الغد-هآرتس
بقلم: جدعون ليفي 3/11/2024
نضال الفلسطينيين الذي استمر عشرات السنين هو من الأكثر عدالة في العالم الآن. الوسائل التي يتبعها بعضهم هي من اقبح الوسائل. الوسائل التي تتبعها إسرائيل ضدهم لا تقل اجراما، وحتى أحيانا تفوقها، بالتأكيد من ناحية الكمية. الفلسطينيون يستخدمون (القتل) كوسيلة لتحقيق هدف عادل، وفي حالة حزب الله وحماس أيضا أهداف غير عادلة بشكل واضح، أهداف دينية وأصولية. (القتل) هو سلاح الضعيف واليائس، الأمر الذي ليس بالضرورة يعطيه الشرعية. إسرائيل تستخدم قوتها العسكرية المخيفة من اجل قمع حقوقهم ومقاومتهم. حقيقة أنها تفعل ذلك بوسائل عسكرية، وليس بواسطة منظمة إرهابية، لا تجعل أفعالها شرعية. في السنة الأخيرة معظمها لم تكن شرعية.
إلى داخل هذه الصورة الواضحة وغير "المعقدة"، على الأقل بالنسبة لي، دخلت في الأسبوع الماضي أقوال ناشر "هآرتس"، عاموس شوكن، وأثارت عاصفة كبيرة. توضيحه بأن حماس لا تنتمي إلى فئة محاربي الحرية كان من المفروض أن يهدأ. هناك من هم معنيون بتأجيج هذه الاقوال. وهناك من هم معنيون بمحاسبة "هآرتس" ورؤيتها تغرق. وسيلة الإعلام الأخيرة الممأسسة التي تبلغ الحقيقة الكاملة، لا سيما في السنة الأخيرة، تزعج الكثيرين، والآن سنحت لهم الفرصة للسداد. ولكن انتقاد اقوال شوكن تجاوز المعسكرات. إلى جانب اليمين الذي كان يريد رؤية دولة فيها قناة تلفزيون واحدة وصحيفة واحدة، تحت رقابة مشددة، هناك كثيرون في المعسكر المقابل غضبوا بسبب مصطلح "محاربو حرية الفلسطينيين"، الذين يجب علينا الحوار معهم.
رفيت هيخت كتب في "هآرتس" قبل يومين بأنه ليس فقط إسرائيل نتنياهو تسمي من ينفذون الجرائم ضد الانسانية بـ"المخربين". "نحن، الذين نعارض الكهانية وحكومة تفوق اليهود نسميهم هكذا لأنهم هكذا بالفعل". ولكن الطرفين الآن يرتكبان جرائم ضد الانسانية. عند مشاهدة ما يحدث في الضفة الغربية وفي غزة لم يعد أحد يمكنه انكار ذلك. هل إسرائيل هي دولة مخربين؟ الوسائل التي تتبعها إسرائيل لا تلغي حقها في الدفاع عن النفس. يوجد لها مثل هذا الحق، لكن ليس لها حق في استخدام الوسائل التي تستخدمها. يوجد للفلسطينيين الحق في النضال على حقوقهم وحريتهم، ومحظور عليهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية. وعندما تعتبر هيخت معسكرها "معسكر معارضة الكهانية وتفوق اليهود" هي تخطيء وتقوم بتجميل صورة اليسار – الوسط. لم تكن في إسرائيل في أي يوم حكومة ليست حكومة تفوق اليهود. لأنه لم يتم تشكيل فيها في أي يوم حكومة غير صهيونية.
هيخت والمعسكر الذي يتفق معها مخطئون في رؤيتهم الاساسية للاحتلال والصهيونية. هيخت تصف الوضع هكذا: "نعم، قوات الأمن الإسرائيلية نكلت في احيان كثيرة وتنكل بالفلسطينيين الابرياء، ومن بينهم قاصرون، كجزء من السيطرة على شعب آخر". بالنسبة لها فان قوات الأمن هي التي تقوم بالتنكيل وليس كل دولة إسرائيل. وبدلا من قول "في احيان كثيرة" كان يجب قول "دائما". هذا هو اساس "كم نحن جميلون" الملتصقة باليسار – الوسط. "قوات الأمن" هي التي تنكل وكأنها كيان مستقل ومنفصل، وليس الأبطال والبقرات المقدسة لكل الإسرائيليين، لا سيما في اليسار – الوسط.
الحقيقة هي أننا جميعا، حتى آخر اليساريين، نتحمل الذنب لأنه ليس قوات الأمن هي التي تقوم بالتنكيل، بل دولة إسرائيل؛ ليس "في احيان كثيرة" بل "دائما"، من مجرد تعريف كلمة الاحتلال. هيخت وامثالها ما زالوا يؤمنون بالاحتلال المتنور، لو أنه فقط قوات الأمن هي التي كانت تقوم بالتنكيل بين حين وآخر، وبشكل أقل بقليل، لكان كل شيء على ما يرام. ولكن لا يوجد أي احتلال بدون تنكيل – لأنه اساس الاحتلال. وهذا الاحتلال يثير المقاومة. لم يوجد حتى الآن احتلال في التاريخ لم يثر المقاومة. هذه المقاومة تسمى نضال من أجل الحرية، وهذا النضال لا يوجد اكثر عدالة منه. لا يوجد له اسم آخر.