Monday 29th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Mar-2024

المجالي في «المهندس» الرواية وبنية السيرة

 الدستور-إبراهيم خليل

تمثل رواية المهندس (دار الآن: 2023) لسامر حيدر المجالي، وهي الرواية الثانية بعد روايته المؤابي (2020) والكتاب السادس بعد «شياطين في حضرة الملكوت» 2015 و «أكمام الحب والغضب» 2019 و»المؤابي» 2020 و»شهود من أهلها» 2020 و»مع الحياة» (فلسفة) 2021 تمثل ما يعد سيرة ذاتيّة لبطلها، والسارد الوحيد فيها، فراس زيد فرحان. سيرة تخضع لتسلسل زمني لافت للنظر. فقد وُلد هذا السارد في العام 1979 من أب موظف، وأم تعمل أمينة مكتبة في إحدى مدارس التربية(ص23). وفي العام 1997 نجح في الثانوية العامة (التوجيهي). وتقدم بطلب التحاق بالجامعة الأردنية، واختار الهندسة المدنية لتعلقه المبكر بالأبنية، والتصاميم المعمارية، ولهذا آثر هذا التخصص على الهندسة الكهربائية، وعلى الميكانيك(ص31). فهو يكرر في مواقع شتى من سيرته أنه يعشق العمارة من نعومة أظفاره، وأنه فُتن بسنان المعماري التركي، ومعجب بحكايته الطريفة المشوّقة عن الدائرة(ص33).
وفي العام 2002 تخرج من الكلية بمزاعم أنه وقع في حب نيف وأربعين فتاة(ص11)، وتزوج من ابنة خاله(راية) ووهبه الله طفلة جميلة سماها دنيا، وهي لديه الدنيا كلها فعلا، لا مجازا.
بحث بعد التخرج عن عمل في ظروف شاعت فيها البطالة في صفوف المهندسين شيوعا لافتا للنظر. وأتيح له العمل براتبٍ محدود سنة 2004 مع المهندس حسان(ص38) ثم المهندس سلطان (ص41) الذي تخطى الأربعين عمرا. فيما كان هو في العشرينات حسب. وتتلمذ على يديه في مشروع ضخم متعدد الطوابق. فهو فندق يذكره بالمباني الشاهقة، والأبراج العالية، التي شاهدها في مصر المحروسة (القاهرة) حين زارها(2001) في أثناء إعداده مشروعه للتخرج(ص42- 51) .
ولم يكن الدخل الذي يكسبه من هذا العمل كافيا، إذ لا يزيد عن نفقات البيت من طعام وشراب وملابس، وفواتير للكهرباء، والماء، والهاتف، وأجور المواصلات، وأقساط المدرسة إلخ... لذا ما إنْ أتيحت له الفرصة كي يغادر إلى دبي بعقد عملٍ براتب أكثر من كافٍ، حتى استغل الفرصة السانحة، واهتبلها، بلا تحفُّظ، ولا تردُّد، بعد أن لقي في صفوف زملائه، وأهله، من يشجّعونه(ص67- 71). كان سفره في أواخر العام 2006 وابتدأ العمل في مؤسسة للمقاولات عابرة للحدود، بل للقارات باسم « ثرى « في أول يناير (كانون الثاني) من العام 2007 وفيها تعرف على أشخاص أسهموا في دعمه بادئ ذي بَدْء. في مقدمتهم نجيب المالكي المدير الإداري لـ (ثرى) ونجوى مديرة مكتب المدير الإداري، وآخرون كالخروبي، والأسيوطي.
