Friday 10th of October 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Oct-2025

مرشّح يهودي لانتخابات مجلس الشعب السوري: ديمقراطية أم خطوة نحو التطبيع؟

 

الاخبار -
 
للمرة الأولى منذ 1947، يخوض مرشّح يهودي من أصول سورية انتخابات مجلس الشعب الذي تستعدّ السلطات السورية الانتقالية لتشكيله.
 
وقد أطلق الحاخام اليهودي السوري الأميركي هنري حمرة، عبر صفحة في «أكس»، حملته الانتخابية، وأول وعودها «تعزيز الانتماء والهوّية الوطنية» عبر «العمل على ربط اليهود السوريين في الداخل والخارج بوطنهم الأمّ سوريا، عبر مبادرات ثقافية وتعليمية ومؤسّساتية».
 
بالإضافة إلى «إعادة الاعتبار للجالية اليهودية السورية كجزء أصيل من النسيج الوطني الممتدّ عبر آلاف السنين»، و«بناء جسور تواصل مع أبناء الجالية الموسوية والسورية عامة في الشتات، وتشجيعهم على زيارة وطنهم الأم والمشاركة في نهضته».
 
 
ومن أبرز وعود حمرة الانتخابية أيضاً «ترسيخ صورة سوريا الجديدة»، عبر «المساهمة في تغيير الصورة النمطية عن سوريا باعتبارها بلداً منغلقاً، وإبراز وجهها الجديد المتسامح القائم على التعدّدية والعيش المشترك» و«العمل على تعزيز الدبلوماسية الشعبية لتأكيد أنّ سوريا بلد يحتضن أبناء جميع الأديان والمذاهب».
 
كذلك، تركّز حملة الحاخام السوري الأميركي، على «الإسهام في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية؛ في سوريا، لا سيّما عبر «العمل ودعم كل الجهود الساعية لرفع عقوبات قانون قيصر»، و«إطلاق مبادرات استثمارية بالشراكة مع رجال الأعمال من أبناء الجالية الموسوية السورية في العالم لدعم الاقتصاد الوطني».
 
من هو هنري حمرة؟
هنري هو ابن الحاخام يوسف حمرة، آخر حاخام يهودي، يغادر سوريا إلى الولايات المتحدة في التسعينيّات.
 
حمرة الأب، يقود اليوم، مع الابن، جمعية «التراث اليهودي في سوريا»، التي أسّسها، وفقاً لموقعها الرسمي، «مجموعة من اليهود السوريين في المغترب»، وتهدف إلى حماية التراث اليهودي في سوريا.
 
 
وفي حين تقدّم الجمعية زيارة الوفود اليهودية الأخيرة إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد كأبرز إنجازاتها، فهي تخصّص في موقعها صفحة كاملة تتحدّث فيها عن تاريخ الحاخام الراحل إبراهيم حمرة، أخ الحاخام الأب يوسف وعمّ الحاخام الابن هنري.
 
وقد تقدّم هذه الصفحة، وهي الوحيدة ضمن قسم «التاريخ» في موقع الجمعية، فكرة عن ماهيّة «الإرث اليهودي السوري» التي تعمل على تأريخه والحفاظ عليه، بل ويتعهّد هنري بإعادة إحيائه.
 
رحلة الحاخام العمّ إبراهيم حمرة... من سوريا إلى إسرائيل
كان الحاخام إبراهيم حمرة، من آخر الحاخامات المغادرين من سوريا في عام 1994، عقب الاتفاقية التي أبرمها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد مع الولايات المتحدة، وسمح عبرها ليهود سوريا بالرحيل، شرط المغاردة إلى أميركا حصراً، وليس إلى إسرائيل.
 
قبل ذلك، تمتّع إبراهيم، بعلاقة مميزة من نظام الأسد ومع أجهزته الأمنيّة. وترأّس المجتمع اليهودي في سوريا منذ 1960، وعُيّن كنائب عن الحاخامات الرئيسيين في دمشق في 1972.
 
