Friday 3rd of January 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Apr-2012

ألعاب الطفولة حاضرة في ذاكرة الأجيال* مجد جابر
الغد - "وقع حَربٌ"، "سبع حجار"، "الطُماية"، أسماء لألعاب أطفال ما تزال راسخة في ذاكرة كثيرين ممن كانوا يمارسونها في الحارات، وفي أي أرض فارغة بجانب البيت، مستمتعين بها رغم الإمكانات البسيطة، وهم يلهون ويركضون ويمرحون، وكأنهم ملكوا الكون في تلك اللحظات.
يعود الثلاثيني سامر، إلى أكثر من عشرين عاما، وهو يستذكر مع أصدقائه، الألعاب الجميلة التي كانوا يلعبونها، لافتا إلى أنهم من شدة عشقهم لها في أيام الطفولة، كانوا يتحينون الفرصة المناسبة؛ لينزلوا إلى الشارع وممارسة مثل تلك الألعاب.
وبنبرة مليئة بالحنين للماضي يقول "كنت زعيما على الأطفال في لعبة القلول (الدواحل)، فقد كنت أملك أكبر عدد منها، وأتباهى بها بين الأصدقاء، فكانت بالنسبة لي بمثابة تجارة، حيث أقوم بجمعها واستبدالها، وفي بعض الأحيان أبيعها للآخرين، خصوصاً أنني كنت أعرف كثيراً من أنواعها، مثل (المائي والحلبي وأبو شعرة وشقوري، وغيره)، واستبدل (القل) الحلبي،الذي يعد من الأنواع الفخمة، بثلاثة من النوع المائي".
ويمارس الأطفال ألعابا كثيرة، بحسب ما يوضح، من (سبع حجار)، وغيرها من الألعاب، معتبراً أنها كانت أجمل أيام حياته، والتي لا يمكنه نسيانها على الإطلاق.
تستذكر ريما محسن (40 عاما)، بشوق وحنين، تلك الأيام، عندما كانت تجتمع هي وأفراد عائلتها يوميا في الحارة، ويمارسون ألعابهم التقليدية، والتي تخرج من بنات أفكارهم، فكانت أكثر الألعاب التي تستهويها هي لعبة "السبع حجار"، حيث يجتمع الأطفال ويضعون سبعة حجارة فوق بعضها بعضا، ويبدأون اللعب، والطفل الذي يفوز باللعبة، الذي يوقع تلك الأحجار عن طريق الطابة الصغيرة.
"ورغم أن هذه اللعبة كانت من أكثر الألعاب المحببة إلى قلبي"، وفق ريما إلا أنها تبين أنها كانت تلعب ألعابا أخرى مثل "الخارطة"، خصوصاً أنها تمارس في الهواء الطلق، وبالذات في فترة ما بعد العصر، لأنها تحتاج إلى مجهودات كبيرة، تتوافق مع نسمات الهواء في فصل الصيف، وتستمر إلى وقت حلول الظلام، حيث لا يمكن أن تلعب في الليل، لأن الفائز يريد أن يصل إلى مبتغاه وهو محو الخريطة التي كانت ترسم على الأرض.
ولأن مثل هذه اللعبة وغيرها تحتاج إلى وقت طويل، "فإن بعض الأطفال كانوا يتعرضون للعقوبة من ذويهم، إذا تأخروا إلى ما بعد الغروب، وهو الأمر الذي يجعلهم، وفق ريما، يجتمعون في منزل أحدهم، ليلعبوا ألعابا أخرى مثل (حاكم جلاد).
يتحدث أشرف معتز، عن الألعاب التي كان يمارسها في صغره، وهو ينظر إلى أبنائه بحسرة، لأنهم لم يستمتعوا بأي من تلك الألعاب التي كانت تصنع ذاتيا، لبقائهم طوال الوقت في المنزل يلعبون "البلاي ستيشن"، إذ يقول "إنه كان ينزل إلى ساحة المدرسة المقابلة لمنزلهم كل يوم مع أصدقائه وأبناء جيرانه، ويبدأون بممارسة مجموعة من الألعاب"، لافتا أن لعبة (وقع الحرب)، كانت من أجمل تلك الألعاب، حيث يجتمع الأطفال وأثناء اللعب يختارون أحد أصدقائهم، الذي يقع على عاتقه اختيار اسم البلد، كأن يقول مثلا "وقع الحرب على العراق".
