Friday 25th of April 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Apr-2025

قصة اغتيال رئيس الوزراء الأردني هزّاع المجالي

اندبندنت عربي
نجم الهاشم صحافي لبناني
الأحد 12 فبراير 2023


منذ بداية القرن العشرين، هزّت #العالم_العربي عمليات اغتيال كثيرة غيّرت في مسارات الأحداث والتطورات وبدّلت في تاريخ المنطقة. معظم هذه #الاغتيالات تمّ بالرصاص قبل أن تتحول إلى عمليات تفجير، وأكثرها كان نتيجة الصراع السياسي. "اندبندنت عربية" تفتح بعض ملفات هذه الاغتيالات، وفي هذه الحلقة نتناول قضية اغتيال رئيس الوزراء الأردني #هزّاع_المجالي.

لم تكن عملية اغتيال الملك الأردني عبدالله الأول في 20 يوليو (تموز) 1951 الوحيدة التي تعرّضت لها شخصيات قيادية في المملكة الأردنية الهاشمية. وإذا كان اغتيال الملك جاء في بداية عهد المملكة وانطلاقة تأسيسها، وتزامن مع بدء سلسلة تغييرات جذرية في العالم العربي، وفي ظل الصراع حول هوية الأردن السياسية وخياراته العربية، فإن اغتيال رئيس الوزراء الأردني هزّاع المجالي في 29 أغسطس (آب) 1960 أتى في ظل استمرار هذا الصراع، وفي ظل دولة الوحدة بين مصر وسوريا ومحاولة الرئيس جمال عبد الناصر مدّ نفوذه باتجاه عدد من الدول العربية ومن بينها الأردن بعد أعوام قليلة على تولي الملك حسين السلطة.

اغتيال المجالي شكّل نقلة نوعية في عمليات الاغتيال، وبعدما كانت تحصل بإطلاق بالرصاص تمّت هذه العملية بتفجير مقرّ الحكومة بواسطة عبوتين ناسفتين زرعهما عميلان للمخابرات السورية - المصرية بقرار من رئيس جهاز هذه المخابرات في دمشق العقيد السوري عبد الحميد السراج الذي كان رجل عبد الناصر القوي في الجزء الشمالي من جمهورية الوحدة والذي سيصبح لاحقاً نائباً لرئيس الجمهورية.

من هو المجالي؟

اغتيال المجالي جاء أيضاً بعد الانقلاب الذي دعمه عبد الناصر في العراق وبقيادة العقيد عبد الكريم قاسم في 14 يوليو 1958 والذي أدى إلى إنهاء النظام الملكي في بغداد وقيام الجمهورية بعد إعدام الملك فيصل الثاني وولي العهد الأمير عبد الإله ورئيس الوزراء نوري السعيد. وجاء أيضاً في ظل تصفية عبد الناصر مواقع السلطة التي كانت مؤيّدة لقيام حلف بغداد وبدأت بدعم ثورة 1958 في لبنان ضد عهد الرئيس كميل شمعون. وعلى رغم أن الملك حسين لم يعلن رسمياً الانضمام إلى هذا الحلف، فقد كان هدفاً لمحاولات تغيير النظام الذي يقوده في الأردن. وأكثر من ذلك بدا وكأن عملية الاغتيال لم تكن محكمة السرية وكأنه كان مطلوباً أن تكون مكشوفة بحيث هدفت إلى تخويف معارضي عبد الناصر الذي كان يستعد للتدخل في اليمن عبر الانقلاب الذي نفّذه العقيد عبدالله السلال في 26 سبتمبر (أيلول) 1962 وإعلان الجمهورية وإرسال الجيش المصري إلى اليمن لمساعدته في تركيز سلطته.

ولد هزّاع المجالي عام 1917 ودرس الحقوق في دمشق وتخرّج عام 1946 وأسّس مكتباً للمحاماة في عمّان، وقد عيّنه الملك عبدالله عام 1947 في التشريفات في القصر الملكي ليرافقه في عدد من جولاته ويصبح مقرّباً منه.

في عام 1948 تولى المجالي رئاسة بلدية عمّان ووسّع الطرقات وأدخل تحسينات في شبكات المياه والبنى التحتية، ولاقت أعماله استحساناً فعيّنه الملك وزيراً في حكومة سمير الرفاعي في عام 1950 وكان بعمر 33 سنة فقط، وبدأ وزيراً للزراعة ثم صار وزيراً للعدل ليتابع من هناك مسيرته السياسية في المملكة.

