Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-May-2020

قضية طفل الزرقاء تفجر مطالبات بوضع حد حاسم لانتهاكات حقوق الطفل

 الغد-نادين النمري

تحت بند الضرب التأديبي ومحاولة انتزاع الاعترافات تعرض طفل يبلغ من العمر 12 عاما لضروب متعددة من العنف الجسدي على فترات مختلفة تراوحت بين الضرب المبرح حتى الحرق بالأسيد.
“الغد” تابعت قضية الطفل التي أعلنت عنها ادارة حماية الأسرة أمس بأن طفلا في مدينة الزرقاء يبلغ من العمر 12 عاما اصيب بحروق شديدة على مناطق مختلفة من جسده ناتجة عن استخدام مواد كيميائية تركت دون علاج، بحسب البيان، فيما كشفت التحقيقات أن والد الطفل هو من قام بحرقه وتعذيبه.
وبحسب المعلومات التي توصلت اليها “الغد” فإن للطفل ملفا سابقا في ادارة حماية الاسرة، إذ كان وصل أول بلاغ عن الحالة بتاريخ 14 نيسان (ابريل) يفيد بتعرض الطفل للأذى الجسدي والضرب البليغ وحينها تم توقيع الأب على تعهد بعدم تكرار الاساءة، مع استمرار متابعة الحالة.
وبتاريخ 5 أيار الحالي تم التأكد من عدم تعرض الأطفال في الاسرة للعنف الى أن تم تلقي بلاغ اخير يوم أمس الاول يفيد بتعرض الطفل للتعذيب والحرق بمواد كيماوية.
وبحسب مصادر “الغد” فإن للطفل الضحية شقيقين أحدهما بعمر 7 سنوات والثاني سنة وثلاثة أشهر تم سحبهما من العائلة وايداعهما في احدى دور الرعاية باعتبار أن البيئة الأسرية التي يعيش بها الأطفال غير آمنة.
وفيما يقيم به الطفل الآن في المستشفى لتلقي العلاج فقد تم توقيف الأب في مركز اصلاح وتأهيل البلقاء بتهمة الايذاء البليغ، في حين برر الأب تعذيبه لابنه بأنه للتأديب ومحاولة انتزاع اعترافات من الطفل.
وبحسب التقرير الطبي للطفل تبين انه يعاني من حروق من الدرجة الثانية والثالثة في مناطق متفرقة من جسده ومضى عليها فترة زمنية اضافة لوجود كدمات متعددة في منطقة الوجه والكتف والرأس.
وتثير قضية الطفل مجددا اشكالية الاجراءات المتبعة مع الأطفال ضحايا العنف خصوصا خلال فترة الحظر والتعامل مع جائحة كورونا، خصوصا مع تصريحات مدير ادارة حماية الاسرة العقيد محمود الفايز عن ارتفاع نسب العنف الاسري خلال فترة الحظر بنسبة 33 % بالمقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي. وأثارت القضية العديد من التساؤلات بخصوص الاجراءات المتبعة وما إذا كانت كافية خصوصا الاكتفاء بتوقيع الأب على تعهد في المرة الاولى على إثر تسجيل حالة عنف في الرابع عشر من الشهر الماضي بدلا من سحب الاطفال، وهو الاجراء الذي تم اتخاذه مع البلاغ الأخير.
وبحسب مصادر “الغد” فإن الاكتفاء بالتعهد خلال المرة الاولى كان مرده عدم وجود اي اسبقيات بحق الأب، كما أن الحالة التي تم تسجيلها كانت عنفا جسديا بسيطا ولم تكن بفداحة التعذيب والاصابة التي وقعت على الطفل اخيرا وكيفها المدعي العام بـ”الايذاء البليغ”. وتعد حالة طفل الزرقاء ثاني حالة تتعلق بعنف شديد ضد الاطفال بعد حالة الطفلة ذات الـ14 عاما التي قتلت طعنا على يد شقيقها بعد اكتشافه انشاءها حسابا على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
 