محمد العزام:
لم يمض إلا قليلُ وقت حتى تبين له أن وراء هذه المؤسسة العملاقة رجلا يعرفه حق المعرفة، وهو محمد بيك عزام(ص79-84). كان السارد قد ذكره في بدْء الحكاية عندما توفي جده(ص30-31). فقد حضر إلى منزل والده في الجزء المطل من جبل عمان على وسط البلد لتقديم واجب العزاء بجدّه. وقد لازم الأسرة طوال أيام العزاء الثلاثة. وأظهر في استقباله للمعزّين ما يؤكد أنه أحدُ افراد العائلة، وأنه مصاب بمصابها، مع أنه لا يتعدى كونه جارًا كغيره من الجيران. وذكر الساردُ فيما رواه عنه أنه رشح نفسه في انتخابات المجلس النيابي للعام 1993 لكن الحظ لم يحالفه. وفيما بعد تغيرت الأحوال بهذا العزام، صحيح أنه سجن مدة، بيد أن الأمور تغيرت جذريا، فهو يدير عددا من الشركات لا في دبيّ وحدها، ولكن في غيرها من دول الخليج وإماراته، وفي الأردن، ومصر. وعندما عاد فراس لعمان زائرًا التقى بمحمد بيك بعد عناءٍ شديد نظرًا للجو البيروقراطي الذي يحيط به، وبمكتبه. وأخبره العزام أن نجوى، والمالكي، وغيرهما، من موظفيه، وأن عليه أن يتواصل معهما لكي يقدما له الدعم كله. واتصل بهما هاتفيًا على مسامعه، وأوصاهما عليه، وطلبَ منه الحرص على التعاون، فالمستقبلُ يفتح له الباب على مصراعيه.
مع أليساندرو الإيطالي:
وبعد عامين، أو أكثر، من تلك المقابلة، غلب الطمع على السارد، ولم يعد يكفيه ما يكتسبه من (ثرى) ومد بصره إلى مشروعاتِ التوريد لحسابهِ الخاص، ففي أحد المعارض تعرَّف على الإيطالي أليساندرو(ص88)، وعلى من كانوا معه. وهو مندوب شركة إيطالية تنتج كل ما يتصل بالتمديدات الصحية، وأنشأ علاقة تجارية به، وبزملائه الإيطاليين. وبدأ يستورد منتجات هذه الشركة، ويقوم بتوزيع ما يستورده على الراغبين، والمحتاجين، من مقاولي الإنشاءات، والأبنية الفندقية، وازدادت أرباحه، ووعدته الشركة باعتماده وكيلا خاصا حصريًا لمنتجاتها في الخليج، وبعض دويلات الشرق الأوسط. لكنَّ الرياح لم تجرِ بما تَشْتهيه سُفُنُ فراس، فعلاوة على الشكوك التي بدأت تساور زوجته راية من علاقته بنجوى، وقرارها الغاضب بتركه وحيدًا، والعودة إلى عمان(ص96)، اقتحمت العصا دواليب مساره الاقتصادي، وبدأت الأمورُ تسوءُ شيئا فشيئا، بل سرعان ما أصبح مثقلا بالديون(ص144).
عندما وجد نفسه عالقا، قرّر العودة إلى عمان، فيما يشبه التملُّص المبكر من ملاحقات بنك الخليج الأوروبي، الذي سبق أنْ افتتح لديه اعتمادًا بمليون درهم إماراتي على أن يسدده من عائد المبيعات، وذلك ما لم يحدث.
في وصفِ الكاتب للوضع الاقتصادي الطارئ يشير إلى إفلاس الكثير من الشركات، وتسريح الكثير الجم من الموظفين، والعاملين، الذين اضطروا للعودة إلى عمانَ، أو دمشقَ، أو مِصرَ. مما قلل فرص العمل فيها نظرا لتدفق الكثير من الكفاءات، وذوي الخبرة. في هذه الأثناء، قرَّر محمد بيك العزام أن يقفز من المركب وحده -على رأي السارد- وتخلص من 85 % من أسهمه قبل انهيار البورصة في شهر أكتوبر.
