغربية.
وقالت السلام الان أن حجم الاستيطان منذ تشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة زيادة قياسية في البناء، إذ صادقت الحكومة منذ بداية عام 2024 على بناء أكثر من 9,507 وحدة استيطانية في الضفة الغربية وحدها، وهو أعلى معدل بناء سنوي يتم تسجيله خلال العقد الأخير.
يشمل هذا التوسع مستوطنات رئيسية مثل «معاليه أدوميم»، «أرئيل»، و«إيتمار»، بالإضافة إلى وحدات جديدة على أراضٍ فلسطينية مصادرة،
وفي القدس الشرقية المحتلة، أطلقت الحكومة خططاً لتعزيز الاستيطان في مناطق استراتيجية مثل مطار قلنديا شمال القدس الشرقية المحتلة في المنطقة الصناعية قلنديا، «عطاروت» و«جفعات همتوس» على أراضي صور باهر جنوب القدس المحتلة، بهدف تطويق القدس وعزلها عن بقية المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية، ما يؤدي إلى تعقيد أي إمكانية مستقبلية لتقسيم المدينة كجزء من لحل الدولتين.
وأوضحت الحركة أن إجراءات قانونية جديدة، وتم إدخال تشريعات تدعم الاستيطان، مثل تطبيق قوانين «التجديد المديني» التي تقدم حوافز اقتصادية للمشاريع الاستيطانية، مما يزيد من جاذبيتها للمستثمرين ويسهل بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة ولفتت الى انعكاسات هذا التوسع الاستيطاني على مستقبل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية وأكدت أن هذه المشاريع الاستيطانية تقويض حل الدولتين ويؤثر التوسع الاستيطاني بشكل مباشر على إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً. المستوطنات تقطع أوصال الضفة الغربية إلى مناطق معزولة، مما يج?ل من المستحيل إقامة دولة ذات سيادة.
وقالت ان بناء المستوطنات في عمق الأراضي الفلسطينية وعلى مقربة من القرى والمدن الفلسطينية يزيد التوترات الميدانية، وأدت هذه السياسات إلى تصعيد في المواجهات اليومية بين الفلسطينيين والمستوطنين، حيث سجلت اعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية ارتفاعًا ملحوظًا، وسط دعم سياسي وقانوني من الجيش والحكومة الإسرائيلية.
وأضافت أن سياسات الاستيطان الحالية، المدفوعة بأيديولوجية الصهيونية الدينية، تعكس مسعى لترسيخ السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الأراضي المحتلة وخاصة المناطق الأكبر التي تصنف حسب اتفاق أوسلو مناطق (ج) والتي تزيد مساحتها عن ٦٠٪ من مساحة الضفة الغربية. هذا التوجه لا يهدد فقط مستقبل حل الدولتين، بل يعمق الصراع ويؤجل أي إمكانية لتحقيق سلام دائم بين الشعبين.
القدس الشرقية المحتلة: بؤرة الصراع
مشاريع استيطانية ضخمة: يجري العمل على تعزيز مشاريع استيطانية استراتيجية في أحياء القدس الشرقية مثل «جفعات همتوس»، «عطاروت»، و«إي1». هذه المناطق تُعتبر حيوية لربط المستوطنات في محيط القدس بالمدينة، مما يعزل الأحياء الفلسطينية ويفصلها عن الضفة الغربية.
الضفة الغربية: توسع ممنهج
سياسات تسهيلية: تم إصدار قوانين تعزز من التوسع الاستيطاني مثل تطبيق قوانين «التجديد المديني»، التي توفر امتيازات ضريبية وتلغي رسوم التحسين، مما يجعل المشاريع أكثر جدوى اقتصادية.
دوافع الصهيونية الدينية
ولفتت الى الدوافع الأيديولوجية الاستيطانية: ترى الصهيونية الدينية في الاستيطان وسيلة لتحقيق الرؤية التوراتية لإسرائيل الكبرى. وتعزز من ذلك دعم سياسي قوي من قيادات هذه التيارات داخل الحكومة الإسرائيلية.سيطرة على الموارد: التوسع الاستيطاني لا يقتصر على بناء الوحدات الاستيطانية، بل يشمل السيطرة على موارد المياه والأراضي الزراعية في الضفة الغربية المحتلة.
الآثار السياسية والإنسانية
تقويض حل الدولتين: يُعتبر التوسع الاستيطاني من أكبر العوائق أمام إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا، حيث تُحوِّل المستوطنات الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة. وتظهر ممارسات الحكومة الإسرائيلية الحالية اتجاهاً لتثبيت حقائق جديدة على الأرض تجعل من أي مفاوضات مستقبلية أمراً بالغ الصعوبة.