الغد
هآرتس
بقلم: أسرة التحرير
"فجوة أخلاقية واسعة وعميقة تفصل بيننا وبين أعدائنا. هم يقدسون الموت، نحن نقدس الحياة". هكذا درج على التباهي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كل فرصة. غير أن وزراءه وفروا هذا الأسبوع الدليل البشع للمدى الذي انقلبت فيه هذه الجملة، على أصحابها وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير وأعضاء كتلته جاؤوا إلى المداولات على مشروع قانون "عقوبة الموت (للمقاومين)". وهم يزينون ملابسهم بدبابيس على شكل حبل مشنقة.
هذا الدبوس هو "إعادة صياغة لدبوس المخطوفين"، كما أجاد في وصف هذا النائب جلعاد كريف. الدبوس الأصلي يرمز إلى قدسية الحياة، بينما دبوس بن غفير ورفاقه يقدس الموت. من الصعب أن نتخيل رمزين بعيدين أكثر الواحد عن الآخر. ليس صدفة أن من يتزينون بحبل مشنقة، هم أيضا من عارضوا كل صفقات المخطوفين.
إن تقديس الموت في إسرائيل بات علنيا، فظا ومستعرضا – سواء بالدعوات في تجويع الغزيين، أم بالاحتفالات على القتل المكثف في غزة، أم بتطبيع أعمال الفتك بالضفة. الدبوس يناسبهم كالبزات. وإذا لم يلفظهم المجتمع الإسرائيلي من داخله ولا يعيد هذا الفكر إلى الهوامش التي خرج منها، فسيصبح تقديس الموت نمطا سياسيا طبيعيا في دولة إسرائيل.
في اللجنة أوضح مندوب نقابة الأطباء، أن الأطباء الإسرائيليين ملتزمون بالمواثيق الدولية التي تحظر بالمطلق كل مشاركة فاعلة أم سلبية في الاعدامات. وقال "محظور استخدام علمنا لأهداف لا تتضمن توفير الصحة والرفاه". أما القانون الذي يعمل عليه بن غفير، فيلزم الأطباء بأن يكونوا جلادين. يطلب منهم أو يختاروا السم، وأن يعدوا جسد الإنسان للموت.
كما أن الفتوى القضائية للمستشار القانوني للجنة قتلت مشروع القانون من الأساس. المصاعب واضحة إلغاء تفكير القضاة؛ فرض عقوبة الموت إلزامية (وضع ليس موجودا حتى في قانون محاسبة النازيين ومساعديهم)؛ تطبيق القانون فقط وحصريا على الفلسطينيين في الضفة بخلاف مبدأ المساواة أمام القانون؛ وتضارب صارخ مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها إسرائيل. مستشارو الكنيست ذكروا أنه لا توجد منظومة قضاء معصومة عن الأخطاء – وإنه في عقوبة الموت لا يوجد طريق عودة. لكن من ناحية بن غفير والكهانيين، محظور أن ننسى، فإن حتى الرضع هم مخربون محتملون، إذا كانوا عربا. وعليه، فلا يحتمل الخطأ في فرض عقوبة الموت.
ليس فقط من ناحية دستوية وأخلاقة القانون مرفوضا. من ناحية أمنية أيضا هو عدم الجدوى بالمطلق. لا يوجد حتى بحث واحد يثبت أن عقوبة الموت تردع الإرهاب. إذا كانت إسرائيل ما تزال تسعى إلى أن ترى في نفسها دولة تقدس الحياة، فإن عليها أن تلقي بهذا الدبوس وهذا الفكر الذي يعبر عنه في سلة قمامة التاريخ.