الغد - مجد جابر - جاء قرار تشكيل لجنة لتطوير مناهج التعليم وكل ما يتعلق بالبيئة التعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة بمثابة إنجاز يصب في مصلحتهم، ويخلق منهم أشخاصا إيجابيين منتجين قادرين على تحقيق أحلامهم دون أي صعوبات.
تلك الخطوة الايجابية، تضمن حقوق وواجبات فئة مهمة من المجتمع ولا تقل أهمية عن أي فئة أخرى، بل على العكس هي شريحة بحاجة الى اهتمام ورعاية من كافة النواحي للنهوض والاندماج في مجتمعهم، وأن يصبحوا أشخاصا منتجين قادرين على النهوض بأنفسهم.
وجاء هذا القرار بعد موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2016 تتويجاً لجهود تبذلها المملكة منذ عقود، لمواكبة التطورات والمستجدات في مجال الإعاقة على صعيد المفاهيم والممارسات.
اختصاصيون اعتبروا أن الدمج للأشخاص ذوي الإعاقة أهم خطوة من أجل أن ينشأوا في بيئة صحية ولا يشعروا بأي نوع من التمييز، بل أن يصبحوا قادرين على تفجير طاقاتهم.
وكان نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات شكّل لجنة مختصة للعمل على تطوير مناهج الطلبة ذوي الإعاقة في المؤسسات التعليمية وطرق تدريسها، ومراجعة المناهج الدراسية وتضمينها مباحث تعرّف بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزز إدماجهم مع أقرانهم في المدارس وترسيخ ثقافة التنوع واحترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأوعز الذنيبات إلى اللجنة بضرورة تضمين السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية متطلبات التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة وبما يحقق تمتعهم الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية.
وأكد الذنيبات في توجيهه للجنة، سعي الوزارة لتوفير البيئة المناسبة للطلبة ذوي الإعاقة، بما يتواءم مع حاجاتهم وخصائصهم، مبيناً حرص الوزارة على تجهيز المدارس ومرافقها المختلفة بشكل مناسب يضمن سهولة دخول وخروج الطلبة من ذوي الإعاقة، والأخذ بالاعتبار كودات البناء الوطني للأشخاص ذوي الإعاقة عند إنشائها، إضافة إلى تقديم كافة التسهيلات وتذليل الصعوبات التي تعيق دمجهم في المدارس.
وتتشكل اللجنة من رئيسها أمين عام الوزارة للشؤون التعليمية الدكتور محمد العكور، مديرة ادارة المناهج الدكتورة وفاء العبداللات، مديرة ادارة التربية الخاصة بالوكالة الدكتورة خولة أبو الهيجة، وعدد من مدراء المدارس المعنيين بالطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويزيد عدد الطلبة من ذوي الإعاقة المخدومين من برامج التربية الخاصة، على 18 ألف طالب، وعدد الطلبة الملتحقين حتى العام 2015، في حين يصل عدد الغرف المخصصة لذوي الإعاقة في المدارس إلى 916 غرفة و11 مدرسة للصم.
وفي ذلك يرى الخبير في مجال حقوق ذوي الإعاقة د. مهند العزة أن هذه الخطوة مهمة للغاية، خصوصاً وقد تمت الموافقة على قانون الأشخاص ذوي الإعاقة والذي يحتوي على كثير من البنود أهمها عدم التمييز واحترام الآخر، إلى جانب أنه سيتم تنفيذ الخطة العشرية وهي دمج تعليمي شامل للأشخاص ذوي الاعاقة.
ويشير الى أن كل ذلك يتم من خلال المناهج أو النشاطات اللامنهجية، بحيث لا تكون المناهج مختلفة بين الفئتين، انما تكون الوسائل التعليمية هي المختلفة وطريقة إيصال المعلومة، لافتاً الى أن المناهج يجب تطويرها من الأساس بشكل عام بحيث تكرس فيها ثقافة التنوع.
وعلى نفس الدرجة من الأهمية، يجب معرفة كيفية التعامل مع الامتحانات لهذه الفئة، مثلا المترجم الذي يترجم للشخص ذوي الإعاقة يجب أن يكون شخصا مدركا لما يترجمه، بحيث تصل المعلومة للطالب على نفس المستوى لتكون الإجابة موافقة للسؤال أي أن طريقة التواصل بينهما أمر مهم جداً.
ويعتبر العزة أن تشكيل لجنة لبحث مثل هذه أمر مهم جدا وإيجابي، خصوصاً اذا كانت تحوي تخصصات مختلفة، لافتاً إلى أنها خطوة ممتازة تعكس جدية الوزارة، وهو ما سينعكس إيجاباً على هذه الفئة من المجتمع. ويشير إلى أن هذه الخطوة ستخرّج طالبا مدركا للمعلومة التي تلقاها، ما سيفتح له آفاقا في الجامعات وسيعزز من تكافؤ الفرص. وتذهب الناشطة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هديل أبو صوفة إلى أن القرار جاء في مكانه لما سيحققه من أهداف ايجابية، مبينةًً أن المشكلة الكبيرة هو قلة الدمج في المدارس، وهو الأمر الذي يجعل فئة كبيرة من ذوي الإعاقة لا يكملون دراستهم لعدم وجود تهيئة مناسبة.