ترشّح في الكرك للانتخابات البرلمانية التي أجريت بعد اغتيال الملك عبدالله وفاز. وبعد تولّي الملك حسين العرش صار وزيراً للداخلية في حكومة فوزي الملقي، ثم وزيراً للعدل مرة ثانية في حكومة توفيق أبو الهدى. وبعد حلّ مجلس النواب عاد وترشّح إلى الانتخابات عن الكرك وفاز. واستقال المجالي من حكومة أبو الهدى قبل أن تستقيل هذه الحكومة وبعد تشكيل سعيد المفتي حكومة جديدة تمّ تعيينه وزيراً للداخلية. وحصلت هذه التغييرات في مرحلة تكثيف التحركات والعمل على قيام حلف بغداد في عام 1955 حيث استقالت حكومة المفتي فكلّف الملك حسين المجالي تشكيل الحكومة الجديدة.

وشنّت إذاعة صوت العرب هجوماً قوياً على المجالي وتحدّثت عن تظاهرات شعبية في الأردن ضدّ حلف بغداد. هذا الأمر جعل المجالي يقدّم استقالته بعد ستة أيام فقط من تشكيل الحكومة، فكلّف الملك حسين إبراهيم هاشم تشكيل حكومة جديدة ثم شكّل حكومة ثانية برئاسة سمير الرفاعي.

صراع المحاور

في هذه المرحلة في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1956 تشكلت حكومة سليمان النابلسي، وكانت حكومة حزبية على أساس ائتلافي، واستمرت حتى 10 أبريل (نيسان) 1957. في جلسة مجلس الوزراء في التاسع من أبريل 1957 أصدرت الحكومة مجموعة من القرارات، منها إحالة عدد من كبار موظفي الدولة الموالين للقصر إلى التقاعد، منهم مدير الأمن العام اللواء بهجت طبارة، وتعيين اللواء محمد المعايطة مديراً جديداً للأمن العام، وإجراء مناقلات في الجهاز الحكومي. واعترض القصر على تلك الإجراءات، وعلى إثر ذلك، أبلغ الملك في اليوم التالي الحكومة بقرار إقالتها، وتحرّك لتشكيل حكومة جديدة، فطلب من حسين الخالدي أن يشكّلها، لكنه أخفق، ثم كلّف الملك عبد الحليم النمر، نائب النابلسي في رئاسة الحزب الوطني الاشتراكي، لكنّه أخفق في ذلك أيضاً. وبعد أن أخفق سعيد المفتي في تشكيل حكومة جديدة، اتفق الملك مع الأحزاب في 15 أبريل على أن يشكّل حسين الخالدي حكومة يكون سليمان النابلسي وزير خارجيتها.

خلال ابتعاده عن الحكومة، استقال المجالي من مجلس النواب وأسس جريدة "صوت الأردن" الأسبوعية ثم عيّنه الملك حسين وزيراً للبلاط الملكي في عام 1958 قبل أن تعود إليه مهمة تشكيل الحكومة في عام 1959 بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وبعد اضطرابات في الداخل هدفت إلى زعزعة حكم الملك حسين وتم التصدّي لها بقوة. في هذه الحكومة، اختار المجالي وصفي التلّ مديراً للتوجيه المعنوي وتطوير الإعلام، وكان يضعه على طريق العمل السياسي في الأردن قبل أن يتولّى الأخير أيضاً رئاسة الحكومة ويتم اغتياله في عام 1971 في مصر بعد أحداث سبتمبر 1970 بين الجيش الأردني وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية المسلحة التي أدّت إلى إخراجها من الأردن إلى لبنان عبر سوريا.

الاغتيال بعبوتين

وكان المجالي خصّص، يوم الاثنين، لاستقبال الأردنيين والتواصل معهم لحلّ مشكلاتهم. يوم الاثنين في 29 أغسطس 1960 كان الموعد متفجراً ودامياً. الساعة العاشرة والنصف صباحاً، وبعد أن أنهى جزءاً من مهام يومه في مقرّ رئاسة الوزراء حيث مقرّ البنك المركزي الأردني حالياً، قرب شارع الملك حسين في وسط عمان، دوّى انفجار شديد القوة فيها، وعلت سحب الدخان قبل أن تنجلي الصورة وينكشف تدمير جزء من مبنى الرئاسة الذي يحتوي على مكتب المجالي، وقبل أن يتأكد بعد وقت قصير خبر مصرعه. لم يكن هذا هو الانفجار الوحيد بل كانت العملية مركبة بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر إذ دوى انفجار آخر بعد نحو 20 دقيقة بينما كانت بدأت عمليات الإنقاذ والبحث عن المصابين فسقط المزيد منهم.