Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2020

هل يصبح الحجر الصحي على المسافرين طبيعيا مرة أخرى؟

 الغد-روري ساذرلاند* – (ذا سبيكتيتور) 21/3/2020

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
ربما عندما ينتهي هذا، لن ننظر إلى الوقت بالطريقة نفسها مرة أخرى. أو السفر. أو التواصل. وربما نولي أيضاً مزيداً من الاهتمام للأمور الأقرب إلى المنزل. أما في الوقت الحالي، فإن أكثر شيء مفيد يمكنكم أن تفعلوه، هو أن تعتنوا ببعضكم بعضا.
 
* *
لم تكن مصادفة أن تختار حكومة الولايات المتحدة “جزيرة إليس” كمحطة للهجرة. والكلمة الحاسمة هنا هي: “جزيرة”.
لو أن سفينة الركاب، “تايتانيك”، أفلتت من ذلك الجبل الجليدي المشؤوم في العام 1912، لكان المطاف سينتهي بها إلى أن تكون محطة في منطقة الحجر الصحي عند مدخل الخليج السفلي لميناء نيويورك، في انتظار المفتشين الطبيين الذين سيصعدون على متنها من قارب.
كان سيتم إجراء الفحوصات المخصصة للمسافرين في الحجر الصحي على متن السفينة، وإنما فقط لركاب الدرجة الأولى أو الثانية (كان المواطنون الأميركيون مستثين من الاختبار). وكانت الفحوصات ستستهدف الكشف عن الكوليرا، والطاعون، والجدري، وحمى التيفوئيد، والحمى الصفراء، والحمى القرمزية، والحصبة والدفتيريا. وربما كانت ستوضع علامات على البعض لإرسالهم إلى “جزيرة إليس” لإخضاعهم إلى المزيد من الفحص.
فقط بعد عودة المفتشين الطبيين الزائرين إلى الشاطئ، كانت السفينة تايتانيك ستبحر إلى الميناء الرئيسي، وترسو على رصيف وايت ستار لاين رقم 59 في مانهاتن، ولن ينزل سوى ركاب درجة المقصورات الذين تم فحصهم مسبقاً. وكان سيتم نقل جميع المسافرين الآخرين إلى مراكب ليقوموا بالرحلة إلى جزيرة إليس، والخضوع لخمس ساعات على الأقل من إجراءات التدقيق الإضافية -واحتمال رفض دخولهم أو وضعهم في الحجر الصحي.
وماذا عن تلك البوابات المقفلة الشهيرة على سطح السفينة تايتانيك، التي كانت تفصل مناطق ركاب الدرجة الثالثة عن أي شخص آخر، والتي وفرت فيما بعد مادة غنية لصانعي الأفلام الذين يرغبون في تمرير تعليق عن الانقسامات الطبقية البريطانية؟ لقد تم تركيبها هناك لتتوافق مع قانون الهجرة الأميركي -مرة أخرى للسيطرة على انتشار المرض على متن السفينة.
ماذا لو أصبح هذا طبيعياً مرة أخرى؟ من المؤسف أن نتأمل المدى الذي بنينا فيه الصرح الكامل للعالم الحديث على افتراض أننا لا يمكن أن نفتقد أي مكاسب تكنولوجية على الإطلاق. والكهرباء هي المثال الأكثر شيوعاً على ذلك (ربما مع فقدان أجزاء من العالم بضع ساعات من انقطاع التيار بسبب الفوضى والاضطرابات المدنية). والإنترنت مثال آخر. ولكن، يمكننا أيضاً أن ندعي أن جزءاً كبيراً من صناعة السياحة والسفر في العالم يعتمد تماماً على الفعالية المستمرة للقاحات والمضادات الحيوية.
بصفتي شخصاً كبير السن بما يكفي لتذكر الفصول الافتتاحية من مسلسل تيري نيشن الذي بثته محطة “بي. بي. سي” في العام 1975 عن ظروف ما بعد الوباء، “الناجون”، فإن أعظم مفاجآتي عند تفشي فيروس كورونا هو أنه لم يحدث من قبل. كان التغيير في عادات السفر الذي حدث في مسافة جيل مذهلاً. في العام 1984، عندما كنت في العشرين من عمري وطالباً في الجامعة، سافرت إلى فرنسا وإسبانيا فقط، وسافرت بالطائرة مرتين. وعندما سألت زملائي الطلاب الأميركيين عن الولايات المتحدة، كان ذلك على افتراض أنني قد لا أذهب إلى هناك أبداً في حياتي. وكنت أعرف بالكاد في ذلك الوقت أحداً قام برحلة طويلة، باستثناء عدد قليل من كبار السن الأغنياء، غالباً في زيارات لمدة ثلاثة أسابيع. والآن، ليست لدي أي فكرة عن عدد المرات التي عبرت فيها المحيط الأطلسي.
إن توسيع مسافات السفر هو أمر رائع بالطبع. ولكن، لا يسعني إلا أن أتساءل عما إذا كنا سنقدّر ذلك أكثر لو أنه أصبح متاحاً لنا بشكل أبطأ. هذه هي لعنة رأسمالية السوق الحرة التي تتجلى في العديد من الطرق. يمكنك اختيار كل شيء يخص حياتك -باستثناء الوتيرة التي تتغير بها حياتُك.
إذا ما نظرنا إليها بتفاؤل، فإن الأشهر المقبلة ستكون فرصة غير عادية بالنسبة لنا لإعادة اكتشاف الملذات والمتع البطيئة التي لم نكن لنجد الوقت لتأملها بخلاف ذلك. اقرأ بروست. أتقِن حل الكلمات المتقاطعة. قم بتأليف مقطوعة وترية رباعية. تعلم التحدث بلغة قبائل أرباهو.
ربما عندما ينتهي هذا، لن ننظر إلى الوقت بالطريقة نفسها مرة أخرى. أو السفر. أو التواصل. وربما نولي أيضاً مزيداً من الاهتمام للأمور الأقرب إلى المنزل. أما في الوقت الحالي، فإن أكثر شيء مفيد يمكنكم أن تفعلوه، هو أن تعتنوا ببعضكم بعضا.
*نائب رئيس “مجموعة أوجيلفي المملكة المتحدة”، وكاتب عمود.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Will quarantine for travellers become normal again?