Thursday 26th of June 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Jun-2025

إيران تهزم وترامب يسمح لها أن تبقى

 الغد

معاريف
البروفيسور ابراهام بن تسفي
 
 
 
تصريحات الرئيس ترامب الغاضبة تجاه الشريك الإسرائيلي الذي وصف هذا الأسبوع فقط، بأنه الحليف الأكثر ولاء والذي وضعت انتصاراته البنية التحتية لتدمير منشآت النووي الإيرانية بطائرات "بي 2" الأميركية، ليست أقوالا مفاجئة. العكس هو الصحيح. هي تشكل تعبيرا موجزا عن فهمه للقوة العسكرية كرافعة قوية يفترض أن تؤدي إلى خطوة دبلوماسية شاملة بقيادة الرئيس الـ47.
 
 
في تفكير ترامب، الذي يتبنى النهج الواقعي لهنري كيسنجر، فإن شرطا مركزيا لنجاح الخطوة العسكرية هو قدرة الطرف المنتصر على وقف القتال قبل أن يهزم العدو نهائيا، وعدم الانجرار وراء الإنجازات في ميدان المعركة. فالرغبة في إحداث التصفية التامة للخصم، من شأنها أن تدخل إلى الساحة لاعبين إضافيين وتؤدي إلى تصعيد خطير. نهج "الواقعية السياسية" هذا الذي يسعى إلى تنظيم "اللعبة الكبرى" في داخل ميزان قوى يحسن للولايات المتحدة، هو الإرث الأكبر لوزير الخارجية الأسطوري.
في أواخر حرب يوم الغفران، عندما قلب الجيش الإسرائيلي وجه المعركة وحاصر الجيش المصري الثالث، طلب كيسنجر بحزم من غولدا مائير رفع الحصار. هدد بأن تفتح قوات الأسطول السادس الأميركي، مسار انسحاب للجيش المصري المهزوم.
الدافع لهذه الخطوة تجاه إسرائيل – التي هرعت إلى نجدتها إدارة نيكسون من خلال قطار جوي. قبل وقت قصير من ذلك فقط – نبع من تخوف كيسنجر من أن مسيرة سياسية بين إسرائيل ومصر لن تنجح في ظروف من انعدام تماثل متطرف. استسلام الجيش المصري كان سيجسد حجم الهزيمة المهينة للقاهرة ويشطب، في نظره، النجاحات الأولية للهجوم المفاجئ في حرب يوم الغفران. وقد أتاح هذا في نهاية الأمر اتفاق السلام بين القدس والقاهرة، وفرار مصر من الكتلة السوفييتية الى الكتلة الغربية.
هذا النهج ذاته، ينطبق أيضا على التفكير الحالي لترامب. رغم ان إسرائيل أضرت جدا البنية التحتية العسكرية لإيران، المشروع النووي والقيادة العسكرية والعلمية لديها، فإن نظام آيات الله ما يزال واقفا على قدميه. لقد حاولت القيادة الإيرانية أن تسوق لشعبها المعركة كقصة بطولة حتى حيال القصف الأميركي في فوردو. 
هامش الهبوط المصطنع والسخيف الذي خلقته إيران عن نتائج المعركة، سمح لها بأن توافق على وقف إطلاق النار من دون ان تعترف بالاستسلام. وشعر البيت الأبيض بالتزام لمنع رد إسرائيلي على الخروقات الإيرانية كي يمنع التدهور أو الاتساع للحرب بشكل يعرض للخطر الرؤية الدبلوماسية الكبرى للرئيس عن الاستقرار الإقليمي، وهذه المصلحة تغلبت على تقديره وتماثله مع الخطوة العسكرية الإسرائيلية.
بالنسبة لأسلوبه الفظ تجاهها، ترامب لم يتميز أبدا بلسان حساس ومنضبط، وإن كان يمكن الافتراض بأنه بعد استسلام رئيس الوزراء للضغط الرئاسي واكتفائه برد طفيف جدا، سيطلق ترامب نغمات أخرى لطيفة أكثر على الأذن الإسرائيلية.
بعد كل شيء، لا ينبغي أن ننسى: كيسنجر أيضا، رجل هارفرد المتمرس وطليق اللسان، كان فظا جدا عندما اعترف أنه "مارس كل الأدوات وروافع الضغط التي كانت تحت تصرفه"، كي يجبر إسرائيل على رفع الحصار عن الجيش المصري الثالث، هكذا حيث إنه من هذه الناحية على الأقل لا جديد تحت الشمس.