"ليلة سقوط غرناطة".. سياسيون أردنيون يحذرون من خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية
جو 24 :
مالك عبيدات - "إعلان استسلام جديد"، هكذا وصف سياسيون أردنيون الخطة التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمباركة إسرائيلية كاملة، كمقترح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشددين على أن الخطة لا تعدو كونها إعادة صياغة لشروط الاحتلال الإسرائيلي القديمة، بغطاء أمريكي وموافقة ضمنية من عدد من الأنظمة العربية.
وشبّه سياسيون طرح ترامب بـ"ليلة تسليم غرناطة"، حين اضطر المسلمون لتسليم المدينة دون مقاومة، مؤكدين أن اللحظة الراهنة تمثل منعطفًا تاريخيًا خطيرًا، يكشف هشاشة الموقف العربي وانكشاف النظام الرسمي العربي، وسط صمت دولي مطبق، وتجاهل تام لمعاناة الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، الذي يتعرض منذ سنوات لعدوان متواصل دون حماية أو دعم حقيقي.
وشدد المتحدثون على أن ما طُرح ليس اتفاقية سلام، بل فرض لإرادة المحتل بالقوة، وتسويق زائف عبر الإعلام والدبلوماسية الناعمة، يهدف إلى كسر إرادة المقاومة، وإنهاء حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بل ومصادرة وجودهم السياسي والوطني، تمهيدًا لتكريس الاحتلال وشرعنته دوليًا.
الفلاحات: هذه ليلة سقوط غرناطة!
وحول ذلك قال السياسي الأردني، سالم الفلاحات: "نحن اليوم نعيش ليلة سقوط غرناطة من جديد، حيث يُعقد المجلس، وتُفرض شروط المعاهدة، وتُطلق الوعود الكاذبة، وفي الصباح يُطرد الخليفة، ولا يبقى معه إلا زوجته ووالدته".
وأضاف الفلاحات لـ الاردن24 أن "ما جرى ليس اتفاقًا، بل فرضٌ لإرادة المحتل والمجرم على العرب والمسلمين، وعلى محيطهم، الذين باتوا يزينون هذا الطرح كأنه إنقاذ للدم الفلسطيني، رغم أن الدم الفلسطيني ينزف منذ مئة عام، ودم أهل غزة ينزف منذ سنوات، ولم يوقف العرب هذا النزيف، ولم يدافعوا عنهم، إلا القلة النادرة التي لا تفي بالغرض ولا تُحدث فارقًا".
وأكد الفلاحات أن هناك "أكذوبة تُروج عبر الإعلام والبيانات السياسية، لتمرير مشروع الاستسلام وقبول الواقع المفروض، مشددا على أن "المقاومة هي الوحيدة التي تملك الرد، وهي التي ما زالت تُشكّل الأمل، ونسأل الله أن يحفظها ويقوّيها، لأنه لا كاشف لهذا البلاء إلا الله".
وختم الفلاحات بالقول "انكشفت الأنظمة، وانكشفت الشعوب، وانكشفت الأحزاب، وحتى الأمم المتحدة، ولم يبقَ إلا بقايا شعوب في الغرب تطالب حكوماتها بمقاطعة الاحتلال. أما نحن، فقد استسلمنا، وترامب قالها بصراحة: العرب موافقون. أين الزعيم العربي الذي يقول لا؟ ويُعبّر عن الحق العربي والفلسطيني؟".
قمحاوي: لقد فتحنا الباب أمام نتنياهو ليفعل ما يشاء!
من جانبه قال الأكاديمي والكاتب السياسي الدكتور لبيب قمحاوي: "دعونا نتحدث بصراحة كاملة؛ نحن المفلسون، وليس هم، لقد تم وضعنا في زاوية حرجة، وكل ما لدينا الآن هو القبول بالأمر الواقع، أو فتح الباب أمام نتنياهو ليفعل ما يشاء".
وأضاف قمحاوي لـ الاردن24 أن "الوضع العربي والإسلامي ضعيف للغاية، ولا يوجد لدينا أي بديل مطروح أو أدوات للتأثير الحقيقي. لسنا في موقع فرض شروط أو تغيير مسارات، وهذه هي الكارثة الحقيقية".
وقال قمحاوي إن "المجزرة مستمرة في غزة، والناس لا تطالب حتى بتحرير الأرض أو عودة اللاجئين، بل فقط بوقف القتل! وأمريكا تدعم إسرائيل، وإسرائيل تنفذ ما تريده أمريكا، ونحن مجرد هامش لا قيمة له".
وانتقد قمحاوي الموقف العربي قائلًا: "كل الدول التي اجتمعت مع ترامب شكرت وباركت خطته، وكأنهم لم يقرأوا ما طُرح أصلًا! لا يمكنني حتى أن أعلّق بالطريقة التي أريدها، لأننا وضعنا أنفسنا في موقع العاجز، وهذا مؤلم للغاية".
ذياب: إعادة صياغة لشروط الاحتلال ودعوة للاستسلام
من جانبه أكد السياسي الأردني والأمين العام السابق لحزب الوحدة الشعبية، الدكتور سعيد ذياب، أن "ما قدمه ترامب ليس خطة سلام، بل إعادة صياغة واضحة لشروط الاحتلال الإسرائيلي القديمة، وهي دعوة صريحة لاستسلام المقاومة، ووقف أي مشروع للمواجهة أو التحرير."
وأضاف ذياب ل الاردن24 أن "الهدف من هذه الخطة هو تصفية ما تبقى من مشروع المقاومة، وتهيئة الأجواء لضرب باقي مكوناتها تحت شعار 'لم يعد هناك مبرر لوجودكم بعد أن قبلت غزة'. كأنهم يتعاملون معنا كأحجار دومينو، سقط حجر، فيسقط ما بعده".
وحذر ذياب من خطورة بعض البنود الخفية، قائلًا: "إن الحديث عن إدارة دولية للشأن الفلسطيني، واستحضار أسماء كشخصية توني بلير، هو انتقاص من وعي الشعب الفلسطيني، وقدرته على إدارة نفسه، وهو مرفوض تمامًا".
وتابع:"الخطة تكرّس الانقسام بين غزة والضفة، وتغيب عنها أي إشارة لحل سياسي حقيقي أو أفق لقيام دولة فلسطينية مستقلة. لا حديث عن حق العودة، ولا حتى عن الحد الأدنى من الحقوق الوطنية".
وختم ذياب قائلًا:"ما يُطرح اليوم هو أخطر لحظة تمر بها القضية الفلسطينية، وهو عمليًا مشروع لتصفية الشعب الفلسطيني سياسيًا ومعنويًا، واستكمال لمسار بدأ منذ سنوات، والأنظمة العربية للأسف تباركه، دون أن نعرف إن كانوا قرأوه أصلًا أم لا".