قرية الشهيد الجازي "أَذْرُح" .. دخلت الإسلام صلحاً وشهدت التحكيم
عمون -
قال الكاتب الأردني داود عمر داود، إن قرية "أَذْرُح" التي ينتمي لها شهيد عملية الجسر، الأردني ماهر ذياب حسين الجازي، من قبيلة الحويطات، والتي أودت بحياة 3 افراد أمن اسرائيليين، هي قرية دخلت الإسلام صلحاً وشهدت حادثة التحكيم بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، مستعرضا تاريخها.
وقال داود:
ينتمي ماهر ذياب حسين الجازي، من قبيلة الحويطات، سائق الشاحنة، الذي نفذ عملية قتلِ ثلاثةٍ من رجال الأمن الإسرائيليين، في معبر جسر الملك الحسين اليوم، إلى قرية "أَذْرُح"، قضاء مدينة معان، جنوب البلاد، التي تبعد 15 كيلومتراً عن مدينة "البتراء" الأثرية، التي سكنها العرب الأنباط منذ القدم.
تاريخياً، كانت هذه القرية، مع ظهور الإسلام، من أكثر المدن إزدهاراً في المنطقة. وقد شهدت "أَذْرُح" واحداً من أهم الأحداث السياسية بعد الخلافة الراشدة. حيث تمت فيها "حادثة التحكيم"، سنة 658 ميلادية، بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهما، وأرضهما.
وقد رعى عملية التحكيم أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص، بحضور سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وآخرون من الصحابة الكرام. وفي القرية جبلٌ يسمى "جبل التحكيم"، نسبة إلى هذه الحادثة التاريخية.
كانت "أَذْرُح" مشهورة ومعروفة إذ جاء وفدٌ من أهلها إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، مصالحين، إثر غزوة تبوك في العام التاسع للهجرة، لتكون بذلك من أوائل المدن المفتوحة صلحا بدون قتال. وقد بعث عليه الصلاة والسلام إلى أهلها بكتابٍ قال فيه:
(بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي لأهل أَذْرُح أنهم آمنون بأمان الله ومحمد، وان عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة، والله كفيل بالنصح والإحسان للمسلمين، ومن لجأ اليهم).
وكانت الجزية على أهل "أَذْرُح" مائة دينار بحسب عدد رجالها البالغين. وقد أهداهم الرسول عليه السلام بردة.
وقد ورد ذكرٌ لقرية "أَذْرُح" في صحاح البخاري ومسلم وابو داود.
وتعود شهرة "أَذْرُح" قديما منذ العهد الروماني عندما انشيء فيها معسكر، بمساحة أربعين دونماً، لاحدى الفيالق الرومانية، التي ما زالت اسواره وتحصيناته وقنواته المائية ماثلة للعيان حتى يومنا هذا، فيما استمر الاستيطان بها في العهد البيزنطي، مما يدلل على ذلك بقايا الكنائس التي لا زالت موجودة في الموقع الاثري فيها.
وفي أواخر العصر البيزنطي كانت "أَذْرُح" ملكاً لقبيلة "بني جذام". وكانت تمر بها، في أحيانٍ كثيرةٍ، القوافل التجارية لقبيلة قريش.