Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-May-2020

الشاعر أيسر رضوان: أحاول أن لا أسقط ضحية الكتابة المباشرة عن «كورونا»

 الدستور– نضال برقان

 
«دردشة ثقافية»، ذات طابع نقدي للراهن والمعيش، نطل من خلالها على عوالم مبدعينا الأردنيين والعرب، ونتأمل جانبًا رؤاهم الخاصة لكثير من المفردات، والصغيرة منها والكبيرة، ونتجول في مشاغلهم الإبداعية، ونتعرف من خلالها إلى أبرز شجونهم وشؤونهم..
 
في دردشتنا الآتية نستضيف الشاعر أيسر رضوان*
 
* أبدأ من «كورونا»، ذلك الفايروس الذي راح يعصف بالعالم، بالناس، بالنظم السياسية والفكرية السائدة، بالكثير من العادات والتقاليد، ترى ما أبرز الأسئلة التي أثارتها في وجدانك تداعيات «كورونا»؟
 
- لا شك أن ما يمر به العالم هذه الفترة بسبب وباء كورونا هو أمر عجيب غريب ولم يشهده العالم من قبل متمثلا بكيفية تعاطي الدول والأنظمة السياسية مع هذا الوباء، فلماذا يحدث كل هذا؟ أهو الخوف من الموت أم الخوف من التعرض للمرض بحد ذاته؟ هل الكورونا هو سلاح بيولوجي تم إطلاقه على العالم؟ لمصلحة من ومن المسؤول؟ العالم بأجمعه يتأذى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا فمن المستفيد من كل هذا؟ وإن كان هذا الوباء قد خرج إلينا بمحض صدفة فهل حقا لم يتم العثور على علاج له حتى الآن أم أن هناك استغلالا للموقف من قبل أنظمة سياسية بعينها؟ فهناك وفيات في كل عام بسبب الإنفلونزا العادية تقدر بعشرات الآلاف ولم يحرك أحد ساكنا لذلك؟ فما الذي يحدث؟ هل سيكون هناك تغير في المنحنى الثقافي وهل سنسمع عن أدب الكورونا في مقبل الأيام؟ إلى أين ستتجه الثقافة المحلية والعالمية؟
 
* تحديات جمّة تواجهها المجتمعات العربية، على الصعد كافة، ترى هل على المثقف أن يقوم بدور ما حيال مجتمعه؟ وما طبيعة الدور الذي يمكن أن يقوم به في ظل النظم السياسية القائمة؟
 
- بطبيعة الحال فإن المثقف يقوم بدور وأدوار مختلفة تجاه مجتمعه وللمجتمع الإنساني بكليته، ولكن السؤال هو ما مدى التأثير الذي يحققه المثقف تجاه المجتمع؟ وإنني آسف أن أقول بأن هذا التأثير يكاد أن يتلاشى أمام تغول الإعلام اللامسؤول والذي لا يهمه سوى الربح المادي، والذي يكون أيضا في الكثير من محطات الإعلام الموجه هو تحت تأثير سياسي ممنهج لفرض فكر مجتمعي كما يريده الساسة والأنظمة، فأين إعلام المثقفين والذي لابد له أن يكون مؤثرا أيضا وممنهجا وأن لا يكون مناكفا لإعلام آخر، فالمطلوب هو دور ثقافي إعلامي توعوي وخلاق ومبدع حتى يتمكن المثقف من إيصال صوته وفكره للمجتمع بكافة أطيافه وبشكل مؤثر.
 
* لم يزل سؤال التنوير واحدًا من أهم أسئلة الثقافة العربية، منذ أزيد من قرن، ترى هل استطاع المثقف العربي تقييم إجابة، أو شبة إجابة حتى، على ذلك السؤال؟
 
- لنكن واضحين أكثر فإن مسألة التنوير في بلادنا ومناطقنا في الشرق ستظل مسألة ناقصة ولن تصل إلى مرحلة متقدمة تصل بنا إلى التغيير المطلوب منها، فهنا الكثير من المعوقات التي يصطدم واصطدم بها التنويريون المثقفون، فالطابع الأيديولوجي الجامد منذ زمن هو الجدار الأصلب في وجه التجديد والتنوير وهو المسيطر على العقلية المجتمعية الخائفة والتائهة ما بين التقبل والرفض، وغير ذلك الكثير من خلفيات الرفض التي تستند على أعراف وتقاليد ومعلومات تاريخية تجمد وتوقف عندها العقل المجتمعي، ففي الحداثة الأدبية التي تحاول الوصول إلى كامل المجتمع ما زالت مرفوضة حتى من بعض المختصين والدارسين، فلذلك برأيي أن الإجابة عن سؤال التنوير ما يزال بحاجة إلى وقت أطول مما نعتقد؛ لأن ذلك متوقف على انفتاح وانطلاق العقلية المجتمعية حتى تتقبل التغيير المنشود، كما أيضا على أصحاب التنوير أن لا يأتوا بقوالب جاهزة من التنوير الغربي ومحاولة تطبيقها في مجتمعاتنا بشكل مباشر إذ أن لكل مجتمع خصائصه وفكره المختلف والذي لابد من التعامل معه حسب المعطيات على أرض الواقع.
 
