الغد-معاريف
ألون بن دافيد 25/4/2025
بشجاعة غير مفاجئة، ورغم ثقل المسؤولية الجسيم على الحمل على ظهره، اكتسب رونين بار هذا الأسبوع مكانه بين رافعي شعلات محققي رؤية وثيقة الاستقلال. إلى جانبه تقف امرأة شجاعة سبق أن أضاءت شعلتها في سنين من الصراع الطويل، المصمم ولا هوادة لحماية الديمقراطية الإسرائيلية، غالي بهرب ميارا. السؤال المتبقي عشية يوم الاستقلال الـ77، ربما الأخير لنا كدولة يهودية وديمقراطية هو هل سينضم إليهما على المنصة رئيس المحكمة العليا أيضا.
التصريح الذي رفعه رئيس الشاباك إلى محكمة العدل العليا هو وثيقة تأسيسية لا بد ستدرس في تاريخ الديمقراطية الإسرائيلية إن لم يكن في التاريخ. هذه لائحة اتهام حادة وواضحة ضد رئيس وزراء يدفع قدما بانقلاب نظامي. ليس "إصلاحا"، ليس "ثورة قضائية"، بل انقلاب حقيقي، انقلاب يجعل قدرات دولة إسرائيل تحت تصرف الإرادة الخاصة لرئيس الوزراء.
لقد سبق أن كان رؤساء وزراء تسلوا بفكرة استغلال الأدوات التعسفية للشاباك لتحقيق مصلحتهم السياسية. كان أيضا من احتكوا مع رؤساء جهاز الأمن في محاولة لربطهم بمهام غير جديرة. لكن لم يكن حتى اليوم رئيس وزراء بكلمات حادة وواضحة وضع نفسه فوق قوانين الدولة وطلب الطاعة له وليس للقانون. تصريح بار يصف رئيس وزراء اختار عن وعي خرق قسم ولائه لدولة إسرائيل وقوانينها.
في ضوء التصريح، واضح أن اختيار رئيس الشاباك التالي وشخصيته هو أمر حرج. على مدى عشرات السنين، عين لرئاسة الشاباك مسؤولون كبار كانوا مجهولين للجمهور حتى لحظة تعيينهم. كلهم أثبتوا التزامهم بالرسمية، وبجهاز بضغطة زر يمكنه أن يتسلل إلى أعماق الأسرار الخاصة لنا جميعا - هذا الالتزام ليس أمرا تافها.
النقاش الأول الذي جرى في محكمة العدل العليا في الالتماسات ضد إقالة رئيس الشاباك عكس ضحالة الروح التي تميز المحكمة العليا في السنوات الخمس الأخيرة، منذ تقدمت بكتاب استسلامها بقرارها الذي سمح لمتهم في بقضايا جنائية بأن يتولى منصب رئيس الوزراء، بإسناد إجماعي من 11 قاضيا. في النقاش سمع القضاة كمن يقلصون أنفسهم للانشغال فقط بالجوانب الإدارية والفنية لإجراء إقالة رئيس الشاباك. التصريح الذي رفعه بار يشق لهم الطريق لكتابة قرار محكمة تأسيسي، قرار يسجل في التاريخ.
في بداية أيام استقلال دولة إسرائيل الفتية، طُلب من المحكمة العليا أن تحسم في التماس ضد وزير الداخلية الذي أمر بأن يغلق لعشرة أيام نشر صحيفة الحزب الشيوعي "صوت الشعب" في أعقاب مقال نقدي عن تأييد إسرائيل للولايات المتحدة في الحرب الكورية. يسرائيل روحك، وزير الداخلية في حينه عمل ظاهرا في إطار الصلاحيات التي يمنحها له القانون، في هذه الحالة "أمر الصحافة". قاضي المحكمة العليا شمعون اغرانات اختار ألا يركز على مسألة الصلاحيات الفنية بل على المسألة المبدئية المتعلقة بحرية التعبير - وأصدر من تحت يديه قرار محكمة تأسيسيا، يقوم على أساس وثيقة الاستقلال التي تشكل حتى اليوم الأساس لحرية التعبير في إسرائيل. قضى ما هو مسموح وما هو محظور للسلطة التنفيذية عندما تأتي لتنفذ صلاحياتها حسب القانون. تنحية رونين بار توفر للمحكمة لحظة تاريخية أخرى كهذه لأن تقول كلمتها.
لا خلاف في أن للحكومة صلاحيات قانونية لاستبدال رئيس الشاباك. بعد أن صرح رئيس الشاباك في تصريح مشفوع بالقسم بأن النية لاستبداله مغروسة في مسألة لمن يطيع -القانون أم الحاكم- فإن المسألة التي تقف أمامها المحكمة أوسع بكثير من الإجراء الفني للتنحية. فهل سيسير الرئيس إسحق عميت في طريق اغرانات أم سيختار طريق استر حايوت؟
من اللحظة التي أصدرت فيها حايوت من تحت يديها القرار المعيب الشهير كـ"0:11"، بدأت مسيرة خراب دولة إسرائيل. منذئذ، قتل وجرح آلاف كثيرون من الإسرائيليين، مؤسساتنا الرسمية تجتاز تفكيكا منهجيا، الخدمة العامة تتحطم، الاقتصاد يغرق، وفي غضون خمس سنوات تحولت إسرائيل من دولة قوية، عزيزة ومزدهرة، إلى دولة مضروبة ونازفة على شفا الهاوية.
تصريح بار يوضح بأنه أمام المحكمة يقف شخص فقد الكوابح. ولا يمكن لأي أقوال تملق أو مساومة أن تطمس تصميمه على تحقيق سيطرة تامة على كل مؤسسات الدولة، بما فيها السلطة القضائية. وهو مسنود بائتلاف متملقين عديمي العقل، رجال إعلام يضعون الظلام بدل النور، وبجمهور مؤيدين لا بأس بهم يقولون "أعطونا ملكا".
من الصعب التصديق ألا يكون رئيس العليا يشخص عظمة الساعة. السؤال هو إذا كان لديه بأس الروح لأن يقول بشكل عام وواضح ما هو مسموح وما هو محظور وأن يعيد من جديد ترسيم حدود القوة للسلطة التنفيذية في الديمقراطية الإسرائيلية المنهارة. ليس مؤكدا أن كلمات حادة وواضحة ستوقف حملة الهدم الكاسحة، لكن جدير بالشعب في صهيون أن يعرف بأنه ما يزال يوجد دين ويوجد دايان.
للقاضي اسحق عميت توجد فرصة لأن يكتب قرار محكمة عظيما وليكون من المعاقل الثلاثة الأخيرة للديمقراطية. يحتمل أن تسحقه سرايا السم هو أيضا، لكننا سنعرف على الأقل بأن دولة إسرائيل، التي قامت في ظل صراع لم تسقط أيضا دون صراع.