التداعيات الإقليمية وتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة:
اوجلان قد يحل حزب العمال الكردستاني المسلح |مركز تقدم للسياسات
تقدير موقف،
مركز تقدم للسياسات
تقديم: إثر لقاء جديد بين وفد من نواب حزب "الشعوب" الكردي في تركيا مع الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني في سجنه، تتردد أجواء إيجابية قد تؤشر إلى إمكانية نجاح حكومة الرئيس التركي في التوصل إلى تسوية تاريخية لإنهاء النزاع المسلح. بالمقابل فإن عوامل عدّة منها إقليمي قد تتسبب بتعقيدات داخل ملف له أبعاد تشمل دولا في المنطقة.
- في 23 يناير 2025، رجّحت وسائل إعلام تركية، أن يوجه الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، المسجون في سجن جزيرة ايمرالي الواقعة قبالة سواحل إسطنبول منذ 25 عاما، دعوة إلى حزبه ومناصريه لإلقاء السلاح منتصف شهر فبراير المقبل.
- في 22 يناير، أجرى وفد من حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" الكردي لقاءً ثانيا مع أوجلان داخل السجن استغرق 4 ساعات، ونقل أن أجواء الاجتماع كانت إيجابية. وتسرّب من أجواء اللقاء أن يعلن أوجلان دعوته هذه في 15 فبراير القادم، لتتزامن مع الذكرى السنوية لترحيل أوجلان إلى تركيا.
- كشفت المعلومات أن الوفد ناقش مع أوجلان تفاصيل اللقاءات التي عُقدت مع أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" و"الشعب الجمهوري"، بالإضافة إلى المخاوف التي أبدتها بعض الأحزاب السياسية، وأنه من المتوقع أن يكون هناك لقاء ثالث مع أوجلان يوجه بعده دعوته الرسمية للتخلي عن السلاح أو إنهاء الوجود المسلح لحزب العمال الكردستاني PKK في تركيا.
- في 22 اكتوبر 2024، فاجأ رئيس حزب "الحركة القومية"، دولت بهشلي، الرأي العام التركي بدعوته من داخل البرلمان، إلى حضور أوجلان، إلى البرلمان وإعلان حلّ الحزب المصنف منظمة إرهابية وترك سلاحه، مقابل تمتعه بـ "الحق في الأمل".
- بهشلي هو حليف الرئيس التركي رجب أردوغان، في الحكم والحكومة. ويرأس أكثر الأحزاب تشددا وقومية وعداء ضد حقوق الأكراد في تركيا.
- في 23 اكتوبر 2024، أي في اليوم التالي لدعوة بهشلي، تعرضت شركة صناعات الطيران والفضاء "توساش" في أنقرة إلى هجوم، ارهابي اتهمت الحكومة التركية الـ PKK بالوقوف وراءه، ما عُدَّ من قبل مراقبين رفضا للحزب لدعوة بهشلي. فيما لم يستبعد وجود أيدٍ إيرانية وراء العملية وتوقيتها.
- في 30 ديسمبر 2024، أجرى وفد من نواب حزب "الشعوب" لقاء مع أوجلان، هو الأول منذ عشر سنوات،. وقال أوجلان عقب هذا اللقاء إنه "عازم" على المشاركة في عملية المصالحة التي بدأتها أنقرة.
- أشارت مصادر تركية مراقبة أن الأجواء السياسية الحالية في تركيا تختلف عن تلك التي أدت إلى فشل المحاولة الأولى لحلّ المشكلة الكردية عام 2013. ولفتت في هذا الإطار أن بهشلي اليميني القومي هو الذي دعا إلى الحل حاليا فيما كان رافضا له آنذاك.
- لاحظت المصادر أنه باستثناء حزب "الجيد"، فإن بقية الأحزاب السياسية التركية، الموالية والمعارضة، منفتحة جميعها على هذا المسار. وأشارت أيضا إلى أن التحوّلات الإقليمية تدفع وتشجع تركيا لمحاولة استكشاف طرق للتوافق والتسوية في هذا الملف.
- أقر معلقون سياسيون أتراك بإيجابية أوجلان، لكنهم لفتوا إلى أن "مسلحي قنديل"، في إشارة إلى مقاتلي PKK في جبال قنديل شمال العراق، لم يبدوا هذه الإيجابية، وأنه ينقل عنهم تشكيكهم في نوايا القيادة التركية واشتباههم بالضغط عليهم عبر أوجلان وما زالوا يرفضون إلقاء السلاح.