وقبل مغادرته دمشق إلى بروكلين في نيويوك، عمل إبراهيم، بشكل سرّي مع جهاز «الموساد» الإسرائيلي في أثناء التسعينيّات على تهريب التّحف اليهودية من سوريا إلى إسرائيل، ومن أبرزها نسخ نادرة من التوراة اليهودي تُعرف بـ«تيجان دمشق»، عمرها مئات السنين.
 
وفي العام نفسه، تحديداً في 18 تشرين الأول 1994، وصل الحاخام إبراهيم إلى إسرائيل، واستقبله وزير خارجية العدو آنذاك شمعون بيريز، حيث تحدّث عن تطلّعه لـ«علاقات جديدة في الشرق الأوسط».
 
توفي الحاخام الأخ إبراهيم حمرة في 2021، ودُفن في مدينة «حولون» جنوبي تل أبيب، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
 
هل يتّبع هنري نهج عمّه؟
لا توجد علاقة موثّقة وعلنية بين الحاخام إبراهيم وابن أخيه الحاخام هنري، سوى منشور عبر صفحة «المركز الدولي للتراث اليهودي السوري» (الذي أسّسه إبراهيم في 2016) تظهر صورة حاخامات دمشق، نُشرت، كما توضح الصفحة، بإذن من هنري حمرة.
 
 
رغم ذلك، فإنّ الأهمّية التي توليها جمعية التراث اليهودي في سوريا، التي يقودها الأب يوسف والابن هنري، والتي تتولّى تنسيق ومتابعة وترويج زيارات الجالية اليهودية السورية إلى البلاد مؤخّراً، للحاخام إبراهيم، تُثير العديد من علامات الاستفهام، خصوصاً في ظلّ ارتباطه بإسرائيل، وعلاقته المميّزة بسلطة الاحتلال ورؤسائها المتعاقبين منذ 1994.
 
هنا، تجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ الزيارة الأولى للوفد اليهودي إلى سوريا، بعد سقوط النظام في شهر شباط الفائت نُظّمت من قبل «فريق الطوارئ السوري»، بإدارة السوري الفلسطيني مُعاذ مصطفى، الذي رافق الوفد، وسبق أن التقى الحاخام إبراهيم في أثناء زيارته إلى «متحف الولايات المتحدّة التذكاري للهولوكوست» في 2017، عندما تولّى ترجمة جلسة حوارية في هذا الخصوص، نظّمتها جمعية الحاخام إبراهيم.
 
سوريا... نحو الديمقراطية أم التطبيع؟
في زيارته الأولى إلى دمشق في شباط، كشف الحاخام الأب يوسف، أنه حاول العودة إلى البلاد قبل سقوط نظام الأسد، غير أنّ الرئيس السابق بشار الأسد منعه من ذلك.
 
وعلى العكس تماماً، عملت السلطة السورية الانتقالية، وفقاً لتصريحات يوسف والوفد، على تسهيل الزيارة، بل وأمّنت لهم الحماية.
 
وفي حين أنّ حقّ أبناء الطائفة الموسوية (كما يُطلق على أبناء الديانة اليهودية في سوريا)، بالعودة إلى بلادهم هو حقّ لا يمكن إنكاره، غير أنّ مسألة كهذه يجب أن تُقارب بحذر شديد، خصوصاً في ظلّ هجرة العديد من اليهود السوريين الأصل إلى إسرائيل، والعلاقات التي بنوها مع سلطات الاحتلال، أو مع أشخاص مرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر معها، مع العلم أنّ حال الحاخام إبراهيم ليست منفردة، بل يوجد العديد مثلها.
 
ومن هذا المُنطلق، وفي ظلّ تقارير عن مفاوضات مباشرة تُجرى بين سوريا وإسرائيل في سبيل التوصّل إلى اتفاقية أمنيّة، ينبغي أن يُطرح سؤال:
 
هل توجُّه السلطات السورية الانتقالية نحو إعادة دمج اليهود في المجتمع السوري وإحياء تراثهم، هي خطوة تمثّل رغبة حقيقية بإرساء مبادئ ديمقراطية جديدة؟ أم أنها خطوة تستهدف تهيئة الشعب السوري للتطبيع؟