الرجل الحقير.. وقانون الكارثة
الغد-هآرتس
بقلم: نحاميا شترسلر 29/10/2024
عضوة الكنيست افرات رايتم (الديمقراطيين) كانت هجومية جدا. فقد هاجمت نتنياهو في حلقة تلفزيونية واتهمته بسوء إدارة الحرب. وأضافت بأن فشله الأكبر كان عدم مهاجمة حماس وحزب الله قبل 7 أكتوبر، الأمر الذي كان سيمنع حدوث المذبحة الفظيعة.
أنا سمعت ذلك وضحكت. المهاجمة قبل 7 أكتوبر؟ لقد كانت رايتم ستصلب بيبي في ميدان المدينة وتقول له: لماذا تهاجم هكذا، بدون سبب، التنظيمات التي تجلس بهدوء؟. في الحقيقة حماس لم تطلق علينا الصواريخ منذ سنتين (هي سمحت للجهاد الإسلامي بإطلاقها بدلا منها كجزء من التمويه)، وحزب الله مجرد يهدد.
انظروا أي ضرر كبير ألحقه بنا نتنياهو مؤجج الحروب، عندما قام بشن العملية بمبادرة منه. ها هي حماس تمطر علينا الصواريخ، وحزب الله يطلق الصواريخ، والجنود يدفعون الثمن بدمائهم. ايضا الاقتصاد يعاني، ورايتم لم تكن لتبقى وحيدة. جنرالات في الاحتياط ومحللون كانوا سيسارعون الى الانضمام لهذا الاحتفال.
هذا في الحقيقة "قانون الكارثة". هو يقول إن السياسي لا يفعل أي شيء لمنع كارثة مستقبلية، لأنه في اللحظة التي سيبادر فيها الى خلق ازمة صغيرة فإن الجميع سيتهمونه بالضرر الذي سببته هذه الازمة الصغيرة، وهو لن يستطيع الإقناع أنه بذلك منع كارثة اكبر منها بمليون مرة. ولكن في نهاية المطاف هذه الكارثة لم تحدث. هو منعها. هل هذا يعني أن الكارثة في الجنوب كانت أمرا محتوما لا يمكن منعه؟ ألم يكن بالإمكان منع المذبحة، الاغتصاب وإحراق الـ 1170 ضحية واختطاف 251 مواطنا وجنديا؟.
من الواضح أنه كان يمكن منع ذلك. فالزعيم الحقيقي ليس عبدا لقانون الكارثة. هو يعرف كيف يشن حربا وقائية عند الحاجة. حتى عندما يكون واضحا له بأنه ستتم مهاجمته بسبب ذلك. الزعيم الحقيقي أيضا يعرف كيفية إقناع شعبه بأن الحرب الوقائية الصغيرة التي بادر إليها منعت كارثة كبيرة، وهكذا سيسجل في التاريخ. انظروا إلى ونستون تشرتشل في الحرب العالمية الثانية. ولكن نتنياهو هو نقيض تشرتشل. هو يفكر فقط بنفسه وكرسيه ومحاكمته. لذلك، خلال سنوات حكمه تبنى قانون الكارثة بإخلاص.
نتنياهو رفض دائما أي مبادرة عسكرية كي لا يتهمونه بشيء. وقد رفض حتى عملية تصفية يحيى السنوار وقيادة حماس قبل 7 اكتوبر بفترة طويلة. بعد بضعة أيام على انطلاق عملية "الجرف الصامد" في 2014 هو أراد إنهاءها، بدون الدخول البري الى غزة وبدون علاج الخطر الرئيسي، "الأنفاق الهجومية التي كانت مثل قنبلة إستراتيجية موقوتة".
هو وقع على اتفاق لوقف اطلاق النار، لكن في حينه دخل الى اسرائيل 13 مقاتلا من خلال أحد الأنفاق، كانت تبعد فقط 200 متر عن كيبوتس صوفا، الأمر الذي أجبره على التراجع عن سياسة النعامة، وأن يأمر الجيش الاسرائيلي بدخول القطاع وتصفية الـ 32 نفقا، التي بعضها اجتاز الحدود. لو أن حماس انتظرت ولم ترسل الـ 13 مقاتلا لكانت عملية "الجرف الصامد" ستنتهي، والجيش الاسرائيلي كان سيتراجع، وبعد ذلك حماس كانت ستفاجئنا بهجوم مخيف في الكيبوتسات.
منذ "الجرف الصامد" هو يواصل الإهمال، والتخلي وإغماض عينيه. ولكن ماذا عنا نحن؟ كان من المريح واللطيف لنا الإدمان على الهدوء المصطنع والحياة الجيدة التي باعنا إياها. صحيح أن نتنياهو هرب من الحرب الوقائية، ولكن نحن أيضا لم نرغب فيها. لم نرغب في قتلى وجرحى، حتى لو كانوا قلائل. لم نرغب في دفع الثمن الاقتصادي للحرب الوقائية. لقد سقطنا في شرك المتحايل. لقد صدقنا الرجل الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي، الذي باعنا الأساطير التي تقول بأن حماس مردوعة وأنه لا توجد أي احتمالية في أن تهاجم.
لكن بعد ذلك جاء 7 أكتوبر واستيقظنا على أهوال خيبة الأمل. لقد عرفنا أننا دفنا الرأس في الرمل. وقد أدركنا أن حماس وحزب الله خططوا لتدميرنا. إذا من الصحيح أنه يجب إنهاء الحرب وإعادة المخطوفين، لكن يجب أيضا أن نضمن بأن حماس وحزب الله لن يتمكنوا في أي يوم من إلحاق بنا 7 أكتوبر آخر.