Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Oct-2020

لويز غلوك.. قصائد تحلق في قلب الحياة العائلية

 الدستور-ترجمة وتقديم نزار سرطاوي

في الثامن من تشرين الأول الجاري، تم الإعلان عن فوز الشاعرة الأميركية لويز غلوك بجائزة نوبل للآداب. وقد قال عنها أندرز أولسن، رئيس الهيئة التي تمنح الجائزة إنها تتمتع بصوت شعري مميز وخصوصًا قصائدها التي تنفذ إلى قلب الحياة العائلية، وإن أسلوبها يشير إلى أنها تريد أن تكون مفهومة، وأشار إلى أن أعمالها زاخرة بالحس الفكاهي والنقد اللاذع. كما وصف العديد من النقاد شعرها بأنه يمثل نوعًا من السيرة الذاتية. ويتميز بغنائيته وبحدته العاطفية وباعتماده على الأساطير أو التاريخ أو الطبيعة في تأمل التجارب الشخصية والحياة المعاصرة. كذلك اشتهر شعرها بتعبيراته الصريحة حول الحزن والعزلة.
ولدت غلوك في مدينة نيويورك في 22 نيسان عام 1043. تعلمت في طفولتها اللغة الإغريقية والقصص الكلاسيكية على يد والديها، وبدأ تكتب الشعر في سن مبكرة. أثناء دراستها الثانوية أصيبتبفقدان الشهية. وقد عزت مرضها في إحدى مقالاتها إلى محاولتها للاستقلال عن والدتها، وفي مقالة أخرى عزته إلى موت شقيقة لها كانت قد توفيت قبل ميلاد لويزا. وقد قررت بعد استكمال الدراسة الثانوية أن تخضع للعلاج النفسي، لكن ذلك كان سببًا في عدم التحاقها بالجامعة. إذ اكتفت بالالتحاق بكلية سارة لورانس وجامعة كولومبيا دون أنتكملدراستها الجامعية.
تزوجت غلوك مرتين، وقد انتهى كلاهما بالطلاق. أما حياتها الأدبية فقد تميزت بالثراء حيث صدر لها عدد كبير من الدواوين الشعرية والمقالات، كما نالت العديد من الجوائز، لعل أبرزها جائزة بوليتزر، والميدالية الوطنية للإنسانيات، والجائزة الوطنية للكتاب والجائزة الوطنية للدائرة النقدية وجائزة وبولنجين. كما اختيرت أميرة لشعراء الولايات المتحدة من عام 2003 إلى 2004.
من أشهر أعمالها الشعرية: المولود الأول (1968)، الحديقة (1976)، انتصار أخيل (1985)، أرارات (1990)، السوسنة البرّية (1992)، فيتا نوفا (1999)، العصور السبع (2001)، أفيرنو (2006)، حياة قروية (2009)، كما صدر لها عملان نثريان: البراهين والنظريات: مقالات عن الشعر (1994)، الأصالة الأمريكية: مقالات حول الشعر(2017).
علاوة على الكتابة، عملت غلوك في تدريس الشعر في العديد من المؤسسات الأكاديمية. وتعمل حاليًا أستاذًا مساعدًافي جامعة ييل، وتعيش فيمدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس.
فيما يأتي ترجمة لمجموعة من قصائدها:
السوسنة البرية
في نهاية معاناتي
كان هنالك باب.
اصغوا إليّ: ما تسمونَه الموتُ
أذكره جيدًا.
ثمّةَ ضوضاءُ في الأعلى، أغصانُ الصنوبرِ تُبدّل أماكنها.
ثُمَّ لا شيء. الشمس الواهنة
راحت تومض فوق السطح اليابس.
إنه لأمر فظيع أن يظلَّالمرء على قيد الحياة
وَعْيًا
مدفونًا في الأرض المظلمة.
