Friday 14th of March 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Mar-2025

الخوف والفرصة

 الغد-هآرتس

بقلم: رون بن يشاي
 
يمكن لنا أن نفهم رؤساء المجالس والبلديات في الشمال حين يتعاطون بشكل كبير لاتفاقات لجنة التنسيق في موضوع لبنان، التي انعقدت في الناقورة أول من أمس. وسبب الشك هو أنه من الصيغة الغامضة للتفاهمات التي اتفقت عليها اللجنة يمكن الوصول إلى الاستنتاج بأن الجيش الإسرائيلي في نهاية الأمر وبعد زمن غير بعيد، سينسحب تماما من أراضي جنوب لبنان حتى الخط الأزرق. إذا كان هذا لا يكفي، فحسب الاتفاقات يمكن بسهولة الوصول إلى استنتاج آخر: أن حتى هذا الخط الأزرق لن يبقى في مساره الحالي في الحدود بين لبنان وإسرائيل، بل سينتقل إلى الخلف في 13 نقطة.
 
 
رغم احتجاجات رؤساء المجالس والبلدات، أضاف مصدر حكومي كبير في القدس، أن إسرائيل لا تتطلع إلى إبقاء الجيش الإسرائيلي في أراضي لبنان وأنها تأمل في تحقيق ترتيبات أمنية مستقرة على طول الحدود من دون التواجد الدائم في أراضي لبنان.
لا يمكن الاستخفاف بهموم رئيس المجلس المحلي المطلة، دافيد ازولاي ورئيس المجلس الإقليمي موشيه دافيدوفيتس اللذين يتذكران جيدا، كيف تحول قرار الأمم المتحدة 1701، إلى ورقة فارغة من المضمون. فقد خرق حزب الله كل بند من بنوده بشكل فظ وتموضع على مسافة أمتار من الحدود وهكذا عرض للخطر البلدات المحاذية لها (كما أن طائرات سلاح الجو واصلت التحليق في سماء لبنان، بخلاف تعهد إسرائيل في اتفاق 1701).
لكن الوضع في لبنان اليوم، يختلف قطبيا عن الوضع الذي كان في نهاية حرب لبنان الثانية، وهذا يبرر فحصا لاتفاقات لجنة التنسيق بمناظير أخرى ووفقا لمعايير أخرى.
أرضية مريحة للمفاوضات
في العام 2006، خرج حزب الله ونصرالله بإحساس النصر الساحق على إسرائيل في حرب لبنان الثانية. كل العالم العربي أعجب بهما، ناهيك عن الطوائف الأخرى التي لم تتجرأ في لبنان أصلا على التشكيك بقوتهما. أما اليوم، فالوضع معاكس. فارق أساسي آخر واضح أيضا في الإدارة الأميركية التي في العام 2006 طلبت من إسرائيل وقف الحرب فورا مقابل قرار ضعيف من الأمم المتحدة. أما اليوم، فإدارة ترامب تدعم إسرائيل على كل الطريق.
اليوم، يمكن الإشارة الى ثلاثة انعطافات. الأول – أن حزب الله ضعف جدا، وفي لبنان نشأت لأول مرة شروط لتغيير سياسي، عسكري، جوهري ومهم. مجرد انتخاب الجنرال عون رئيسا للبنان يجسد حقيقة أنه في الظروف الحالية كف حزب الله عن أن يكون العنصر العسكري والسياسي المسيطر في لبنان، وإذا ما التزمت حكومات إسرائيل بتعهداتها لمنع ترميم قوة حزب الله، فثمة احتمال جيد لتآكل عميق في قدرة حزب الله وحركة أمل، على تهديد إسرائيل وتهديد الطوائف الأخرى في لبنان.
عامل آخر خلق لإسرائيل أرضا مريحة للمفاوضات مع حكومة لبنان هو الإسناد الذي نتلقاه من الرئيس الأميركي ترامب. فترامب يطالبنا بحزم بأمر واحد فقط: ألا تستأنف الحرب في لبنان. في هذا الموضوع، تجدر الإشارة إلى أن صهر الرئيس ترامب هو رجل أعمال لبناني ثري، يهمس في أذنه وهو يريد أولا وقبل كل شيء تخليص لبنان من الأزمة العميقة التي يوجد فيها منذ بضع سنوات. كما أنه مستعد لأن يتحدث معنا ويسمع ما تريد إسرائيل.
العامل الثالث الذي يعمل لصالحنا هو الرغبة الشديدة للدول العربية السنية المعتدلة بقيادة السعودية، الإمارات وقطر أيضا بإيقاف لبنان على قدميه، حكما واقتصادا. من ناحيتها المعنى هو أن يكون تطبيع يتعزز فيه الجيش اللبناني، بقيادة مسيحية وسنية أساسا ويحافظ على الأمن داخل لبنان وعلى حدوده، بما في ذلك منع تهريب السلاح لحزب الله من سورية. منذ الآن يثبت الجيش اللبناني إرادة للعمل، بل وحتى قدرة عمل تنفيذية لم نرها في الماضي.
هذه العوامل الثلاثة تتيح لحكومات إسرائيل الالتزام بالتعهدات التي قطعتها لمبعوث إدارة بايدن عاموس هوكشتاين قبل سنتين ومؤخرا، أيضا أثناء جهود الوساطة التي قام بها لتحقيق وقف النار.
الحوافز الأميركية
لم تنشر حكومة إسرائيل في أي مرة بشكل رسمي التفاهمات التي اقترحها هوكشتاين كحافز– ليس فقط لحزب الله، بل وأيضا لرؤساء الطوائف غير الشيعية في لبنان – للوصول إلى وقف نار وإقامة حكومة جديدة من دون مراعاة إملاءات حزب الله.
فقد عرض هوكشتاين على اللبنانيين أنه بعد أن يتحقق وقف النار تبدأ مفاوضات لتعديل الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة كحدود بين إسرائيل ولبنان في أيار (مايو) من العام 2000. حزب الله وأمل، التنظيمان الشيعيان يطالبان بتعديل هذا الخط في 13 نقطة، بما في ذلك منطقة هار دوف.
وعد آخر من هوكشتاين أنه في ظل وقف النار سيبحث في إعادة معتقلين لبنانيين، معظمهم من رجال حزب الله وأمل، لدى إسرائيل.
المسألة الثالثة التي لم يحمل هوكشتاين شيئا هي خمسة استحكامات السيطرة التي إقامتها إسرائيل في أراضي لبنان كي تمنع اقترابا محتملا لمسلحين من الحدود (ليس فقط حزب الله، بل حماس والجهاد الإسلامي) وإطلاق نار في تصويب مباشر نحو أراضيها. لكن إدارة ترامب أيدت مؤخرا، وجود هذه الاستحكامات الإسرائيلية في أراضي لبنان. إسرائيل أعلنت مسبقا أنها لا تعتزم إبقاء الجيش الإسرائيلي في هذه الاستحكامات إلى الأبد، وأنها مبدئيا ستكون مستعدة لإخلائها في اللحظة التي يتحقق فيها تغيير حقيقي في جنوب لبنان من مسلحي حزب الله.