فرخٌ بيْنَ الشواهين:
في الأثناء يكتشف فراس أنه وسط هذه الحيتان ما هو إلا فرخٌ صغيرٌ سقط في غابة مظلمة كلُّ من فيها من الشواهين. وبلغت أزمته مع البنك المذكور أوجها، فحاول الاستغاثة بمحمد عزام جار الرضا، إلا أنّ رنين هاتفه النقال ارتطم بجدارٍ من الصمْت الأصَمّ. يحاول دون يأس أن يرسل له برسالة استغاثة عبر تطبيق الواتس أب دونما فائدة. اختفى محمد عزام، واختفت آثاره، وتبين في هذه الغمرة أنَّ نجوى هي إحدى زوجاته، وقد كساها العزام بالذهب، والمجوهرات، والماس، على حساب الناس الغلابى(ص152). صدَمَه هذا الاكتشاف لأنه استبان في ضوئه –لسخرية القدر- أنه كان يعبث بحرم الرجل الذي أراد إرضاءَه(ص153).
وأخيرًا، بعد نفاد صبره، وجلده، جاءه الرد من نجوى، ردًا تزعم فيه أنها بباريس حيث أمها وأبوها في حالة صحية تستدعي بقاءها بجانبيهما لمدة طويلة، ولا تعلم متى تنتهي(ص154). في هذا الوقت يغمره شعور طاغ بالاكتئاب. ويهرع لأقراص النوم التي وصفها له الدكتور فاضل، وذكرها في مستهل الحكاية. (ص155) وإلى جانب الدكتور فاضل وجد من يعالجه عن طريق المواعظ والعبادة والتصوف؛ كالشيخ خالد، صاحب الخطب البليغة، والمواعظ المؤثرة. وتبادلا الزيارات، وتعرف على محتويات مكتبته المنزلية، وبدأ رحلة البحث عن راحة البال(ص157).
ولكنّ الدخل الذي بات شحيحًا اضطره للرجوع إلى دفاتره القديمة، كالتاجر الذي يبحث عن مدين منسي وسط سجلاته اليومية التي مر عليها زمنٌ من غير تصفُّح، ولا تدقيق. تذكر المهندس سلطان الذي أخذ بيده منذ العام 2004 فوجده هو الآخر بلا عمل، فاستغل هذه الإجازة القسرية، وغادر إلى أميركا لزيارة ابنيه؛ سعد وليث بعد أن أنهيا دراستيهما، واستقرا هناك. ومع أن المهندس المذكور تلوح عليه إمارات الشيخوخة إلا أنه يشعر بالاطمئنان النفسي، والروحي « ما الذي أريده الآن أكثر من راتبي التقاعدي، أنا وأم سعد؟ « (ص160) وهو بهذا يخفي، ويكتمُ، بكلمة أدقّ، ما يشعرُ، ويحسُّ به، من سأم، وفراغ.
هلوَسات:
وفي ذروة الشعور بالاكتئاب تتحول الذكريات لدى فراس إلى هلوسات، وتنتابه الكوابيس والرؤى. فكلما اقترب من مواعظ الشيخ خالد، انكفأ على نفسه، وتراءت له أشياء تحتوي على كل ما هو عجيب وغريب. فالكابوس الذي وصفه لنا في رؤية ما يراه النائم من حرب ضروس، ومعارك ضارية، وطاحنة، تتطاير فيها الرؤوس، ويعلو صليل السيوف (ص162- 165) أهوالٌ يراها، أو يعيشها، ولا ينقُصها التوتر، فيجد نفسه مستسلما للعبادات، مترددًا بصفة مستمرة للجامع، الذي تحول في وقت قصير إلى ميدان للاختلافات الإيديولوجية، وفي الوقت ذاته يلاحظ على راية – زوجته وابنة خاله- أنها تعامله مثل طفل مريض تخشى عليه تفاقم المرض « اهتم بصحتك أولا، فلها الأولوية « (ص168) ومثلما يقال « في أسوأ الأحوال جاءنا عزيزُ خطابِكم « انسحب عليه هذا المثل، فقد تلقى اتصالا على رقمه الأردني من مكتب محاماة، وكّله البنك الإماراتي بمتابعة قضاياه. طلبت منه المتصلة الحضور إلى مكتبهم في الرابية لتسوية المطالبات المالية التي أرسلها البنك (بنك الخليج الأوروبي) فهوت به الصدمة مرةً أخرى إلى الحضيض.
