الغد
هآرتس
بقلم: رفيت هيخت
حملة التشريع المناوئة للديمقراطية التي تقوم بها الحكومة، التي يمثلها بدرجة كبيرة مثلث القوانين الهجومية: قانون قسم التحقيق مع رجال الشرطة، قانون تخويف وسائل الإعلام الحرة وقانون المس بمكانة المستشار القانوني، يمكن رؤيتها بالأساس كحملة صاخبة بشكل خاص لشخصيات في الائتلاف قبيل انتخابات تمهيدية مصغرة وتولي مناصب في أحزاب السلطة قبل الانتخابات المقبلة. ولكن كل ذلك لم يكن ليحدث، وبالتأكيد ليس في هذا الوضع المشوش، من دون ضوء أخضر من الرئيس الذي يسمح، وربما حتى يشجع، هذه الهستيريا التي تحول الكنيست إلى مكان لا يطاق.
على فرض أن مشروع "العفو" هو في الواقع مفاوضات بين نتنياهو والرئيس هرتسوغ حول المقابل الذي يجب على رئيس الحكومة تقديمه من أجل طلبه وقف محاكمته، فإنه من غير المستبعد افتراض أن نتنياهو يريد زيادة ثمن هذا المقابل. هذا من شأنه أن يكون، كما يبدو، وقف حملة تقويض الديمقراطية التي يقودها الائتلاف في الأسابيع الأخيرة. "أنا لا أستبعد أن كل هذا التشريع هو ورقة مساومة في يد نتنياهو"، اعترف مصدر في الائتلاف.
قانون الإعفاء من التجنيد الذي كان حتى وقت متأخر في صدارة الأولويات، والذي ما يزال نتنياهو يريد تمريره في أقرب وقت، لم يعد الهدف الرئيسي. هو وسيلة لتهدئة الحريديين وإعادتهم إلى أعنف قوانين الانقلاب النظامي. وذلك من أجل تعزيز الضغط على المؤسسات، وعلى رأسها جهاز القضاء، وتوضيح الضرر الكامن في المستقبل الذي يستطيع نتنياهو والوزراء فعله إلى جانب ما قاموا به في السابق. يجدر الاستماع إلى المتحدثين باسم رئيس الحكومة في وسائل الإعلام الذين يقولون مرة تلو الأخرى إن طلب العفو يستهدف "دولة إسرائيل" أو بشكل عام "اليساريين". هذه التصريحات التي تبدو للوهلة الأولى سخيفة ومقطوعة عن الواقع، تنم بالفعل عن منطق منظم، الذي في أساسه يشكل تهديدا.
نتنياهو يظهر قوته التدميرية، مع تهديد ضمني أنه إذا لم يتم تحريره من المحاكمة فإن الديمقراطيين من شأنهم أن يشتاقوا إلى الجنون الحالي. مهما كان الأمر، مرة أخرى يكتشف مواطنو دولة إسرائيل، ليس للمرة الأولى أو الثانية، أن مؤسسات الدولة أو المعايير الحكومية والعامة الأساسية فيها ليست إلا ورقة مساومة في يد متهم، طبقا لحساباته النفعية.
يصعب تصديق أن هذه القوانين إذا تم تمريرها، لن تجتاز المراجعة القانونية. وزير في الليكود قال عنها: "هي أقرب إلى إعلانات قانونية منها إلى مشاريع قوانين". ونسب الدافع وراءها إلى الانتخابات التمهيدية المقبلة. في هذا السياق يبرز قانون الإعلام لشلومو قرعي، إذ ارتكب العديد من الأفعال المشينة خلال سنة (حتى أن قاضي المحكمة العليا اليكس شتاين ألمح إلى ذلك ردا على التماس قدمته نقابة الصحفيين ضد القانون).
أيضا في الائتلاف يقدرون بأن فرصة تمرير القوانين ضئيلة. مع ذلك، فإن المنافسة الشرسة في اليمين قبل انتخابات الكنيست المقبلة -التي تدور رحاها بشكل رئيسي على المراكز المتنازع عليها بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية- تشعل حماسة أشد مما كانت عليه قبل 6 تشرين الأول (أكتوبر). حارة "كل من إيده إله"، أي أن كل وزير أو مشرع يسعى إلى تقويض مؤسسة أو معيار ديمقراطي آخر. وكل ذلك، كما قلنا، ما كان ليحدث لولا تشجيع رئيس الوزراء الذي يسعى إلى التخلص من ضغوط شخصية وسياسية ودبلوماسية والحفاظ على حكمه.
في الفترة الأخيرة أطلقت بالونات اختبار في إطار المفاوضات بين نتنياهو وهرتسوغ، أبرزها "التعويض العام" الذي سيقدمه نتنياهو من أجل وقف محاكمته، على شكل تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ويبدو أن المعسكرين غير متحمسين لغسل هذه الافتراءات. المعسكر الديمقراطي يدعي، وبحق، بأن تشكيل لجنة تحقيق رسمية ليست منحة يتعين على أحد أن يعطيها مقابل شيء ما، بالأحرى، ليس مقابل إنقاذ مشكوك فيه من المحاكمة، وبالتأكيد ليس البديل عن مطالبة نتنياهو بتقديم استقالته.
في المقابل، من يؤيدون الحكومة يريدون في المقام الأول تحرير نتنياهو من قيود القانون، لكنهم يعتبرون النظام القضائي ورئيسه ألد أعداء إسرائيل، ويتحفظون من إعطائه أي سلطة. مصدر في الحكومة يقول: "حتى لو أراد نتنياهو ذلك، فهو سيجد صعوبة كبيرة في إقناع الائتلاف بالموافقة على تشكيل لجنة تحقيق رسمية". يصعب التكهن حول مصير العفو في هذه المرحلة، لكن لا شك أنه الخطوة الأبرز حاليا في الانتخابات. وإلى حين اتضاح الأمور فإن الوضع سيزداد سوءا.