* في الوقت الذي نتأمل فيه بعض مرايا الثقافة العربية، ترى هل هي ثقافة حرّة؟ أم هل ثمّة هيمنة، أو أكثر، تمارس على هذه الثقافة؟ وإذا وجدت تلك الهيمنة، فما الذي تسعى لتحقيقه، أو ترسيخه ربما؟
 
- لنقل أن الهيمنة بمختلف أشكالها سياسية أو دينية أو حتى مجتمعية هي موجودة منذ أزمان بعيدة والشواهد على ذلك كثيرة عبر التاريخ، فهي ليست جديدة، وحين نتحدث عن ثقافة حرة فذلك يعني أن لا قيود وتقبل الرأي والرأي الآخر، ولا أتحدث عن تقبل بين أفراد، بل بين نطاقات أوسع من أطياف دينية وحزبية وسياسية والتي هي ذات التأثير الأكبر على المجتمعات، فكل طيف من هذه الأطياف تسعى لأن تكون الأكثر هيمنة على كل التفاصيل الحياتية، ومن هنا فإن الثقافة الحرة تتأتى من التوافق والتقبل للآخر والانفتاح ضمن معايير لا تصطدم بالاعتقاد.
 
* لعل أحد الحلول الناجعة في سبيل إشاعة الثقافة والمعرفة بداية، وتأصيل دورهما تاليا في المجتمع، يتمثل بالاشتغال على البعد الاقتصادي لهما، (وهذه سبيل لتحريرهما من سطوة السلطة المانحة بطبيعة الحال)، وهي المعادلة التي لم تتبلور بعد في عالمنا العربي، ترى كيف تقرأ هذا المسألة؟
 
- إن البعد الاقتصادي هو من الأهمية بمكان في كل مناحي الحياة فلا يمكن للثقافة أن تنأى بنفسها عن هذا البعد، ولا يمكن الفصل، فإذا أردنا أن نخلق ثقافة مستدامة تهدف للوصول إلى الكم الأكبر من الناس فإن سلطة الاقتصاد أو السلطة المانحة لابد لها من التدخل بالدعم لإحداث نهضة واسعة على أن لا تتغول ببرامجها الربحية على المنتج الثقافي، في بلادنا العربية لا تزال الثقافة مجزأة من حيث الاهتمام الاقتصادي، فلا نجدها مهتمة بكافة أشكال الثقافة، فمثلا في مجال الأدب والكتابة لا نجد ذلك الاهتمام المرجو من قبل السلطات المانحة أو أنه لا يكاد يبين، لذلك فإن المنتج الأدبي سيبقى رهين جماعة محدودة من الناس المهتمين لا أكثر، فهل هو العرض والطلب أم أنه الاكتفاء بالقدر اليسير من الربح الذي تحققه تلك الجهات بما فيها دور النشر على حساب الكاتب.
 
* ثمّة تسارع كبير يشهده العالم، في كل لحظة ربما، على الصعيد التكنولوجيا والمعلومات، ترى هل أثّر ذلك على طقوسك الإبداعية في القراءة والكتابة؟
 
- التسارع التكنولوجي جنوني ولا ريب، وبصراحة صار الأمر بالنسبة لي مقلقا خصوصا وأني لست مغرما جدا باستخدام التكنولوجيا فيما يخص الثقافة والأدب، فما زال الكتاب الورقي هو الأول في استسقاء المعلومة وتقصيها، فطقوسي ما زالت ورقية كما كانت وعبثية في تكديس الكتب في الزوايا ومازال القلم حاضرا في الكتابة الأولية لما في ذلك من حميمية أكثر من لوحة مفاتيح الكمبيوتر.
 
* ماذا عن انشغالاتك الراهنة؟ ماذا تقرأ؟ ماذا تكتب؟
 
- لست شاعر مناسبات ولم أكتب يوما نصا شعريا لمناسبة بعينها حيث تكون فكرتها هي المهيمنة وهي الظاهرة، وكغيري يشغلني ما نمر به في الوقت الراهن من مشكلة وباء كورونا، أحاول الكتابة بشكل مغاير بحيث لا أنجرف ولا أسقط ضحية الكتابة المباشرة عن هذا الموضوع، وفيما يخص القراءة فأنا مقل جدا هذه الأيام ولا أعرف السبب.
 
*الشاعر أيسر رضوان، عضو رابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الكتاب العرب، حاصل على شهادة البكالوريوس في علم الآثار ويعمل مفتشا للآثار في دائرة الآثار العامة، شاعر وروائي ومن منتوجه الثقافي أربعة كتب شعرية وروائية، حاصل على المركز الثاني في الرواية في المسابقة الشبابية التي نظمتها اللجنة الوطنية العليا لإعلان عمان عاصمة الثقافة العربية 2002م.