نجح في إقناعهم بتأجيل التسوية إلى نهاية العام، فلعله بالقليل الذي يكسبه يسدد ما عليه من ديون، أما راية فقالت «بعد تسعة أشهر يحلها ألف حلال» (ص170)
ريشة في مهب الريح:
مرَّ شهر رمضان، وما بعده، وجاء عيد الأضحى، والأمور تزداد سوءأ على سوء. زاد الطين بلة أن أمه التي كانت تتمتع بالصحة، والعافية، اكتشف الأطباء أنها تعاني من ورم حميد –غير خبيث- وفي مثل هذا العمر تحتاج إلى من يبقى إلى جانبها، وهذا ما كان ينقُص السارد الذي استمع لوصية الوالدةِ بعقلٍ، وقلبٍ، منفتحين، قالت له، وهي تظن أنها في الرمق الأخير:» في المرة الأولى وقعَتْ الفاس في الراس من غير ما أعلم. أما الآن فأريدك أن تحذر من محمد العزام، فهذا الرجل حقودٌ جدا». وتضيف « ثمة شيء لا تعرفه، كان قد تقدم لي قبل أن أتزوّج أباك، فرفضْتُه، ورفَضَه جدك» (ص180). وأما لمَ رفضه الجدُّ فلأنه مغرور، ودائم التحرّش ببنات الحي، ومدمن خمرة، مهملٌ لبيته، وأولاده.
بعد أنْ سمع فراس هذا الكلام من أمه، أكتشف كم خُدعَ بهذا العزّام، وأن خديعته به أبقته زمنا طويلا كريشة في مهب الريح (ص181).
على حافة الهاوية:
تنتهي هذه الرواية ببطلها فراس وهو على حافة الهاوية. في حكاية صيغت بأسلوب لا يخلو من تشويق يضع القارئ في موضع المترقّب لما سيحدث. وهذا هو أحد الأهداف التي يتوخاها الروائي مختلفا بها عن المؤرخ، وعن الكاتب الذي ينشر ما يشاء من السواليف دون أن تؤدي لتكوين روائي بالمعنى الدقيق للكلمة. فالكاتب على مستوى الزمن يراوح بين رواية الوقائع عند حدوثها، والاسترجاع، الذي يستعيد به حوادث بعد وقوعها بزمن طويل، أو غير طويل، فيما هو معروف بالمفارقة السردية. فزيارته لعيادة د. فاضل -على سبيل المثال- يروي ما يتصل بها في لحظة متزامنه مع عودته مكتئبًا من دبي، ووقوفه على حافة الهاوية. في حين أن سائر ما يقع، ويجري من زواج أبيه وأمه، وولادته عام 1979 ودراسته، وتخرجه، وزواجه من راية، وعثوره على عمل في مشروع المغترب (أبو فيصل) أو مع المهندس سلطان في الفندق متعدد الطوابق، وما تبع ذلك من العرض الذي تلقاه للمغادرة إلى دبي، فتشجيع الأهل، والزملاء من المهندسين، على المغادرة، فما مر به من ظروف في المؤسسة العملاقة (ثرى) وعلاقتها بمحمد بيك عزام إلخ.. ذلك كله وقع قبل أن تبدأ الحكاية بزيارة الطبيب النفسي، وتناوله أقراص النوم التي تشعره بالهدوء والتخلص من التوتر العصبي والنفسي، ولقائه بالشيخ خالد، ومن جاراه في العبادات، والتصوف. فهذه المراوحة في الزمن أكسبته، وأكسبت روايته، شكلا قابلا للتأمل، ولا يخلو من طلاوة يستجيب لها الذوق.