"كانت الألعاب للتسلية والترفيه، وقتل أوقات الفراغ، والتمتع بأجواء الهواء الذي ينعشهم في فترة الصيف"، وفق معتز الذي يبين أن تلك الألعاب لا تستورد من الخارج، فهي أفضل بكثير مما يحدث مع الأطفال في هذه الأيام.
مها أحمد، كانت تستمتع كثيرا، بلعبتي "الصنم" و"الطماية"، حيث تحدد وقتاً كل يوم هي وأبناء جيرانها لممارستهما، حيث تصعد برفقتهم على سطح المنزل، لوجود مساحة واسعة وكبيرة للعب مثل تلك الألعاب.
وعن تلك الأيام تؤكد مها أنها كانت من أجمل أيام حياتها، لأن فيها متعة لا تضاهى، وبطريقة لا توصف مثل لعبة (الصنم) التي تجعل من يشارك بها يتجمد دون حراك.
وترى مها، أن لعبة مثل الطماية، كان يمارسها معظم الأطفال قبل ظهور الألعاب الالكترونية، مضيفة "كنت عندما يكون دوري في عملية عد الأرقام، ويسبقني أحد اللاعبين إلى المكان، حتى أسمع منه كلمة السر في هذه اللعبة وهي (كومستير)، أحزن كثيرا، إلى درجة العصبية وبطريقة مبالغ بها، لدرجة إخباري الجميع بأنني لا أريد أن ألعب، وأن هناك غشا في الموضوع".
ويتشوق موفق سعيد( 45 عاما) وهو يستعيد ذكريات الطفولة، إلى ممارسة تلك الالعاب، إذ يقول "كنت لا أكف عن الحراك واللعب وأنا صغير، ومن أحب الألعاب على قلبي، كانت لعبة (عالي وط وط)، التي كنت ألعبها يومياً مع أولاد الحارة، فقد كنت أنزل قبل الأطفال إلى المكان من دون علمهم لأحدد المناطق العالية، التي سأقف عليها وبعدها أخبرهم أن علينا لعب هذه اللعبة في هذا المكان".
ويتمنى (سعيد) لو تعود تلك الأيام من جديد، حيث كانت معظم الأوقات فيها الكثير من المتعة والتسلية، "وكنا نمرح ونفرح ونعود إلى البيوت بلا أي هموم ولا مسؤوليات، فقد كان اللعب بالنسبة لنا لحطات ضحك ومرح، ولا نفكر بأي شيء يزعجنا".
كانت الحارة مصدر الأمان، الأولاد يلعبون (الطابة)، أو (الخارطة)، وإلى جوارهم البنات الصغيرات، اللاتي كن يلعبن (الحجلة)، التي كانت من أكثر الألعاب جاذبية اليهن، فكانت (مريم) لا تتأخر عن صديقاتها لممارسة هذه اللعبة، رغم قلق والدتها عليها، ورفضها للنزول إلى الحارة للعب مع بنات الجيران.
تقول مريم، وهي تتذكر تلك الأيام الجميلة:"كنت أفعل المستحيل من أجل النزول إلى الحارة، ولعب "الحجلة" أو "نط الحبلة" فهما لعبتان جميلتان للفتيات، مبينة أنها في أحيان كثيرة كانت تعرف أنها تأخرت، وعند عودتها إلى البيت ستنال العقاب.
ورغم العقوبة التي تنالها، إلا أنها لا تذكر أن والدتها كانت تمنعها من اللعب، "فقد كنت لا أقاوم لعبة "نط الحبلة"، و"المغيطة"، حتى إنني كنت أصر على البقاء بين صديقاتي حتى الانتهاء من اللعبة، وذهاب كل واحدة من الفتيات إلى منزلها".