الدستور ـ هشام عودة - قال مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون رمضان الرواشدة إن استعمال اسم (شاعر الأردن) عنوانا لمسابقة شعرية تعنى بالشعر الفصيح والنبطي، لم يكن المقصود منها التأثير على اللقب الذي التصق باسم الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل، فالمسابقة التي سيبثها التلفزيون الأردني مفتوحة أمام الشعراء الأردنيين، وهي أسوة بمسابقات شبيهة تبثها تلفزيونات عربية، وأكد الرواشدة أن اللقب سيمنح في النهاية لشاعر شاب وهو لا ينافس لقب «عرار»، لافتا النظر إلى أن الألقاب التي تداولناها في الوسط الأدبي والثقافي ليست مقدسة بالضرورة.
إلى ذلك أكد مثقفون أردنيون أن الذاكرة الشعبية كرست لقب (شاعر الأردن) مرتبطا باسم الشاعر «عرار»، الذي يعد أحد أبرز رواد القصيدة العربية في الأردن، ووصلت شهرته إلى مسافات بعيدة، وصار واحدا من رموز الثقافة العربية المعاصرة، ولذلك استحق هذا اللقب، فقد قال الشاعر حكمت النوايسة إن على القائمين على البرنامج التلفزيوني تحديد الزمن الذي يمنح فيه اللقب، كأن يكون (شاعر الأردن لعام 2012) وهكذا لكي لا يتعارض مع مخزون ذاكرتنا الشعرية، رافضا أن يتم منح اللقب على إطلاقه لأن «عرار» هو صاحب اللقب الذي وصل إلينا منذ سنوات وعلى ضوء دراسات نقدية وأدبية، محذرا من محاولة الإنقضاض على الذاكرة الشعبية بشكل عام والذاكرة الشعرية بشكل خاص، كأن يأتي شاعر شاب منحه التلفزيون لقب (شاعر الأردن) ليعتقد من خلاله أنه تجاوز كل الموروث الشعري في الأردن، وتساءل النوايسة عن سر تحديد العمر للمشاركين في المسابقة بخمسة وأربعين عاما فما دون، فهو كما يراه ليس للشباب وليس للكهول أيضا، ما يجعله فضفاضا، مطالبا أن يقوم القائمون على البرنامج بتحديد العمر للمشاركين وحصره في فئة الشعراء الشباب مثلا، رافضا كذلك أن يقوم البرنامج بمزاوجة أو منافسة بين الشعر الفصيح والشعر النبطي لأن لكل من هذين النوعين أسلوبه وجمهوره.
مثقفون ومواطنون شككوا في جدوى هذا البرامج التي انتشرت في أكثر من تلفزيون عربي، وقالوا إن ظاهرة التصويت المتبعة في هذه البرامج لا تنتج شعرا ولا تنتج شاعرا، إذ أن المدينة أو الحي أو العشيرة التي ينتمي إليها هذا الشاعر أو ذاك قد تذهب إلى تكثيف التصويت لصالحه، ويمكن عندها أن يحظى باللقب من دون أن يكون على سوية فنية تؤهله لذلك، وضربوا أمثلة لما تنتجه بعض الفضائيات العربية التي أساءت من خلال برامجها للشعر والشعراء، وسحبت الشعر من إطار الهيبة والتقدير والاحترام إلى إطار المنافسة بين أشخاص وليس بين منتج شعري وآخر، وهذا في النهاية ضرب من التجارة والاستثمار على حساب الذوق العام وعلى حساب القصيدة والشعر والشاعر أيضا.
وفي إطار تعليقه على هذه الظاهرة قال الروائي هزاع البراري إن هذه البرامج التي تحمل عناوين كبيرة مثل (شاعر العرب) أو (شاعر المليون) أو غيرها لا تخدم الشعر ولا تخدم الشاعر، مطالبا بإيجاد نوع من البرامج المتخصصة التي تبحث عن المواهب الجديدة المتميزة وتقدمها لجمهورها، محذرا من زعزة ثوابت الذاكرة الشعبية التي تعاملت مع رموز الأدب والثقافة من الرواد الأوائل، لذلك فإن (شاعر الأردن) اللقب الذي ارتبط باسم «عرار» هو جزء من ذاكرتنا الجمعية، داعيا إلى الاستفادة من الألقاب الكبيرة والرموز الإبداعية في تعاملها مع الشعراء الشباب، مؤكدا أن مثل هذه الألقاب تنمح في العادة لمجمل المنجز الثقافي والأدبي وليس على قصيدة أو قصيدتين، كما يحدث عادة في البرامج التلفزيونية.
دراسات عديدة، كما يقول مثقفون، تناولت «عرار» وتجربته الشعرية داخل الأردن وخارجه، وهو اسم ترك بصمته في المراكز الأكاديمية والثقافية ومن بينها الجامعات ورابطة الكتاب وغيرها من المواقع ذات الاختصاص الأدبي ما يؤكد على أن الشاعر وتراثه أصبح جزءا من ذاكرتنا الجمعية.