Saturday 27th of July 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-May-2024

رئيس الأركان.. الفوضى في الجيش مسؤوليتك

 الغد-هآرتس

 
بقلم: يوسي ميلمان   21/5/2024
تصريح الوزير بني غانتس بأنه سيستقيل من الحكومة إذا لم يحدث "انقلاب استراتيجي" في إدارة الحرب، يظهر الحاجة الى وضع طلب مشابه أمام رئيس الأركان هرتسي هليفي. يجب عليه تحديد موعد لاستقالته. لا توجد حاجة لإطالة الكلام حول مسؤولية هليفي في فشل 7 تشرين الأول (اكتوبر). أيضا، هو نفسه اعترف مرات عدة بالمسؤولية عن الفشل. ولكن ليس فقط بسبب هذا الفشل يجب عليه (وعدد من الجنرالات في هيئة الأركان العامة) الاستقالة، بل سلوكه منذ ذلك الحين وطبيعة قيادته تثير الشك الكبير. هذا الأمر وجد تعبيره بشكل خاص في حقيقة أنه لا يسيطر على الضباط الصغار والمتوسطين والجنود، ويجد صعوبة في تنفيذ الأوامر.
 
 
الدخول المغطى إعلاميا للجيش الإسرائيلي الى رفح، مع دبابات عليها أعلام إسرائيل وتندفع نحو الحدود مع مصر ورفع العلم في معبر رفح، كل ذلك أثار الغضب في مصر، التي من البداية طلبت من إسرائيل عدم اقتحام هذه المدينة على الحدود، ضمن أمور أخرى، خوفا من هرب مئات آلاف الغزيين الى شبه جزيرة سيناء. مصر انضمت للدعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي. وجهات في الدولة قالت إنها تفحص استبدال السفير في تل أبيب بقائم بالأعمال فقط.
التهديد الأخير لم يتم تنفيذه بعد لأنه من الواضح أنه رغم غضب مصر، إلا أنها لا تسارع الى اتخاذ خطوات متسرعة التي يمكن أن تدهور أكثر العلاقات الهشة مع إسرائيل.
لكن الأحاسيس القاسية لمصر لم تتبدد. فهي غاضبة ليس فقط لأن إسرائيل لم تستجب لتحذيرها ودخلت الى رفح، بل أيضا بسبب الشعور أنها تستخف بكرامتها. لأنه قبل بضعة أيام قبل دخول رفح، نشر مراسلون إسرائيليون بأن رئيس الأركان وعد بأن هذا الدخول سينفذ بهدوء ومن دون صدى إعلامي، الذي سيتم تفسيره بأنه إصبع في عين مصر. عمليا، كما قلنا، تبين أنه لم يكن لتعهد إسرائيل أي غطاء بسبب غياب الانضباط في الجيش الإسرائيلي. هناك تفسيران محتملان لهذا السلوك. الأول هو أن جنود القوة التي دخلت الى رفح وضعوا قانونا لأنفسهم واستخفوا بالتعليمات ونشروا الصور في الشبكات الاجتماعية. الثاني هو أنه ربما تعليمات القيادة العليا لم تصل الى الميدان. كل تفسير يشير الى أداء معيب. الجيش الإسرائيلي لم يتميز في أي يوم بالانضباط. منذ تشكيله هو يراوح بين قطبين، تقليد الجيش البريطاني (الأميركي وما شابه) الذي يحرص على تنفيذ الأوامر، أمام تقليد الفوضى في ثلة البلماخ، التي أحد رموزها كان "سرقة الدجاج". وأضيف الى ذلك وباء عدم النظام في الفضاء العام الذي يميز إسرائيل، الذي يتمثل في نقص التهذيب الواضح وقيادة منفلتة العقال في الشوارع والاستخفاف العام بالقانون.
لقد أحسن رئيس الحكومة اسحق رابين في وصف هذا المزاج في 1992، في احتفال تخريج فوج في مدرسة القيادة وهيئة الأركان، عندما قال "يوجد اسم لمشكلة مؤلمة لدينا، اسم شخص واسم عائلة"، وهو كلمات "الأمر سيكون على ما يرام". هذا التعبير غير محتمل. وراء هذا التعبير يختفي بشكل عام كل ما هو ليس على ما يرام.
مع وجود الجيش في طليعة المجتمع الذي يخدم فيه أبناؤه، فمن غير الغريب أن تتسرب ثقافة الفوضى اليه بسرعة. الجيش لا يحب معاقبة من يخالف الأوامر والقانون. وذلك ينعكس في غياب العقوبة، أو العقوبة الخفيفة التي تفرض على الضباط والجنود الذين فسدوا. بعد ذلك تتم ترقيتهم في أحيان كثيرة. في الواقع على الأغلب الحديث يدور عن خرق صغير للانضباط. ولكن هناك حالات غير قليلة فيها العمل ضد الإجراءات أو الأوامر توجد له أهمية استراتيجية. هكذا كان الأمر عندما قام جنود كتيبة نيتسح يهودا بالتنكيل بفلسطيني عجوز وتركوه ليموت. هذه الحالة الصادمة التي تدل على مستوى رخص حياة الإنسان، أسهمت في قرار الإدارة الأميركية فرض عقوبات على هذه الكتيبة (القرار الذي تم تجميده في الوقت الحالي)، سيئة الصيت، لأنها تنتهك القانون في كل ما يتعلق بالفلسطينيين في الضفة الغربية. والآن هذا يحدث أيضا فيما يتعلق بمصر.
على الرغم من أن هذا غير جديد، إلا أن آفة الازدراء هذه وعصيان الأوامر، ازدادت بشكل كبير خلال الحرب. ضباط وجنود قاموا بتوثيق أنفسهم وهم ينهبون المنازل في غزة، والتقطوا الصور بجانب جثث (المقاومين)، وكتبوا على حيطان البيوت دعوات للانتقام مثل "تذكروا ما فعله العماليق بكم"، "نكبة 2024"، ورفعوا لافتات سياسية تخالف أوامر الجيش وتؤيد الاستيطان في غزة. قبل أسبوعين تقريبا، نشر موقع الأخبار البريطاني "بلينغ كات"، المتخصص بجمع المعلومات من مصادر علنية، صورا قاسية لجنود كتيبة هندسة وهم يفجرون البيوت في غزة ويراقبون بلامبالاة واضحة هذه العملية.
المسؤولية عن ازدياد الفوضى الانضباطية في الجيش الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، ملقاة أولا وقبل كل شيء على رئيس الأركان، وتعزز الحاجة الى تقديم استقالته. هناك عدد من المرشحين المناسبين الذين يمكنهم استبداله حتى أثناء الحرب. نائبه الجنرال أمير برعام أحدهم، والجنرال (احتياط) الون نيتسان أو مدير عام وزارة الدفاع، الجنرال (احتياط) ايال زمير، الذين كانوا مرشحين في السابق لمنصب رئيس الأركان، يمكنهم شغل هذا المنصب، كما يبدو، بصورة أكثر نجاعة.