Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2016

مختصون: التلقين وراء تراجع مستوى الطلبة في "الرياضيات"
"
 مجد جابر
عمان -الغد-  كشفت نتائج اختبار التوجهات الدولية في دراسة الرياضيات والعلوم (TIMSS) عن تراجع مستوى الأردن في اختبار الرياضيات للصف الثامن في “تيمس” 20 نقطة، بين 2011 إلى 2015، حيث جاءت نتيجة الطلبة في اختبار الرياضيات للعام الماضي (386) .
وبينما شمل امتحان “التيمس” لهذه الدورة 39 دولة، من ضمنها 10 دول عربية، فان ترتيب الاردن بين الدول العربية كان الخامس، جاء ذلك خلال حفل اعلان المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية أول من أمس، نتائج مستوى أداء طلبة الأردن في الدراسة الدولية للرياضيات والعلوم، الذي أجري مطلع العام 2015.
اختصاصيون اعتبروا لـ “الغد” أن الحل يبدأ من اعداد مدرسين يمتلكون القدرات والمهارات في ايصال المعلومة وجذب الطالب لمادة الرياضيات في المرحلة الأساسية، ومراعاة الفروقات في مستويات الطلبة. واكدوا انه وللأسف تعتمد أساليب المعلم في تقديم الرياضيات على التلقين وهذا أمر خاطئ، بعيدا عن كسب الطلاب مهارات وقدرات مرتبطة بمهارات حياتية، لافتين الى اهمية تفعيل وتطوير أنظمة التعليم التفاعلي والتعلم الالكتروني.
والحل يبدأ، وفق خبراء، بإعداد مدرسين مؤهلين للمراحل الاساسية حتى لا يصل الطالب للمراحل المتقدمة وهو بحاجة لتأسيس من جديد، خصوصا ان مادة الرياضيات بحاجة الى شرح موسع مع مخاطبة الفروقات الفردية.
وكانت نتائج الاختبار قد بينت ان المدارس الحكومية الاردنية كانت الاقل في التراجع، بالمقارنة مع المدارس الخاصة، التي “سجلت تراجعا بـ 23 نقطة، ومدارس وكالة الغوث بـ 44 نقطة، فيما سجلت المدارس الحكومية تراجعا بـ18 نقطة”. وسجل تفوق للإناث على حساب الذكور في كلا الامتحانين. 
وعلى مستوى التراجع المطلق بين الدورتين في العامين 2011 و 2015، سجلت المدارس الحكومية تراجعا على مستوى السلطات التعليمية في الرياضيات والعلوم بنسبة %19.5، والقطاع الخاص 21، وكالة الغوث 50.
وفي حين كانت متوسطات اداء الطلبة في مبحث الرياضيات للصف الثامن 428 للعام 1999، و424 للعام 2003، و427 للعام 2007، و406 للعام 2011، و386 للعام 2015.
الدكتورة والمستشارة التربوية ايمان رسمي عبد ترى أن العملية التعليمية تراكمية تبدأ من الصفوف الثلاثة الأولى، لكن للأسف هنالك أخطاء مفاهيمية فادحة، فبعض المعلمين لا يعرفون ما هي المفاهيم الاساسية، ويركزون على المعرفة لتشكل عند الطلاب كثيرا من الأخطاء.
وتذهب الى أهمية ربط هذه الأفكار الرياضية مع الحياة من جانب، ومع المفاهيم الرياضية بصفوف لاحقة أو موضوعات أخرى من جانب آخر، لكن للأسف هذا الأمر غير موجود على أرض الواقع، فمثلاً المعلم يعطي مفهوم العدد الأولي بتعريف خاطئ، دون ربطه بشيء من الواقع مثل ألعاب “الليجو”، فهم يعطون المفاهيم بسياق منفصل عن الحياة العملية.
الى ذلك، فان أساليب المعلم في تقديم الرياضيات غالبيتها قائمة على التلقين وهذا أمر خاطئ، لانه لا يكسب الطلاب مهارات وقدرات مرتبطة بمهارات حياتية.
وتعتبر عبد أن المشكلة الاساسية هي تقديم مفاهيم منفصلة عن عالمنا الاجتماعي، وما يحدث أنه في التوجيهي يدرس الطالب الرياضيات لغايات التحصيل في الامتحان فقط وهذا لا يجوز، مبينة أن رأس الاشكالية عند المعلم غير المؤهل، بما يستدعي اهمية تدريب المعلمين بما يتماشى مع المعايير العالمية. الى ذلك، ينبغي أن يكون لكل مجال تدريب خاص فيه وأي تدريب يقوم بناء على حاجة المعلمين والفئة المستهدفة، لافتة الى أنه لا بد من اختيار المعلم وتدريبه وتأهيله ليقدم المادة بالطريقة الصحيحة للطالب.