ثم انتهى الأمر: فذلك الذي نخاف منه
روحٌلا تقوى
على الكلام، تنتهي بغتةً، إذ تنحنى الأرضُ
الصلبةُ قليلًا. وما حسبتُه
طيورًا تندفع في قلب شجيرات صغيرة.
أنتم يا من لا تتذكرون
المعبرَ من العالم الآخر
أقول لكم إن في وسعي أن أتحدث مرةً أخرى: فمهما كان
ما يرجع من النسيان،إنما يرجع
كي يعثر على صوت:
من قلب حياتي أتيتُ
نافورةً عظيمة، ظلالًاعميقةَ الزرقةِ على مياه البحر اللازوردية.
 أسطورة البراءة
ذاتَ صيفٍ تدلفُ إلى الحقل كعادتها
تتوقف قليلًا عندَ بركةِ ماءٍ حيث تنظر
إلى نفسها بين الفينة والأخرى، لترى
إن كانت تلحظ أيةتحوّلات. ترى
الإنسانَة عينَها، وعباءَة البُنُوّة
الرهيبة ماتزال تتشبث بها.
تبدو الشمس في الماء جدَّ قريبة
تقول في نفسها: ذاك عَمّي يتلصّص ثانيةً
كلُّ شيءٍ في الطبيعة هو واحدٌ من أقاربها على نحوٍ ما.
تُحدّث نفسها: لستُوحدي أبدًا،
وتُحوّلُ فِكرتَها إلى دعاء. ثم يظهر الموت كما لو كان استجابة للصلاة
لم يعد أحدٌ يعي
كم كان جميلاً. لكن بيرسيفوني تتذكر.
أنه عانقها هناك أيضًا
بينما كان عمُّها يراقب المشهد. تتذكرُ
وميضَ ضوءِ الشمس على ذراعيه العاريتين.
هذه هي اللحظةُ الأخيرةُ التي تتذكرها بوضوح.
ثم حملها إله الظلام بعيدًا.
تتذكر أيضًا، بصورةٍ أقلَّ وضوحًا،
الرؤيةَ التي تقشعرُّ لها الأبدان وهي أنها اعتبارًا من هذه اللحظة
لن تستطع أن تعيش بدونه مرة أخرى.
الصبيّةُ التي تختفي من بركةِ الماء
أبدًالن تعودَ. ستعود امرأةٌ،
تبحثُ عن الصبيّةِ التي كانت.
تقف بجواربركة الماء قائلةً: من حينٍ لآخرَ
كنت أتعرض للاختطاف، لكن ذلك لا يبدو
صحيحًا، لا يماثل ما كانت تُحسّ به.
ثم تقول، لا، لم أتعرض للاختطاف.
ثم تقول، أنا التي عَرَضْتُ نفسي، رغبتُ
أن أهرب من جسدي. بلتلك
كانت إرادتي أحيانًا. لكن الجهلَ
يعجز عن أن يريدَ المعرفةَ. الجهلُ
يريدُ أمرًا مُتخيلًا يعتقد أنه موجود.
الأسماء المختلفة كلّها –
تقولهاواحدًا تلو الآخر.
الموت، الزوج، الله، الغريب.
كل شيء يبدو جدَّ بسيطٍ، جدَّ تقليدي.
تُفكّر: لا بد أنّني كنت فتاة بسيطة.
لا يمكنها أن تتذكر أنها هي نفسُها تلك الإنسانة
لكن تظلّ تفكر أن بركة الماء سوفتتذكر
وتشرح لها معنى دعائِها
كيتعرف
إن كان قد استجيبَ أم لم يُسْتَجبْ.
الهجرات الليلية
هذه هي اللحظة التي ترين فيها للمرة الثانية
التوتَ الأحمرَ لرمادِ الجبل
وفي السماء المعتمة ترين
الهجرات الليلية للطيور.
يحزنني أن أفكّر
أن الموتى لن يشاهدوها –
هذه الأشياء التي نعتمد عليها،
فهي تختفي.
ماذا ستفعل الروح كي يزول الغَمُّ إذًا؟
أقول لنفسي لعلها لن تحتاج
إلى هذه الملذات بعد الآن.
