الغد
إسرائيل هيوم
آفي بارئيلي 27/1/2025
عاد ترامب وأعلن، قبل الانتخابات وبعدها، بأن وجهته الى صفقات من قبيل الصفقات التجارية لترتيب شؤون العالم بما فيه الشرق الأوسط.
من شأن هذا النهج ان يؤدي الى تضارب بل وربما الى صدام مع المصالح الحيوية لإسرائيل في ساحات الحرب الحالية. ثمة خطر في أن يؤدي النهج التجاري الى صفقات سياسية ضارة مع ايران والى صفقات مع الإسلاميين السُنة في غزة وفي سورية، تحت رعاية "شركاء" ينوون الشر لإسرائيل كتركيا وقطر. هذا التقدير، على التضارب الذي قد ينشأ، يتفاقم حين نأخذ بالحسبان تعيينات ترامب في وحدات الإدارة التي تعنى بالشرق الأوسط.
صحيح أنه عين للمستويات العليا مؤيدون واضحون لإسرائيل: وزير الخارجية روبيو، مستشار الامن القومي فالتس، وزير الدفاع هيغسيث، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية راتكليف، السفيرة الى الأمم المتحدة ستفنيك والسفير الى إسرائيل هكبي. لكن في المستويات الوسطى عين أيضا أناس مثل مديرة الاستخبارات الوطنية غابارد، المبعوث الى الشرق الأوسط ويتكوف، نائب وزير الدفاع غولبي ومساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط دنينو. ولاولئك ينبغي أن يضاف قسم كامل في وزارة الخارجية الاميركية، الذي يعتقد منذ سنين بان الحلف مع إسرائيل يجر الولايات المتحدة الى حرب غير مرغوب فيها. هؤلاء الموظفون، حين يرتبطون بنهج الصفقات الدبلوماسية لترامب وماسك من شأنهم ان يدفعوا قدما باستراتيجية المصالحة مع ايران التي اتخذتها ادارتا أوباما وبايدن في تطلع لاستقرار الشرق الأوسط من خلال صفقات مع ايران، تركيا وقطر. هذه المرة من شأنهم ان يدفعوا قدما بهذه الاستراتيجية البائسة تحت شعار "أميركا أولا" مع نكهة انعزالية بل وفي هوامشها لاسامية.
شعار "أميركا أولا" ليس دعوة للانعزالية او لانغلاق الولايات المتحدة في قارتها. وبالتأكيد ليس فيها بحد ذاتها لاسامية او تحفظ من إسرائيل. في أصلها طرحها ترامب كي يحدد سياسة تخدم مصالح أميركية وليس مدينة فاضلة عالمية – أي، "أميركا أولا" هي دعوة لسياسة فاعلة ومكثفة للولايات المتحدة في الساحة العالمية وليس انسحابا منها. لكن عندما ترتبط "أميركا أولا" لدى ترامب بدبلوماسية "خذ وأعطِ" شبه تجارية، من شأنها أن تؤدي الى "خذ" خطيرة تعطى لإيران، في شكل تكيف مع كونها دولة حافة نووية او تؤدي الى التسليم باستمرار تهديد جيوش الإرهاب في قطاع غزة، في لبنان وربما أيضا في سورية.
لهذه الرؤية وضعت بنية تحتية ما في تعيينات ترامب في ادارته. من جهة، فكرة "أميركا أولا" فيها أساس لتعاون فكري واستراتيجي مع إسرائيل، إذ إن المصالح الاميركية والإسرائيلية متداخلة على أن تفهم إدارة ترامب بان مصالحها نفسها تفترض اقتلاع الجهادية الإسلامية. يمكن لإسرائيل أن تنخرط في ميل ترامب لترتيب الشرق الأوسط من خلال سياسة شبه تجارية، فقط عندما تراعي هذه السياسة المصالح الحيوية لإسرائيل ولا تقضمها.
في المفترق الحالي إسرائيل ملزمة وقادرة على أن تحسم دون مساومة امام أعداء وحشيين كمنوا لها بصبر، ايران وحماس. عليها أن تنهي المهمة في غزة وفي لبنان دون مساعدة أميركية مباشرة. محظور التكيف مع الجيوش على حدود إسرائيل في حل وسط يكون مقدمة لهجمات أخرى. ومحظور التسليم ببقاء التهديد الإيراني بل من الحيوي هزيمته بشكل قاطع.
لقد اظهر الإيرانيون قدرتهم على المساومة لاجل الإبقاء على مشروعهم النووي وبعدها تطويره. هجمات الولايات المتحدة في العراق أظهرت في حينه ما يمكن ان يحصل لإيران أيضا، ولهذا ففي بداية سنوات الالفين خفض الإيرانيون الرأس وجمدوا التطوير النووي وبعد ذلك استأنفوه في اللحظة المناسبة لكن الآن هذه لحظة مناسبة من ناحية عملياتية واستراتيجية لإسرائيل، ومحظور لـ"الصفقات" ان يذيبوها.
هل اتفق نتنياهو مع ترامب على منع "تنازلات تجارية" مع الإسلاميين المهددين لنا؟ وكبديل هل يعرف كيف يقف في وجه "صفقات" من شأن ترامب ان يبادر اليها؟ ينبغي الامل في ألا تكون الصفقة الحالية مع حماس تبشر بـ"صفقات" خطيرة.