والأصل أن لا يشارك أولياء الأمور بتدريس أبنائهم حتى لا تكون الطريقة مغايرة للمعلم، وتتشوه لدى الطالب المعلومات خصوصاً في المراحل الاولى التي يخزن فيها كل شيء بعقله، وعلى الأهل تعليم أبنائهم مسؤولية التعلم الذاتي.
وتضيف أن المعلم لا يعي آلية تدريس المحتوى الرياضي او الاساليب الانسب لتقديمها للطلاب في ضوء خصائصهم النمائية، فالمعلمون ما يزالون يدرسون بطريقة يكون الهم الأكبر فيها العلامة والامتحان وهذا سبب النتائج غير المرتفعة.
نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات أكد ان نتائج اختبار “التيمس” تعتبر مؤشرا مهما لعملية التعليم وتطويرها، وهي في غاية الأهمية لشرح كيف سيتم الاستفادة منها في تطوير منظومة التعليم والتنبه إلى جوانب الضعف.
وأشار إلى أن مشاركة الأردن في هذه الاختبارات بدأت قبل عدة أعوام، وهي مستمرة، حيث تشارك بها الوزارة بشكل اختياري “لأنها توفر أداة فعالة لقياس مستوى أداء الطلبة، ومدى تحقيق الأهداف المنشودة، والحصول على مؤشرات وبيانات مهمة”.
وأكد أهمية الاستمرار في دعم المعلمين وتوفير جميع أسباب النجاح لهم، كالتدريب وتحسين البنية التحتية للمدارس، مشددا على أن أمام الوزارة “الكثير من العمل للاستمرار في تطوير العملية التعليمية، باعتبار ان ذلك جهد وطني تكاملي يتطلب التكاتف”.
اختصاصي التعليم الالكتروني والرياضيات ومدير عام مدارس النظم الحديثة الدكتور مصطفى العفوري يبين ان هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء الفشل في مادة الرياضيات أولها؛ ليس كل شخص يدخل المدارس مؤهلا للابداع أو استيعاب مادة الرياضيات، فهناك مستويات مختلفة والمشكلة أننا نعامل الجميع بنفس المستوى دون مراعاة الفروق الفردية للطلبة ونضع كل الطلاب تحت نفس المقياس.
السبب الثاني هو ضعف اعداد المعلمين حيث لا يكفي أن يكون المعلم ملما بالرياضيات وخريج هذا التخصص، فهو لا بد أن يكون لديه القدرة والمهارة على التحاور مع الطالب وايصال المعلومة بطريقة تحبب الطالب بالمادة. وأن يمتلك صفات وقدرات ترغيبية لاستيعاب هذا المبحث.
غير ان ما يحدث هو أن المعلم ينقل مفاهيم مجردة بطرق مجردة الأمر الذي يزيد معاناة الطالب في المادة .
اما السبب الثالث هو ضخامة المنهاج في بعض الصفوف، وتنوع المواضيع الموجودة فيه مع انه من الممكن تقليص هذه الضخامة ووضع مفاهيم دون مبالغة، لافتا الى ذلك ان واحدا من الأسباب التي خلقت للطالب عقدة من امتحان الثانوية العامة المبالغة بالاسئلة التي تستهدف الفئة المتميزة فقط ولا تراعي الفروق بين المستويات.
ويعتبر العفوري بأن الحل في التركيز على الأساسيات في كافة محاور الرياضيات “الجبر، والهندسة، والمثلثات”، وفي صفوف الأول والثاني الثانوي أن يكون هناك مستويان هما العادي والمتقدم.
ويشير العفوري الى أن المشكلة الحقيقية في الرياضيات تبدأ في الصف الثالث عند التطرق لمفاهيم الكسور والضرب والقسمة، وتدخل بعدها في المنحى النظري أكثر من العملي وتصبح بعدها بالنسبة للمعلمين انجاز عدد صفحات أكثر من توضيح المفاهيم وتدريب الطلاب على الفهم والاستيعاب، وعندما يصل الطالب للصف الخامس تكتمل عنده عقدة الرياضيات.
ويضيف أن ما لم يستوعبه الطالب سيبقى بالمراحل اللاحقة كما هو، مبينا أن أفضل الطرق هو تفعيل وتطوير أنظمة التعليم التفاعلي والتعلم الالكتروني، ودمج الطالب الضعيف بالمتميز حتى لا يكون عنده تشتت ويلتقط المعلومة حتى ولو بنسبة أقل.