لعل مجرّدَعدمِ وجودِها كافٍ،
مع أن من الصعب تَصوّر ذلك.
 الماضي
ضوء ضئيل في السماء يظهر
بغتةً بين
غصنين من أغصان الصنوبر، إبَرُهما الجميلة
محفورة الآن على السطح اللألاء
وفوق هذه
السماء العالية المكسُوّة بالريش –
تَنَسّمي رائحة الهواء. تلك هي رائحة الصنوبر الأبيض،
التي تغدو نفّاذةً حين تهبُ الرياح من خلاله
والصوتُ الذي تُصدره، والذي هو غريبٌ أيضًا،
كما صوت الريح في فيلم –
حين تتحرك الظلال. الحبال
تُصدر الصوت الذي تُصدره في العادة. ما تسمعه الآن
سيكون صوتَ العندليب، حيوانات من فصيلة الحبليات،
الطائر الذكر يغازل الأنثى–
تتحول الحبال. الأرجوحة
تتمايلمع الريح، وهي مربوطة
بين شجرتين من اشجار الصنوبر.
تنسّمي رائحة الهواء. تلك هي رائحة الصنوبر الأبيض،
ذلك الذي تسمعينه هو صوت أمي
أم لعلهليس سوى الصوتِ الذي تصدره الأشجار
حين يمر الهواء من خلالها
إذ ما هو الصوت الذي يصدره
حين لا يمر من خلال أي شيء؟
الخشخاش الأحمر
الشيء العظيم
هو ألّا يكون لي
عقل. أحاسيس:
آه ، لدي هذه، فهي
تحكمني. عندي
سيّد في السماء
اسمه الشمس، أفتح ذاتي
لها كي أريَها
نارَ قلبي، نارًا
تشبه وجودها.
ماذا يمكن أن يكون مثل هذا المجد
إن لم يكن قلبًا؟ يا اخوتي واخواتي
هل كنتم مثلي يومًا، في الماضي البعيد،
قبل ان تكونوابشرًا. هل
سمحتم لأنفسكم
أن تفتحوا ذواتكم يومًا، من ذا الذي يرفض أن
يفتح ذاته مرة أخرى؟ لأنني في الحقيقة
أتحدث الآن
على طريقتكم. أتحدّث
لأنني محطمة.
 خيال
سأخبرك بأمر: كلَّ يوم
يموت الناس. وهذه هي البداية فقط.
كلَّ يوم تولدُ في بيوت العزاء أراملُ جديدات،
أيتامٌ جُدد. يجلسون وأيديهم مكتوفة،
محاولين أن يتخذوا قرارًا بشأن هذه الُحياة الجديدة.
ثُمّ يتواجدون في المقبرة، بعضهم
يتواجد هناك للمرة الاولى. يحسون بالخوف من البكاء،
وأحيانا من عدم البكاء. يميل عليهم أحدٌ ما،
يخبرهم ما ينبغي عليهم فعله بعد ذلك، وهذا قد يعني
أن يقولوا بضع كلمات، وأحيانًا
أن يهيلوا التراب في القبر المفتوح.
وبعد ذلك يعود الجميع إلى المنزل،
الذي امتلأ فجأة بالزوار.
تجلس الأرملة على الأريكة جلسةً مهيبة،
لذا يصطف الناس للاقتراب منها،
يمسكون بيدها أحيانًا، ويحتضنونها أحيانًا أخرى.
تجد ما تقوله للجميع،
تشكرهم ، تشكرهم على قدومهم.
في أعماقها تريدهم أن يمضوا.
تريد أن تعود إلى المقبرة،
أن تعود مرة أخرى إلى غرفة المرضى، إلى المستشفى. تعلمُ
أن ذلك ليس ممكنًا. لكنه أملها الوحيد،
الرغبة في أن تتحرك إلى الوراء،
لا لتصل إلى الزواج، إلى القبلة الأولى.