Thursday 30th of January 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jan-2025

اليمين المتطرف يشعل النار بالضفة

 الغد-هآرتس

بقلم: نوعا ليمونا   - 27/1/2025
 
 
التحرير المرحب به للأربع مراقبات ولم شملهن المؤثر مع عائلاتهن، احتل كل اهتمام وسائل الإعلام ووسائل التواصل في نهاية الأسبوع. الصور التي تم بثها مرة تلو الأخرى بدون توقف، مصحوبة بتصريحات تلقائية من المراسلين والمقدمين، كررت نفسها بصورة لانهائية. عندما لا يكون هناك أي شيء جديد، فانهم يقولون ويبثون مرة تلو الأخرى نفس الشيء. الحاجة العاطفية للانشغال الزائد مفهومة، بعد أشهر طويلة من التوقع. ولكن عندما تكون كل الأنظار مركزة على شيء واحد فيجب السؤال: عن ماذا هذا الاهتمام منصرف؟ ما الذي بقي خارج ذروة المشاهدة ومن يخدم هذا الإهمال؟.
 
 
 في الوقت الذي كنا فيه مذهولين من مشهد ليري ونعمه ودانييلا وكارينا وهن يعانقن الوالدين، فاتنا مشهد طفلة عمرها سنتين، ليلى الخطيب، التي قتلت في يوم السبت بنار قناص إسرائيلي في قرية قرب جنين. منذ بدء وقف اطلاق النار في القطاع انتقلت الحرب بكل القوة إلى الضفة الغربية: قتلى وجرحى وعشرات المعتقلين بالملابس البيضاء يحتلون مكان من تم الأفراج عنهم في الصفقة؛ قرى محاصرة وسيارات عسكرية تقوم بأعمال الدورية. الشوارع فارغة وتجمعات يتم طردها ومواقع يتم الاستيلاء عليها وعشرات الحواجز تمت اضافتها في الضفة وجعلت حياة الفلسطينيين كابوس أكبر من المعتاد.
 المبرر الرسمي لهذه العملية هو مبرر أمني: الرد على العمليات في قرية الفندق وفي تل ابيب، الخوف من عمليات اطلاق نار وزرع عبوات ناسفة على الشوارع والحاجة الى قمع حماس ومنعها من رفع الرأس هناك. ولكن على المدى البعيد هذه العملية تخدم بالذات حماس. أولا، لأنه كلما زاد القمع والعنف واليأس يزداد التطرف والتوجه نحو القتال، حيث أنه يبدو الطريقة الوحيدة للخلاص. ثانيا، لأنه هكذا تظهر حماس للفلسطينيين قوتها مقابل ضعف السلطة، التي تعرضت للانتقاد الشديد بسبب عملياتها في جنين في الفترة الأخيرة. قبل أسبوعين تم التوصل الى اتفاق بين الفصائل في مخيم جنين وبين السلطة الفلسطينية، الشرطة الفلسطينية انتشرت هناك بالاتفاق. الآن الجيش الإسرائيلي يظهر للسكان بأن السلطة الفلسطينية لا يمكنها حمايتهم، وهو يساعد بشكل غير مباشر في تعزيز مكانة حماس.
في الجانب الإسرائيلي الاشتعال في الضفة يخدم اليمين المتطرف ونتنياهو. الدافع المباشر للاشتعال لم يكن عملية ضد إسرائيليين، بل المذبحة التي نفذها المستوطنون في القرى الفلسطينية كرد غاضب على تحرير السجناء في الصفقة. وعند إضافة الى ذلك الشروط التي وضعها بتسلئيل سموتريتش من اجل بقائه في الحكومة (منها تنفيذ عملية عسكرية في الضفة الغربية)، وقرار إسرائيل كاتس الغاء أوامر الاعتقال الإداري للمستوطنين المعتقلين، والاستحواذ المرضي للاسرائيليين فيما يتعلق بـ "احتفالات" الفلسطينيين (تقييد الحركة استهدف التشويش على هذه الاحتفالات)، والاعلان عن استقالة رئيس الأركان هرتسي هليفي، التي احد أسبابها حسب بعض المحللين العسكريين هو التدخل السياسي في قرارات عملياتية – يصعب عدم تشخيص في قرار إخراج العملية العسكرية إلى حيز التنفيذ أي دوافع سياسية. ليس من الغريب أن جهات سياسية تسمي العملية الحالية "حرب سموتريتش"، وتعتقد أن نتنياهو "أعطاه" العملية مقابل بقائه في الحكومة.
بكلمات أخرى، السياسيون الذين هم اقلية هامشية في أوساط الجمهور يجرون إسرائيل الى تورط عنيف في الضفة، الذي لن يجعل حياتنا هنا أكثر أمنا، بل بالعكس، هذا سيخلد دائرة القمع والحرب ويزيدها؛ يخدم اليمين المتطرف وطموحات الضم والاستيطان له؛ يخدم نتنياهو وهدفه الخالد، اضعاف السلطة وحرمانها من السيطرة في المستقبل على القطاع؛ ويخدم حماس أيضا. وهو أيضا يمكن أن يخرب تقدم صفقة إعادة المخطوفين واستكمالها.
الغالبية في إسرائيل ذرفت الدموع بتأثر امام الشاشات التي بثت عودة المخطوفات، لأننا في معظمنا نريد استكمال الصفقة وانهاء الحرب. معظمنا نريد العيش بسلام، لكن في الوقت الذي نستسلم فيه للراحة الحزينة ودموع الفرح تطمس رؤيتنا، فان حفنة من المتطرفين ستجرنا مرة أخرى الى الحرب.