Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jan-2021

رحيل مهنا الدرة.. "عرّاب" الفن التشكيلي في الأردن
منصة الاستقلال الثقافية - عاصم ناصر
 
 توفي الرسام الأردني مهنا الدرة، الأحد الرابع والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2021، عن عمر ناهز 83 عاماً، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان، على ما أفاد شقيقه يسار مهنا.
 
 
ويعتبر الدرة المولود في العاصمة عمان في العام 1938، رائد الفن التشكيلي الأردني الحديث، حيث درس أساسيات الرسم بالألوان المائية مبكراً على يد الفنان الروسي جورج لييف، وأرسل بمنحة إلى أكاديمية الفنون الجميلة في روما، ليصبح أول أردني يتلقى تعليماُ أكاديمياُ بالفن في العام 1954، فدرس في روما كلاسيكيات الفن من خلال المتاحف والكنائس. ليكون إثرها أول من يقدم الفن التكعيبي والفن التجريدي في الفنون البصرية بالأردن.

 

 

 

وأسس الدرة، وهو خريج أكاديمية روما للفنون الجميلة في العام 1958، أول معهد لتعليم الفنون في الأردن العام 1970، وهو معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة، والذي خرّج أجيالاً من الفنانين التشكيليين الأردنيين.

 

وعيّن في العام 1975 مديراً عاماً لدائرة الثقافة والفنون الأردنية، وشغل في ما بعد منصب مدير الشؤون الثقافية لدى جامعة الدول العربية في تونس وسفيرها في كل من روما وروسيا، كما عمل مديراً للشؤون الثقافية في جامعة الدول العربية (1980 – 1981)، ومديراً لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في تونس العام 1988، وفي القاهرة العام 1989، ثم عيّن سفيراُ لجامعة الدول العربية في روسيا (1990 – 2001).. وعمل مؤخراُ أستاذاُ في كلية الفنون الجميلة في الجامعة الأردنية.

 

ونعت وزارة الثقافة والدوائر الأكاديمية والفنية في الأردن الفنان الدرة، وقالت رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين بصفحتها على فيسبوك "عراب الحركة التشكيلية الأردنية في ذمة الله".

 

جدير بالذكر أن الدرة أقام معارض شخصية في عدد من دول العالم منها الولايات المتحدة وإيطاليا والنمسا وروسيا، وشارك في مهرجانات دولية أبرزها بينالي فينيسيا، فيما تعد "ابتسامة السيدة السلطية" من أشهر لوحاته.

 

 

وفي العام 2018 أصدر المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة مجلداً من سبعة أجزاء ضم مجمل أعماله ومختلف المقالات التي نشرت عنه وعن لوحاته، فيما نال تكريمات وجوائز مختلفة، منها جائزة الدولة التقديرية من الأردن العام 1977، ووسام النجمة الذهبية من وزارة الثقافة الإيطالية العام 1978، ووسام الشرف من اتحاد الفنانين العرب العام 1980.

 

وأقام الدرة الحائز على جوائز وأوسمة عالمية، معارض لأعماله في بلدان عدة بينها الولايات المتحدة وإيطاليا وروسيا والنمسا. كما شارك في مهرجانات دولية أهمها بينالي البندقية.

 

 

وكان الإعلامي والباحث الأردني حسين نشوان خرج بدراسة حول تجربة الفنان مهنا الدرة التشكيلية في كتاب بعنوان "الارتحال وراء الضو"”، صدر بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، عن دار "الآن ناشرون وموزعون"، ليتحدث عن نجح الدرة في أن يخلد اسمه كواحد من أبرز رواد الحركة التشكيلية الأردنية، وأحد مؤسسيها الذين وضعوا بصمتهم الفنية على مساراتها وتحولاتها وأجيالها.

 

 ويتحدث نشوان في مقدمة الكتاب عن لقائه الأول مع الدرة فيقول “أول مرة تعرفت إلى الفنان مهنا الدرة عن قرب كانت العام 2002، حينما تزاملنا في الهيئة الإدارية لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، وعرفته شخصياً وإدارياً؛ فهو يمتاز بالهدوء؛ لكنه متمرد ومشاكس، وصريح للغاية، يتحدث بهدوء، وبساطة لا تغلفها البلاغة والتزيينات البديعية أو الفذلكة، وغالباً ما يتحدث باستغراب أو دهشة عن الأشياء”.

 

ويصف نشوان الدرة عندما كان رئيساً لرابطة الفنانين التشكيليين، بالقول: "أدار الرابطة في منتهى الديمقراطية؛ كان يسمع كثيراً، ويتيح للجميع التحدث، وغالبًا ما يبدأ كلامه باللازمة (لا أدري)، وهي لا تعني تماماً عدم المعرفة، بل تندي عن عادة تشير إلى أنه لا يريد أن يفرض رأيه كسلطة، وأن رأيه معادلٌ لرأي الآخرين، فهو إيجابي تجاه الأفكار الجديدة، يتحمس كثيراً، وهو أكثر من ذلك حالم، يتحدث بالأمنيات والحزن، عن الوطن العربي والثقافة العربية والتصحر الفني”.

 

ويذكر نشوان أن الدرة صاحب آراء فلسفية ومعرفية إزاء الحياة والوجود، تنأى عن السائد والمألوف؛ يعدها جزءاً من المعرفة الثقافية العلمية، وكان يرى أن جزءاً من التخلف الذي تعيشه البلدان العربية يتمثل في انتقاصها قيمة الثقافة والفن والجمال، وهو من أسباب مظاهر التخلف فيها، كما كان يمقت استخدام الفن إعلانيًا؛ إذ يرى أن معظم الأعمال ذات الأغراض السياسية، تداعب عواطف متلقي العمل وتنسى القيم الفنية للعمل نفسه.

 

 

وأكد نشوان أن الدرة شكّل حالة مميزة في المشهد التشكيلي الأردني والعربي، وكان أحد الرواد الأوائل لدراسة الفن في إيطاليا في خمسينيات القرن الماضي، وتعددت تجاربه ما بين الكلاسيكية الأكاديمية والمختبرية التجريبية الحداثية التي انتقل فيها من التشخيص ورسم الوجوه إلى التجريدية، هو الذي اعتبر الفن معادلاً للحياة، بل رأى في فكرة الجمال نظيراً للخير والحرية. وفي موازاة التجربة الفنية، اتكأ على فلسفة نقدية تقوم على استقلالية الصورة البصرية عن السرد الأدبي مميزاً بين النقد الأدبي والنقد الفني، حيث تقوم قراءة اللوحة على أبجدية صورية حسية بصرية وليست سمعية.