- ترتكز خطة أردوغان-بهشلي على نقطتين: إلقاء الـ PKK للسلاح وحلّ الحزب نفسه. لكن باحثين أتراك يرون أن لحلّ قضية الأكراد في تركيا أبعادا سورية وعراقية وإيرانية، ويعتبرون أن إيران كانت وراء أحد أسباب فشل محاولة 2013.
- تمتلك إيران نفوذا، عن طريق المال والسلاح، داخل تيار في حزب العمال الكردستاني. ويعتقد أن طهران تستخدم الحزب للضغط على تركيا ولتكون شريكا مرجّحا في أي تسوية لملف الأكراد في المنطقة.
- يتساءل مراقبون عن مدى تأثّر البيئة الكردية خارج وداخل تركيا كما في قنديل شمال العراق بالرسائل الإيجابية لأوجلان. ويعتبر هؤلاء أن هذه القضية لا يمكن أن تعالج بمعزل عن الابعاد الإقليمية، ما يمكن أن يسبب انقساما بين أكراد المنطقة، بما في ذلك إمكانية تعامل "قسد" في سوريا مع الملف بشكل مغاير.
- تقول مصادر قومية تركية إن عمليات الجيش التركي ضد قوات الـ PKK كانت ناجحة على نحو أدى إلى تراجع قدرات المقاتلين الأكراد على شنّ عمليات إرهابية ضد الدولة. وتضيف أنه رغم إمكانية وجود خلاف بين اوجلان والقيادات الكردية في أوروبا وقنديل، إلا أن البيئة الكردية الحاضنة تبدي ميلا للتسوية وإنهاء الصراع.
- رغم أن ملف "قسد" هو مشكلة تُناقش في سوريا مع الإدارة الجديدة في دمشق، يرى خبراء في الشؤون الكردية أن قضايا الأكراد في المنطقة مترابطة، وأن أي تطوًر بشأن أكراد تركيا سيتداعى إيجابا أو سلبا على مشكلة "قسد" شمال وشرق سوريا.
- يلاحظ مصدر تركي مراقب أن أوجلان أعطى بعد لقائه الأول مع وفد "الشعوب" عناوين عامة فضفاضة، فيما البيئة الكردية تنتظر بعد لقائه الأخير مع الوفد الإدلاء بمواقف تدخل في تفاصيل ما يمكن أن يطرحه، خصوصا أن لقاء من 4 ساعات لا بد أنه ناقش خريطة عمل في هذا الإطار.
- رغم المسار التسووي مع أوجلان وحزبه في تركيا، ترجّح مصادر تركية أن يستمر الضغط العسكري التركي على "قسد" شمال سوريا. وتعتبر المصادر أن الضغط العسكري يواكب ضغطا سياسيا على "قسد" للتفاوض مع دمشق والدفع باتجاه اندماج قوات "قسد" داخل الجيش السوري الجديد.
- يساعد نجاح التسوية أردوغان في تقوية أوراق تركيا أمام إدارة ترامب في واشنطن، وينزع ورقة ضغط غربية لطالما مورست ضد تركيا بسبب هذا الملف.
خلاصة:
**تكشف أجواء لقائيّ وفد نواب حزب "الشعوب" مع أوجلان عن إيجابية قد تؤدي إلى طلبه من حزب العمال الكردستاني PKK إلقاء السلاح، بما يمكّن أن يؤدي إلى تحقيق تسوية تاريخية يعمل عليها تحالف أردوغان-بهشلي.
**يستفيد هذا المسار من شبه إجماع سياسي داخل تركيا لم يكن متوفّرا أثناء المحاولة الأولى عام 2013. يستفيد المسار أيضا من تحوّلات إقليمية أهمها ذلك الذي تحقق في سوريا.
**رغم أن المسار تركي إلا أن للمسألة الكردية أبعادا لدى أكراد العراق وسوريا وإيران، وأن طهران قد تقف ضد التسوية، لا سيما أنها كانت وراء أحد أسباب فشل مسار عام 2013 لتحقيق ذلك.
**تشكك بعض المصادر بإمكانية استجابة قيادة الـ PKK في أوروبا وقنديل (العراق) لدعوة أوجلان المحتملة لإلقاء السلاح، كما تشكك بشعبية أوجلان بعد 25 داخل السجن. فيما تؤكد مصادر أخرى هذه الشعبية كما توق البيئة الكردية الحاضنة للتسوية.
**نجاح التسوية يقوي أوراق أردوغان أمام الولايات المتحدة، لا سيما في عهد ترامب، وتنزع ورقة ضغط تمارس على تركيا بسبب "المسألة الكردية".
** كما ان نجاح التسوية، يعني انهاء واحدة من أوراق النفوذ والدور الإقليمي الهامة ورافعتها في الصراع مع الولايات المتحدة والتحالف الغربي.