وتتوافق ارقام ادارة حماية الأسرة وحالتي الطفلين مع دراسات تناولت موضوع العنف ضد الأطفال خلال جائحة كورونا، اذ نبه تقرير نشره مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في الأردن بعنوان “حماية الأطفال الأكثر ضعفًا من تأثير الفيروس التاجي: برنامج العمل منع أزمة حقوق الطفل” من انه مع اضطراب المجتمعات المحلية، “سيجد الأطفال المعرضون بالفعل لخطر العنف والاستغلال وسوء المعاملة أنفسهم أكثر عرضة لهذا الخطر”.
وقال التقرير، ان العزلة الحالية تزيد في صعوبة الوصول إلى الأطفال الذين يواجهون العنف في المنزل أو عبر الإنترنت ومساعدتهم. وسوف يؤدي الإجهاد والوصم بالعار بسبب المرض والإجهاد المالي إلى تفاقم الأوضاع الأسرية والمجتمعية المتقلبة.
كما أن دراسة أخرى صادرة عن منظمة بلان العالمية حذرت من خطر زيادة احتمالات تعرض الأطفال للعنف والاستغلال والإهمال خلال جائحة كورونا، معتبرة أنه يمكن لتفشي الأمراض والتدابير المتخذة للسيطرة عليها أن تزيد من خطر تعرض الأطفال للعنف أو سوء المعاملة أو الاستغلال أو الإهمال. كما يمكن لذلك أن يؤثر أو حتى يوقف الدعم الاساسي المقدم للاطفال الأكثر ضعفا والمعرضين للخطر نتيجة تدابير التباعد الاجتماعي.
ودعت الدراسة الدول الى أن تقوم الاستجابات الوطنية والمحلية فيها بتقييم ومعالجة تلك المخاطر، بما في ذلك حالات الحجر الصحي وفي المجتمعات التي تواجه قيودا على الحركة.
من جانبه يقول الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة محمد مقدادي إنه في ظل ظروف الحظر والاغلاقات أمام الاطفال فإن الواجب أن يتم التعامل مع بلاغات العنف الاسري والعنف ضد الأطفال بشكل جدي واتخاذ اجراءات حازمة وليس الاكتفاء بتوقيع المعتدي على تعهد.
ويرجح مقدادي أن “يكون العنف في الاسر التي تعاني أساسا من خلافات وعنف قد ازدادت حدته ووتيرته خلال الأزمة بسبب التواجد القسري والمستمر للضحية مع المعتدي، فضلا عن صعوبة التنقل والوصول الى الخدمات.
ويزيد، “في ظل الظروف الحالية لا يجب الاكتفاء بالمتابعات الهاتفية مع الضحايا وإنما المطلوب استمرار الزيارات وبشكل مكثف للعائلات للتأكد من عدم تفاقم وضع الحالة”، لافتا الى ان من الممكن خلال ايام ان تزداد الحالة سوءا بسبب حالة التوتر والتواجد المستمر للضحية مع المعتدي.
ويشير مقدادي الى جانب آخر يتعلق بالجانب الاقتصادي للاسر والتغييرات لجهة فقدان مصدر الدخل او العمل، لافتا الى أهمية ربط مكاتب الخدمة الاجتماعية بصندوق المعونة الوطنية بحيث تعمل منهجية ادارة الحالة على التعاطي مع كافة العوامل المتعلقة بالعنف بما فيها العوامل الاقتصادية والتغير في حالة الاسر.
ويقول استشاري الطب الشرعي، والخبير في مواجهة العنف الدكتور هاني جهشان إن “العنف الأسري واقع مؤلم ويتفاقم شيوعا وشدة خلال شيوع كوفيد 19″، لافتا الى أن “الصمت الحكومي نحو هذا الواقع هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والمرأة والطفل”.
واعتبر انه لا يوجد مبرر مطلقا لارتكاب العنف، فلا الجائحة ولا الحجر ولا العزل مبررات لارتكاب أي شكل من أشكال العنف.
ويضيف جهشان، على الدولة اتخاذ مجموعة ن الاجراءات نحو الوقاية والاستجابة للعنف الأسري والعنف ضد الاطفال خلال الجائحة، ويشمل ذلك رصد المزيد من الموارد لدعم خدمات الوقاية والحماية من العنف ضد الاطفال خلال الحجر الصحي العام لدعم وتقوية الخدمات المقدمة للضحايا.
كما يجب أن تتضمن الاجراءات الإعلان رسميا بإسنادية قانونية أن حماية ضحايا العنف الأسري بمن فيهم ضحايا العنف ضد الاطفال هو أولوية خلال الحجر العام ويشمل ذلك دور الإيواء وإعطاء الأولية للرصد والتقييم السريع للضحايا وتقييم المخاطر في حالات الأزمات، وضمان الأمن وسهولة النفاذ لهذه الدور.
واكد أهمية ضمان توفير مقدمي خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والصحي الى جانب توفير أماكن لائقة للنساء والأطفال المتعرضين لمخاطر الإهمال والعنف في حال حاجتهم للعزل الصحي خارج دور الإيواء من مثل الفنادق والمدارس التي تخصصها الحكومة للعزل، اضافة الى إدامة خطوط هواتف طلب المساعدة والدعم لضحايا العنف الأسري خلال فترة الحجر العام.
ويشدد جهشان على اهمية دعم كفاءة الخدمات التي تمنع الإفلات من عقاب المعتدين وتحسين نوعية الاستجابة للضحايا وبرامج توعية لعموم المجتمع من مخاطر تفاقم العنف الأسري خلال الحجر العام. وتوفير الموارد البشرية المدربة للاستجابة للعنف خلال الحجر العام ويشمل ذلك التقييم، الحماية العاجلة، والتحويل لمؤسسات الحماية في المجتمع المحلي.
ويشير جهشان الى مقترح لتدريب المعلمين عن بعد في حال استخدام التواصل المباشر مع الطلاب لاكتشاف والتبليغ عن حالات العنف الأسري في حال اكتشافهم لها، مؤكدا أهمية ان لا تتخلى الحكومة عن مؤسسات المجتمع المدني في حال تطبيق الحجر العام، ويتوقع منها الاستمرار في دعم هذه المؤسسات لتضمن تقديم الخدمات المساندة للضحايا، إن كانت خدمات الوقاية أو الاستجابة للعنف الأسري.