Friday 25th of April 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2025

الرد على الآثم ابن الآثم عريضة دعم لمبادرة ماكرون

 الغد-هآرتس

بقلم: ديمتري شومسكي
 
عهد ما بعد الحقيقة الذي نعيش فيه الآن، هو أيضا بالأساس عهد ما بعد الأساسي. عهد فيه التافه يحكم المشهد، في حين أن الأساسي يتم إبعاده الى الزاوية. هكذا، في الوقت الذي فيه الجميع ينشغلون بالتغريدتين المخجلتين ليئير نتنياهو ("اذهب الى الجحيم") وتغريدة بنيامين نتنياهو ("ابني يئير صهيوني حقيقي")، ضد الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. الجزء المهم في المواجهة بين إسرائيل وفرنسا -موقف ماكرون السياسي من القضية الفلسطينية- لا يحصل تقريبا على أي تطرق في الخطاب العام.
 
 
مع كل الحذر المطلوب، يمكن القول إن الأمر يتعلق ببشرى سياسية منعشة وتبعث على الأمل. ربما، كما كتب لي دبلوماسي إسرائيلي متقاعد، نحن حتى نقف أمام انعطافة حقيقية في سياسة أوروبا تجاه مسألة إسرائيل - فلسطين. هو لم يشرح الى ماذا يستند في شعوره هذا، لكن تصريحات ماكرون أثارت بي الشعور نفسه.
فكرة حل الدولتين طرحت حتى الآن في فترة حكم نتنياهو كتوصية دافئة على الأكثر، من خلال إظهار عدم الرغبة في مواجهة سياسية مع إسرائيل. مثال بارز على ذلك هو مؤتمر السلام الدولي الذي عقد قبل ثماني سنوات في باريس بمبادرة ورعاية الرئيس الفرنسي في حينه فرانسوا هولاند، بهدف، كما قال، "التحذير من تهديد مستقبل حل الدولتين". وقد تم التأكيد في هذا المؤتمر أن فرنسا لا تفكر بفرض شروط على الطرفين، وأن المفاوضات المباشرة فقط هي التي ستؤدي الى الدفع قدما بحل الدولتين.
خلافا لهولاند يبدو أن ماكرون أكثر رزانة. فهو لا يخدع نفسه بأن حكومة نتنياهو ستوافق بإرادتها على إجراء محادثات سلام مع تقديم تنازلات جغرافية، حتى مع أكثر الفلسطينيين اعتدالا. لذلك، فإنه من جهة يعمل على الدفع قدما بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية مقابل إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، من دون تطرق صريح من قبل إسرائيل لحل الدولتين. لكن من جهة أخرى، للسبب نفسه، اعترافه بالرفض المتشدد لإسرائيل لإقامة دولة فلسطينية في أي إطار الى جانبها، فتصريح ماكرون بأنه ينوي الدفع قدما باعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي ربما سيستدعي اعترافا دوليا واسعا. الإعلان الذي لم يتراجع عنه أيضا بعد أن تحدث والد "الصهيوني الحقيقي" من ميامي معه هاتفيا، وأكد رفضه لاستقلال الشعب الفلسطيني.
ماكرون لا يعتبر حل الدولتين هدفا ضبابيا في المستقبل البعيد، الذي تحقيقه مرهون برغبة إسرائيل، بل هو شعار لمعركة سياسية. يمكن أن تتضح كمعركة ناجعة، بالتحديد بعد تحقيق التطبيع مع السعودية، وبمثابة شرك سياسي مغرٍ، الذي ستستخدم فيه على إسرائيل ضغوط للموافقة على التوجه الى مسار تقسيم البلاد، ضغوط أوروبية وضغوط الدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها السعودية، وأخيرا في مثل هذه المجموعة ربما حتى من دونالد ترامب، عندما لاحظ وجود فرصة من داخل دوافعه النرجسية، للوقوف على رأس عملية سياسية شاملة وواعدة نحو السلام في الشرق الأوسط.
جهات في وزارة الخارجية الإسرائيلية في الواقع تتشكك بالنسبة للخطة السياسية لفرنسا، لكن يجدر عدم التقليل من أهمية خطوات ماكرون، خاصة مع الانتباه الى مصدر تصميمه السياسي: عندما أخلت الولايات المتحدة في عهد ترامب مكانها كمدافعة عن قيم الحرية للحضارة الغربية، يبدو أن فرنسا في عهد ماكرون تطمح الى ملء هذا الفراغ. هكذا في الوقوف الواضح لماكرون الى جانب أوكرانيا أمام المحتل الروسي، وهكذا يتضح أيضا فيما يتعلق بدعمه القاطع لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
نقطة أخرى مهمة، التي تعلمنا أنه يجب عدم الاستخفاف بالجهود السياسية لماكرون، تتعلق بحقيقة أنه رغم عدم الاتفاق المبدئي الصريح مع ترامب، إلا أن شبكة علاقاته مع الرئيس غير المستقر مستقرة وإيجابية. يبدو أن ترامب يحترمه ويتعاطف معه، ويبدو أنه يرى فيه قناة سياسية حيوية في الساحة الغرب أوروبية في وقت مواجهته الصاخبة مع أوروبا.
ماكرون يثبت نفسه إذا كسياسي يحسب خطواته ورجل دولة ذكي. ومن غير المستبعد أنه عندما يحين الوقت سيعرف كيف يجند الى جانبه، بصورة مفاجئة، حتى الإدارة الأميركية الحالية من أجل الدفع قدما بحلمه حول المستقبل الإسرائيلي - الفلسطيني.
الإسرائيليون الذين يؤيدون حل الدولتين يمكنهم الإسهام في أن خطاب الدولتين المصمم لماكرون لا يبدو مقطوعا تماما عن الرأي العام في إسرائيل. يجب تنظيم، من دون تأخير، حملة توقيع مغطاة إعلاميا لمواطني إسرائيل على عريضة دعم لحلم ماكرون السياسي، مثلما عرضه في تغريدته التي كانت هدفا لشتيمة "الآثم ابن الآثم من ميامي". يجب بناء حملة حسب نموذج الحملة المدنية الناجحة التي أغرقت البلاد مؤخرا عندما قامت 40 مجموعة -رجال أمن، رجال أكاديميا، أطباء، معلمون، آباء طلاب في المدارس والجامعات وأمهات وغيرهم- بالانضمام الى المطالبة بتحرير المخطوفين حتى بثمن إنهاء الحرب.
نص العريضة (بعنوان محتمل "نعم لمبادرة ماكرون") يجب صياغته بالعبرية بما يشبه تغريدة ماكرون، التي لا يوجد أكثر شدة ووضوحا منها، "نعم للسلام، نعم لأمن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية من دون حماس". نداء كهذا سيعطي شرعية جديدة للتحركات المباركة للرئيس الفرنسي، ويمكن أن يدفع الرياح الإسرائيلية في أشرعة سفينة السلام.