التشخيص:
وعُني الكاتب بالشخوص، فأحد الشخصيّات التي اهتم بها فضلا عن راية، محمد بيك عزام. فقد سبر لنا غوره، وأظهر ما يخفيه من تقلب، وانتهازية، عبر تصريحاته تارة، ومقالاته المنشورة، وممارساته على مستوى الأعمال التجارية، وتجارة الأسهم. وهذا يقع في تضاعيف الحكاية متناثرًا. فالقارئ يستخلص هذه الطبائع المركوزة في شخصية الرجل عبر مواقفه، وممارساته، وأفعاله، دون أن يضْطرَّ السارد لذكر ما يلقن به القارئ عن هذه الشخصية. وهذا ينسحب على شخصية فارس، الذي يحتل البؤرة المركزية في الرواية، فهو إلى جانب أنه طموح وجاد في طموحه إلا أنّ المواقف أثبتت أنه متهورٌ بعض التهوّر. فمن يتقن الهندسة، والتصميم، وخدمة المقاولات، لا يستطيع بالضرورة أن يكون متقنا لتجارة المنتجات الصناعية، فإذا وفّق في صفقة، أو اثنتين، فهذا ينبغي أنْ يخضع من حين لآخر للدراسة، والاستشارة. وأن لا يُلقي بنفسه في مغامرة كتلك التي تورط فيها مع بنك الخليج الأوروبي، أو تلك التي كاد يتورط بها مع نجوى، أو محمد بيك. فهو في الرواية طموحٌ، ولكنه ليس حريصًا حرصًا كافيا، لذا وقع فيما لا ينبغي له أن يقع فيه.
وثمة شخصياتٌ لم يعْطها الكاتب إلا القليلَ من اهتمامه. فبالمقارنة لا نرى في توقفه عند شخصية شوقي ما يوازن وقوفه عند شخصية ممدوح مثلا، أو المهندس سلطان، كذلك الذي نجده في وقفته إزاء المهندس حسان، وهذا طبيعي في رواية تعاني من كثرة الشخوص، كثرةً اضطرَّته في بعض المواقف لذكر أسماء الشخوص ذكرا مفاجئا من غير أن تكون لدى القارئ أي فكرة عن الدور الذي تضطلع به.
تلك الأمكنة:
واللافتُ في هذه الرواية ما فيها من تعلق يبديه السارد بالأمكنة؛ فهو يكرّر الحديث عن عشقه للمكان سواء في الجزء الذي قضى طفولته فيه، أو في الجامعة، أو في مصر المحروسة التي زارها مرتين، بما في ذلك كفر أبو ضبة في بني سويف، أو الشارقة التي اتخذ منها مقاما بدلا من دبي لأسباب مادية، والمارينا، والمطاعم، والمقاهي التي تردد إليها في أكثر الأحيان. وهذه الأمكنة تضيف لمرويات السارد فراس الإطار المادي المحسوس الذي يجعلُ من حكايته حكايةً تبدو كما لو أنها وصفٌ حقيقيٌ للواقع، وإن كانتْ لا تخلو من التخييل السردي.
عفوية الحوار:
زاد هذه الواقعية صدقا بحواره الذي يتخلل المواقف المحكية. ومن ذلك الحوار بين المهندسين زملاء الدراسة في المقهى، والحوار الذي عصف بالسكون الرتيب الذي ساد علاقته براية(الزوجة) في موقف أغضبها بسبب علاقته الغامضة بنجوى(ص140). وكذلك الحوار الذي نقله لنا عن لقاء السارد بمحمد بيك عزام، والمهندس سلطان، فهو حوار يستخدم فيه اللغة التي يختلف بها المثقفون من الشخوص عن العامة، أمثال شوقي وامرأته. علاوة على هذا نجده يعزو للشيخ خالد من الحوار ما يضفي لونا خاصًا، وسمة مميزة، لهذا الرجل المتديّن. ولا تنفلتُ من أصابع السارد خيوط الحبكة، فهي كالخيوط في كرة الصوف، يلتف بعضها على بعض، فلا يسهل على الحائك فرطها إلا بصعوبة، ولهذا يشعرُ القارئ- مثلما ذكرنا قبلا- بشعور من يترقَّب الوقائع الآتية دون إحساسٍ بالسأم، أو الاضطرار لتخطي بعض الصفحات، كالشعور الذي يداهمه في الكثير مما يُنشر، ويقرأ، هذه الأيام من روايات يبدد فيها القارئ الكثير الجمَّ من وقته الثمين.