"رحمة".. رسالة للغرب تحكي صور الإسلام وتسامحه ومحبته
الغد - مجد جابر - في مدة لا تتجاوز الدقائق الثلاث، استطاعت المخرجة وصانعة الأفلام رنا صوالحة، أن تعكس العديد من صور الإسلام بتسامحه ورحمته ومحبته، في فيلمها الذي يحكي عن قيم الرسول عليه الصلاة والسلام وحسن أخلاقه بلغة شفافة بسيطة بعيدة كل البعد عن الصورة المغلوطة والمعقدة التي يتم تداولها.
فيلم “رحمة” بمعانيه الكبيرة، كان موجها للغرب وحمل في مدته القصيرة جداً نبذة عن صورة الإسلام على حقيقته؛ دين الرحمة والسلام والأمان.
رنا صوالحة تشير، في حوار لها مع “الغد”، الى أن فيلم “رحمة” يقدم صورة جديدة بمنظور معاصر لرسالة الرسول محمد عليه السلام بلغة بسيطة قريية من واقعنا، مبينةً أنهم حاولوا من خلاله أن يعكسوا صورة الأخلاق النبوية بمشاهد تجسد الإنسانية والرحمة في زمن انتشرت فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا.
وبينت الى أن مدة الفيلم هي ثلاث دقائق يعرض من خلالها رحلة الخطّاط الفكرية الذي استوحى جماليّة مخطوطته الجديدة من أفعال نبيلة لأناس رآهم خلال حياته، فيقوم بربط تلك الأخلاقيات الجميلة بالرسول الكريم.
وتشير صوالحة الى أن أحد أهم الأسباب التي دفعتها إلى صناعة الفيلم في هذه الفترة هو مسابقة مهرجان “مختار” للأفلام القصيرة بفرنسا، وهو المهرجان الذي يُعطي الفرصة للكثير من المواهب حول العالم للتصدّر ونشر أفكار هادفة.
وتتابع أنه ولهذا العام كان موضوع المهرجان يندرج تحت عنوان “حدثنا عن النبي”، كرد سِلمي بلغة حضارية بأرقى صور الفن عقب قضية “تشارلي إيبدو” الشهيرة وأحداث رسوم الكاريكاتير المسيئة للرسول ومن بعدها حادثة القتل في الصحيفة وغيرها من النماذج المشابهة، والتشويه المُسيء لصورة نبي من أنبياء الله، لذلك سعوا للمشاركة به لتصحيح هذه الصورة الخاطئة عند الغرب بشكل عام، ولكل من ليس لديه دراية برسول الرحمة.
وحصد الفيلم الجائزة من بعد التصويت الذي استمر أسبوعين كاملين على موقع المهرجان الرسمي والذي حقق فيه الفيلم على أعلى نسبة تصويت من بين 50 فيلما عالميا مشاركا، ومن بعدها تم اختياره من بين أفضل 10 أفلام، وأخيراً فاز بالمرتبة الثالثة من قبل تصويت الجمهور الفرنسي المتواجد في المهرجان.
وتعتبر أن الهدف في النهاية هو أن يتم إيصال رسالة الفيلم لأكبر عدد ممكن من الناس، مبينةً أنه وللآن ما يزال الفيلم يحقق نسبة مشاهدة عالية على مواقع التواصل الاجتماعي تشهد على مدى تعطش المشاهد لمثل هذا المحتوى.
وعن ردة الفعل التي تلقوها بعد عرض الفيلم، تقول صوالحة إن ردة الفعل كانت إيجابية تدعم وتعزز المحتوى، مبينةً أنهم استطاعوا الوصول الى قلوب وعقول الجمهور الفرنسي واستحوذ الفيلم على اهتمامهم.
ومنذ الأيام الأولى لنشر الفيلم على موقع المهرجان ومواقع التواصل الاجتماعي، كانت غالبية التعليقات التي يتلقونها ايجابية وداعمة، وكيف أن الكثير من المشاهدين يتوقون لمثل هذه الأعمال باستمرار.