وتشير الى أهمية هذا التعاون كون تطوير المناهج بحاجة الى إشراك الطلبة ذوي الإعاقة، بحيث تستفيد فعلاً هذه الشريحة من المناهج، ويحدث الأمر بأسلوب تدريجي كون كل جزئية من هذا القرار ستؤدي الى الدمج الكامل.
وتضيف أن تجهيز المدارس من ناحية معمارية وتأهيل المعلمين، سيؤدي الى تطوير المناهج وصولا الى الدمج الصحيح والايجابي، مبينة أهمية الوصول الى مرحلة رؤية مستقبلية والنتائج التي ستعود نفعاً بعد خمس سنوات من هذا القرار لذلك لا بد أن تكون الخطوات مدروسة.
وتؤكد أبو صوفة أن هذا الأمر سينعكس بنسبة 100 % على هذه الفئة من ناحية العمل والصحة، وقد تكون هذه التجربة نموذجا يستفاد منه للوزارات الأخرى، خصوصاً مع وجود خسائر لطاقات شباب ذوي إعاقة لم يكملوا مشوارهم لعدم وجود تهيئة بيئية ولا مجتمعية للإكمال.
وتعتبر أن تنفيذ القرار وتحقيق أهدافه سينعكس ايجاباً على المجتمع بشكل كامل وستصبح هناك وظائف لتلك الفئة وستكون الإنتاجية أكبر، ما سيعود بالنفع على اقتصاد البلد، فضلا عن ازدياد ثقة الشخص بنفسه، وتفاعله مع المجتمع.
في حين تعتبر رئيسة جمعية “أنا إنسان” لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة أن المناهج المدرسية والبيئة التعليمية هي أركان رئيسية لموضوع الدمج الشامل لذوي الاعاقة، مبينة أن تهيئة مكان مناسب وتدريب الأشخاص على كيفية التعامل مع ذوي الاعاقة والتوعية من كل النواحي سيكون منصفا ويصب بشكل ايجابي في مصلحة كل الأفراد.
وتضيف أن التعليم هو الأساس، وقرار اللجنة يعد شوطا كبيرا جدا في الحد من الصعوبات التي تواجه ذوي الاعاقة في الدمج المجتمعي.
وفي مقال نشر في جريدة "الغد" للأمير مرعد بن رعد رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، بيّن فيه أن محور التعليم يشكل بدوره نموذجاً آخر في التحول من البيئات التعليمية الخاصة والمقيدة إلى بيئات دامجة، وذلك من خلال خطة وطنية شاملة يبدأ تنفيذها بعد مرور سنة كاملة على نفاذ مشروع القانون، ويتم استكمالها على مدار عشر سنوات، بحيث تنتهي بجعل المؤسسات التعليمية بكوادرها ومناهجها ومرافقها دامجةً ومستوعبةً للطلبة ذوي الإعاقة، جنباً إلى جنب مع زميلاتهم وزملائهم من غير ذوي الإعاقة.
وأشار الى أن تقييم الواقع والأداء يمثل أولى خطوات تطويرهما وتغييرهما، ثم يلي ذلك التوافق على أداة ذلك التغيير. وقد جاء مشروع القانون الجديد أداةً لتغيير واقع عكفنا على تقييمه ومراجعته مع مختلف المعنيين والمتخصصين داخل الأردن وخارجه على مدار 4 سنوات، ليبقى بعد ذلك الاختبار الحقيقي لنا جميعاً والمتمثل في مدى قدرتنا ورغبتنا على التحول والتغير، واللحاق بركب كنّا دوماً في طليعته، بل من أبرز قياداته.
الاختصاصي النفسي د.محمد الحباشنة يذهب إلى أن هذا مشروع مهم جداً ويؤسس لحالة نفسية سليمة لذوي الاعاقة، مشيرا الى أن تقبله على اختلافه وامكانياته دليل على مجتمع حضاري ومدني وفيه حداثة، كون أصل الحداثة هو منطق القبول الذي لا يقوم على التمييز بناء على قدرات أو اعاقة أو جنس أو لون.
ويضيف الحباشنة “نحن بهذه الطريقة نعمل على إعادة تعريف الاعاقة كوننا نحن من نعيق هذا الشخص وليس هو”. ويضيف أنه مشروع مهم جداً ويجب أن يصبح ثقافة ويرسّخ في عقول الناس، مبينا اهمية الوصول الى مرحلة يستنكر فيها المجتمع من “يعيب على المعاق إعاقته” وإذا اتم الوصول الى هذه المرحلة تكون خطوة متقدمة وإيجابية جداً.