Tuesday 14th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Apr-2024

في انتظار الأربعاء"... كتاب يجمع بين الأدب والفكر لعبد الله الجمل

الرأي -

 
"كتاب يثير العواطف والعواصف"... بهذا التعبير وصفت الأديبة الدكتورة نهلة الجمزاوي كتاب "في انتظار الأربعاء" للكاتب عبد الله الجمل، الذي صدر حديثا عن دار جدل للنشر والتوزيع وهو واحد من سلسلة مؤلفات مؤسسة الجمل لصناعة المحتوى، وأضافت، أن "في انتظار الأربعاء"عنوان مباغت يثير الكثير من الفضول وجملة من الأسئلة، إذ لم يعُرف عن يوم الأربعاء ارتباطه بدلالة خاصة، مثل الجمعة والخميس والسبت والاثنين، فلكلٍ دلالته الدينية والاجتماعية.. فما دلالة الأربعاء بالنسبة للكاتب مما دفع به لعنونة وليده الأول بهذا الاسم.
 
ربما كان يؤرخ لحكاية عشق شكلت فارقًا في مسيرته الحياتية، مما منح هذا اليوم منزلة خاصة ليسبق ويتوج باقي موضوعاته التي راوحت بين العاطفية والإنسانية والوطنية والفكرية العامة....يقول: " يصرّ جميع من حولي أنّ يوم الأربعاء جاء..وأنها وافقت وأننا تزوجنا، ولكني أستغرب من إصرارهم جميعًا على الكذب، لم يأتِ يوم الأربعاء بعد..وها أنا في انتظاره متسلحًا بقليل من الأمل.. وكثير من الغرور".
 
وهنا يعتمد الكاتب على المفارقات التي تخالف سير الحدث وفق منظومتي الزمان والمكان، وتغادر نحو اللامعقول، ليحقق الدهشة المرجوة من التعبير الأدبي عن الفكرة، المتمثلة في الحب الذي لمْ يَخبُ بريقه بل ما زال يتوقف عند لحظة انبعاثه ببعض من السعادة وكثير من القلق...بمعنى أنها محاولة لاستعادة جذوة الحب من عمق الذكريات ومايصحبها من متعة.
 
ويستخدم الكاتب الأسلوب ذاته في التعبير عن المفارقات الفكرية والمواقف المتقلبة، إزاء الأحداث الحياتية السياسية والاجتماعية، ويلتقطها بعين الصيّاد المتربص لأخطاء البعض وتناقضاتهم المعاكسة لمسيرة الحياة نحو السعادة والأمان.
 
"حين تحدثني عن ضرورة تحكيم العقل وتحجيم العاطفة، ثم تطير مع الموجة وتطيش على أصغر شبر ماء من حدث عابر فأنت تناقض نفسك...حين تحدثني عن ضرورة توخي الدقة والموضوعية حين يكون النقد موجهاً لفكرك وتسأل عن أدق التفاصيل، في الوقت الذي تهاجم فيه كثير من الأفكار والشخصيات دون أن تقرأ لها حرفاً واحداً فأنت تناقض نفسك.
 
حين تحدثني عن أهمية الثقافة والتعددية والاطلاع على أفكار الآخرين، بينما كل مبلغك من العلم كتب أصحاب فكرك فأنت تناقض نفسك".
 
ومن اللافت أن الكتاب يجمع ما بين الخواطر، والنصوص العاطفية والأدبية من جهة، وبين الوخزات الفكرية المؤلمة التي تصدم القارئ وتدفعه لإعادة النظر في كثير من قناعاته ومسلماته التي اعتاد عليها من جهة أخرى، وذلك في مزيج مشوق يمتزج فيه الفكري مع الأدبي الوجداني، وبأسلوب يتسم بالسخرية والكوميديا السوداء، والجمل القصيرة المحملة بالرسائل الفكرية الثورية إلى حد كبير. منها: "من صرف نظره بشكل كلي للسماء، كيف سيبصر خط سيره؟.." نلحظ هنا إلى أي حد يكثّف المعنى المضمر في عدد قليل من الجمل" وكذلك في موقفه من العدل:
 
"العدل والحيادية أكبر من رأيك...إذا أردت أن تكون عادلًا ابدأ من الصفر تمامًا..ثم حدثني عن العدالة والحيادية" وفي ذلك دعوة مبطنة لضرورة المراجعة الفكرية الدائمة دون الاتكاء على أي من الرواسب السابقة..
 
وفي محطات أخرى يرسم الكاتب مشهدًا مسرحيًا صامتًا، ليجعلك تفهم المعنى النقدي المضمر بتكثيف شديد دون أيّ تعليق، يقول في خاطرة قصيرة بعنوان "قطعة القماش... والثور... والرسوم المسيئة": قطعة القماش التي يتم التلويح بها لتهييج الثور في مصارعة الثيران الفرنسية..... أقصد الألمانية... أقصد الدانماركية... أقصد النرويجية... أقصد الإسبانية، "معلش ذاكرتي ضعيفة".
 
واشتمل الكتاب الذي يقع في (84) صفحة من القطع المتوسط على مجموعة من الخواطر الإنسانية التي تضم في ثناياها، إضاءات من حياة المؤلف بأسلوب يجمع بين المباشرة والرمزية، ومجموعة من المقالات والكتابات الفكرية بأسلوب لا يخلو من التشويق والطرافة والفكاهة أحيانًا