وتمحورت أغلب تعليقات المشاهدين حول مدى الرسالة السامية التي يقدمها الفيلم وهي “الرحمة”، وعلى أنه فيلم يجسد المعنى الحقيق لرسالة الرسول عليه الصلاة والسلام من محبة وصدق وسلام وتكافل بين الناس، الى جانب تلقيهم تعليقات ايجابية حول طريقة الإخراج وتصميم الفيديو والمؤثرات الصوتية، والتبديل بين مشهد الخطاط وهو يكتب المشاهد التي رآها في رحلته.
واعتبر الكثير من الأشخاص أن هذا الفيلم القصير يُظهر العديد من الأخلاق البسيطة التي تتسم بالرحمة، بعيدا عن المناقشات الفلسفية ومناقشة نصوص ومعاني القرآن أو الدين عموما وهو ما يحتاجونه، معقبة “أن ما نحتاجه تحديداً أن نظهر لكل غير المسلمين تسامح ورحمة الإسلام، وأن نظهر أفعالا وتصرفات يستطيع كل من يشاهد الفيلم أن يترجمها ويفهمها بلا حاجة أن يكون باحثا أو قارئا في الإسلام”.
وعن مكان تصوير الفيلم وأكثر الأشياء التي عمدوا إلى تسليط الضوء عليها، تقول صوالحة إن الفيلم تم تصويره وإنتاجه في مدينة عمّان وجرش والبحر الميت بأسبوع واحد مليء بالتحديات، وقائم عليه فريق عمل متواضع الحجم يحمل نفس التوجه والفكر الهادف بجهود وخبرات مميزة.
وتشير الى أن أكثر ما حاولت التركيز عليه هو الخروج عن الطابع التقليدي والصورة النمطية، وأنها من الناحية الفنية حاولت أن تبتعد عن الإسقاط المباشر للمعاني والمشاهد.
وعن سؤالها عن ماذا بعد فيلم “رحمة” وما هي الخطط لإثراء مثل هذا المحتوى، تقول صوالحة إنهم يسعون الآن إلى دبلجة الفيلم للغات عدة (العربية، الإنجليزية، التركية) ليصل الى العالمية وإلى أكبر شريحة ممكنة من الناس.
وتتمنى أن يتم في المستقبل القريب إنتاج نماذج شبيهة لـ”رحمة” وأفلام قصيرة لقصص إنسانية درامية مؤثرة تبرز شخصيات لأبرز شخصيات العرب والعالم على مختلف العصور والحضارات من الأندلس، عصر الصحابة والعلماء.
وتعقب “برأيي، الإعلام والأفلام من أقوى وسائل التأثير ومسؤولية كبيرة، وعلينا أن نستخدمها بشكل صحيح مناسب وبلغة حضارية وعالمية سواء بالأفلام أو غيرها من أشكال الفنون الأخرى، والأهم اذا استطعنا أن نسهم في دعم وتمويل مثل هذا المحتوى فببساطة سنستطيع أن نخلق مكانا أفضل، مكانا للاحترام والسلام بين الشعوب بلغة الفن التي توحد الأمم ولا تفرقها”.
وبالنسبة لفريق العمل، كانت إدارة التصوير والإضاءة: مهند أبو رزق، كتابة النص الروائي: ريم أبو غضيب، مؤثرات بصرية: سالم حمدان، فريق الإنتاج: إبراهيم يوسف وحمدي الحدّاد، الصوت الروائي: أنس بلعاوي، مونتاج: مهند أبو رزق، إدارة إنتاج: رنا صوالحة، بالإضافة إلى الخطّاط القدير مثنى العبيدي، والذي يعد أحد أهم وأكبر الخطاطين في الوطن العربي والعالم الذي تم تصويره في منزله وهو يمارس حرفته المميزة بكلّ إتقان.
الى ذلك، أسهمت وتعاونت الكلية الأسترالية للإعلام SAE على توفير استوديوهات الصوت لتسجيل الصوت والرواية voice over.
فريق العمل خلال استلام الجائزة من مهرجان "مختار"