مدرس الرياضيات في أكاديمية الحفاظ للمرحلة الثانوية الاستاذ ايهاب الرنتيسي، يقول أن الطالب حتى الصف السابع يملك المفاهيم والأساسيات التي يحتاجها في الرياضيات، الا أنه بعد أن يصل الى مرحلة الصف الثامن والتاسع والعاشر تجتمع عدة عوامل مع بعضها، هي أن الأهل ما عادوا يستطيعون فهم المنهاج وتدريسه للأولاد بسبب تقدمه فيعتمدون على المدرسة وحدها، والطالب يكون في سن المراهقة ولم يعد مباليا للدراسة وحضور الحصص وفهمها.
بعدها يصل الطالب الى التوجيهي دون أي أساسيات، فيصبح معلم التوجيهي يريد إعادة تأسيس الطالب من جديد، وهو الأمر الصعب، مبيناً أن خطوات حل الرياضيات مفقودة لدى الطالب وهي أن “يقرأ، يفكر، يقرر ثم يحل” هذا كله مفقود يكتب ويحل على الفور دون تفكير.
ويعتبر أن الحل يبدأ من اعداد مدرسين مؤهلين في مرحلة الأساسي يعملون بجهد وحب، كون الأستاذ الكفؤ في مرحلة الأساسي هو سر ابداع الطالب في مرحلة الثانوي.
وفي ذلك يرى مدير موقع الأوائل حسام عواد أن مادة الرياضيات بحاجة الى شرح موسع وأن تخاطب الفروقات الفردية ويكون هناك شرح للمفاهيم ولا تكون مجرد عناوين رئيسة، الى جانب أن الطالب لم يتم تأسيسه في السنوات السابقة وهو ما يجعل المعلم يريد اعادة تأسيسه من جديد مما يضيع من وقت المنهاج.
ويؤكد أهمية أن تكون الأمثلة المطروحة مختلفة ومتنوعة، وأن لا تكون الأسئلة أصعب من المادة المطروحة في المنهاج حتى لا يشعر الطالب بالعجز وعدم القدرة.
ويعتبر عواد أنه من أهم الحلول التي قد تساعد على حل هذه المشكلة هو ما يطلق عليه “التعليم التكيفي”، وهو مرتبط بالتعليم الالكتروني، بحيث يتعرف على مستوى الطالب ومن ثم يقدم له المنهاج الذي يتناسب ومستواه. ويرى أن هذه البرمجة تظهر مستوى الطالب المتميز وتقدم له منهاجا نوعيا، واذا تنبأت بمستوى الطالب البسيط تضع له منهاجا مبسطا وبطريقة أسهل وتتلاءم مع قدراته، مبيناً أن هذا المنهاج يراعي الفروق الفردية للمتعلم، ويشعر وقتها أنه متعلم ايجابي ويعطيه ثقة عالية بالنفس مما سيعكس محبته للمادة واجتهاده بها.
غير أن ذلك ما يزال تحت الدراسة، متمنيا أن يطبق بحيث يعمل في المنهاج نفسه عدة مستويات تراعي الفروقات الفردية وتقدم لكل طالب ما يتناسب ومستواه.
وكان الوزير الذنيبات قد أوضح أن نتائج اختبار التيمس “تشير إلى نقاط ضعف واضحة، لكن تجارب الدول التي كان لديها مثل هذه النتائج وتمكنت من تجاوزها وتحقيق تقدم، تثبت إمكانية إحداث التغيير الإيجابي، وتحويل التحدي إلى فرصة، إذا ما تم جعل التعليم أولوية وطنية، وتم العمل ضمن الخطط الاستراتيجية وبروح الفريق الواحد لتطوير الأنظمة التعليمية بشكل شامل، وتمكين المعلمين وتدريبهم، وتطوير المناهج، وتوفير التعليم النوعي المبكر”.
وبين الذنيبات أن “التراجع في النتائج بدأ منذ العام 2003 وما يزال مستمراً”، مشيرا الى أن نتائج الامتحانات التي اعلنت أمس “تقيس الفترة ما بين الأعوام 2011 إلى 2015 “، مشيراً إلى أن نتائج الدراسة المسحية الوطنية، التي أجرتها الوزارة للصفوف الثلاثة الأولى في العام 2014 “أظهرت أن هناك 130 ألف طالب لا يجيدون مهارات القراءة والكتابة والحساب، وأن جزءاً منهم قد شارك في هذه الاختبارات مما انعكس سلباً على النتائج”.