الرأي  - كامل إبراهيم -
ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في أقل من 12 ساعة، مجازر مروعة بحق المدنيين في قطاع غزة، أدت إلى استشهاد 104 مواطنين، بينهم 46 طفلاً و20 امرأة. وتأتي هذه الجرائم الموثقة لترفع سجل الانتهاكات المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع.
 
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال في قطاع غزة إلى 68,643 شهيداً و170,655 مصاباً.
 
وأوضحت الوزارة أن الحصيلة الواردة إلى مستشفيات القطاع منذ التصعيد ليلة أمس وحتى اللحظة بلغت 104 شهداء (46 طفلاً، 20 امرأة) و253 إصابة (78 طفلاً، 84 امرأة).
 
ولفتت إلى أنه منذ وقف إطلاق النار في 10 تشرين الأول الجاري، ارتفع عدد الشهداء إلى 211، فيما ارتفع عدد المصابين إلى 597، في حين بلغ إجمالي عدد الجثامين المنتشلة من تحت الأنقاض 482 شهيداً.
 
الدفاع المدني: المجازر ترتكب أمام أعين العالم
 
من جانبه، قال محمود بصل، الناطق باسم الدفاع المدني، في بيان له الأربعاء: «إن هذه المجازر تُرتكب أمام أعين الوسطاء والمجتمع الدولي، الذي يظل صامتاً وعاجزاً عن اتخاذ أي خطوات فعلية لوقف هذا النزيف المستمر للدم الفلسطيني الذي يتواصل منذ أكثر من سنتين».
 
وأشار إلى أن فرق الدفاع المدني لم تتوقف منذ البداية عن أداء واجبها الإنساني، حيث تواصل عمليات الإنقاذ وانتشال الشهداء والمصابين من تحت الأنقاض، على الرغم من النقص الحاد في الإمكانيات.
 
وأكد بصل أن الفرق تبذل جهوداً كبيرة للوصول إلى المواطنين العالقين تحت الأنقاض، بينما تعاني المستشفيات من اكتظاظ الجرحى والمصابين بحالات حرجة، في ظل ظروف مأساوية ونقص حاد في المستلزمات الطبية والوقود.
 
واعتبر أن ما يحدث في غزة اليوم «عارٌ على الإنسانية»، ويبرز أن «المجتمع الدولي أصبح متواطئاً بصمته في هذه الانتهاكات».
 
وطالب بصل بوقف فوري وشامل لإطلاق النار، وإنهاء العدوان المستمر على قطاع غزة، وفتح ممرات إنسانية آمنة ودائمة تسمح بإدخال الوقود والمعدات والاحتياجات الأساسية لعمل طواقم الإنقاذ والمستشفيات.كما طالب بتوفير حماية دولية للمدنيين وطواقم الإنقاذ والفرق الطبية، وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
 
ودعا إلى إطلاق حملة دولية عاجلة لإعادة تأهيل البنية التحتية الإنسانية في غزة، لضمان استمرار الخدمات الأساسية للسكان المتضررين.
 
استهداف الصحفيين.. رقم جديد يرتفع
 
بدوره، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال إلى 256 صحفياً منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وذلك بعد الإعلان عن استشهاد الصحفي محمد المنيراوي، الذي كان يعمل في صحيفة «فلسطين».وأدان المكتب «بأشد العبارات» استهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج.
 
ووجه نداءً إلى الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل المؤسسات الصحفية في العالم، لمطالبتهم «بإدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة».كما حمّل «الاحتلال والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجرائم النكراء الوحشية».
 
وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمؤسسات المعنية بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم «بإدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة، وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة».
 
في ذات السياق، أكد عضو لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، كريس سيدوتي، أن اللجنة جمعت أدلة كافية تثبت ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول 2023. وأوضح سيدوتي أن تحقيق اللجنة المستقلة التابعة للأمم المتحدة استمر على مدى عامين، واستند إلى أدلة جمعتها اللجنة بشكل مباشر، شملت أكثر من 16 ألف بند من المواد الموثقة، بينها صور ومقاطع فيديو تم التحقق من صحتها وربطها بشهادات شهود عيان، وفق بروتوكولات الأمم ?لمتحدة.
 
وأشار إلى أن اللجنة، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أيار 2021، واصلت عملها بالمنهج ذاته الذي اعتمدته منذ تأسيسها، من خلال الاستماع إلى الشهود والضحايا، واستخدام صور الأقمار الصناعية ووسائل تحليل الأدلة الرقمية لتوثيق الانتهاكات.
 
وبين سيدوتي أن مهمة اللجنة «لا تقتصر على توصيف الجرائم، بل تشمل أيضاً تحديد المسؤوليات»، مؤكداً أن اللجنة تمكنت من تحديد وحدات عسكرية إسرائيلية مسؤولة عن ارتكاب انتهاكات خطيرة.
 
كما حددت، في بعض الحالات، قادة ومسؤولين في الحكومة والجيش الإسرائيلي «أصدروا أوامر مباشرة بارتكاب تلك الجرائم».
 
وضرب مثلاً على ذلك بما تعرض له علي معروف ونادي معروف، وهما رجلان فلسطينيان مسنّان من بيت لاهيا، حيث اختطفتهما قوات من الكتيبة 92 التابعة للواء كفير الإسرائيلي، واستخدمتهما كدروع بشرية لعدة أيام وهما مجردان من ملابسهما في أجواء باردة، قبل أن تُعدمهما ميدانياً بالرصاص في 9 تشرين الثاني 2024.
 
أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية
 
وفي هذا الإطار، ذكر سيدوتي بأن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت في 21 تشرين الثاني 2024، أوامر اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
 
وأكد المتحدث أن تقارير اللجنة ترفع إلى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، وتُنشر بشكل علني، نافياً وجود تقارير خاصة غير متاحة للجمهور.
 
ولفت إلى أن الانتقادات الموجهة لعمل اللجنة «تقتصر على الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة»، بينما «تحظى تقارير اللجنة بقبول واسع على المستوى الدولي».
 
حماس: التصعيد الإسرائيلي يقوض الاتفاق
 
بدورها، قالت حركة «حماس» إن «التصعيد الغادر تجاه شعبنا في غزة يكشف عن نية إسرائيلية واضحة لتقويض اتفاق وقف إطلاق النار، وفرض معادلات جديدة بالقوة، في ظل تواطؤ أمريكي يمنح حكومة نتنياهو الفاشية غطاءً سياسياً لمواصلة جرائمها».
 
وأكدت الحركة في بيان لها أن «مواقف الإدارة الأمريكية المنحازة للاحتلال تُعدّ شراكة فعلية في سفك دماء أطفالنا ونسائنا، وتشجيعاً مباشراً على استمرار العدوان».
 
وشددت على أن «الاحتلال يتحمّل كامل المسؤولية عن هذا التصعيد الخطير وتبعاته الميدانية والسياسية، ومحاولة إفشال خطة ترامب واتفاق وقف إطلاق النار».
 
مؤكدة أن «على العالم أن يُدرك أن دماء أطفالنا ونسائنا ليست رخيصة، وأن المقاومة بكل فصائلها التي التزمت بالاتفاق بإرادة مسؤولة، وما تزال ملتزمة به، لن تسمح للعدو بفرض وقائع جديدة تحت النار».
 
كما دعت الحركة الوسطاء والضامنين إلى «تحمّل مسؤولياتهم الكاملة إزاء هذا الانفلات العدواني، والضغط الفوري على حكومة الاحتلال لوقف مجازرها والالتزام التام ببنود الاتفاق».