Thursday 19th of December 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Mar-2013

مطحنة "الصنّاع" في مادبا: تفوح برائحة القمح منذ 80 عاما
الغد - أحمد الشوابكة - مادبا- تسطر "مطحنة الصناع" التي تُعدّ واحدة من أقدم معالم محافظة مأدبا، في شارع الشهيد محمد هويمل الزبن، حكاية من حكايات الإرث التراثي التي تروي تاريخ هذه المنطقة بتفاصيلها العتيقة، بوصفها المطحنة الوحيدة التي تقدم خدماتها لأهالي المنطقة، والقرى المحيطة بها.
وعند دخول الزائر المطحنة تطالعه رائحة القمح في هذا المكان، المطحون عبر آلتين قديمتين فضيتي اللون، ترتفعان إلى 3 أمتار، يصل عمرهما إلى نحو 80 عاما، محاطتين بسلم يتضمن 8 درجات تأخذ زوارها إلى الماضي، بعيدا عن استخدام التكنولوجيا الحديثة.
كما تروي جدران المطحنة المبنيّة من الأحجار القديمة، حكايات أجيال تعاقبت على إدارتها، تميّزها أروقة وجدران مصنوعة من الأحجار القديمة، من الداخل والخارج، ويزيّنها باب أزرق كبير يتجاوز ارتفاعه 3  أمتار.
"مطحنة الصناع" التي تم إنشاؤها في العام 1865 وتم استخدامها كـ"خان" قبل أن تتحول إلى مطحنة في العام 1942 يؤكد مديرها أبو عمر أنها "ستحافظ على تاريخها، وستبقى صامدة في وجه التقنيات العصرية المتطورة".
ويشير إلى أن المبنى أنشئ في العهد العثماني باستخدام مواد أولية جُلبت من مدينة حيفا الفلسطينية، وتم تشغيله في العام 1942 كمطحنة، وهي السنة التي سميت بـ"سنة الأرز" بسبب عدم بيع الخبز في تلك الأيام، واعتبار الأرز الأكلة الأساسية لأهالي المنطقة في تلك الأيام. ويشير أبو عمر إلى أن عمل هذه المطحنة يبدأ منذ السادسة صباحا ويستمر حتى الثانية ظهرا، على مدار الأسبوع، باستثناء يوم الأحد الذي يعد العطلة الرسمية للمطحنة، بالإضافة إلى عملها نصف يوم الجمعة حتى صلاة الظهر.
يقوم أبو عمر، والعامل الوحيد فيها، بوضع القمح الذي يرغب الزبون بطحنه في المكان المخصص، في أعلى الآلة، وينتظر إلى أن يخرج القمح مطحونا من أسفلها حيث يتم تعبئته في أكياس. وتوجد أيضاً ماكينتان لطحن القمح، وهي "الجاروشة" ذات اللون الأزرق التي تعمل بذات الطريقة، إذ تنتج قمحاً خشناً يستخدم في مختلف أنواع الطعام، يسمى "الجريشة" أو "العيش".
وكانت الآلات في المطحنة تعمل على الديزل حتى العام 1982، قبل أن يجري تحويلها للعمل على الكهرباء، منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا.
وتتضمن المطحنة ميزاناً قديماً يسمى "القبان"، وهو ميزان دقيق، يستطيع أن يكيل مئات الكيلوات من القمح. ومن الأشياء اللافتة في هذه المطحنة وجود حوضين كانا يستخدمان في السابق لوضع القمح الذي يحتاج إلى تنقية، حيث يتم غربلته وتنظيفه.
وتقدم المطحنة الطحين الجاهز لمن يرغب في شرائه، ويبلغ سعر الكيلوغرام 75 قرشا، أما من يريد فقط طحن ما لديه من القمح فيدفع أجرة مقدارها 8 قروش على الكيلوغرام الواحد.
ويقول أبو عمر الذي يعمل في هذه المهنة منذ نحو 15 عاماً، إن الناس في السابق كانوا يشترون بوحدة الوزن التي كانت تعرف في الماضي "بالصاع"، الذي يبلغ وزنه 6.25 كيلوغرام، أو يشترون بالكيس الكامل "الشوال" الذي يزن 50 كيلوغراما.
أما حالياً فإن الناس يشترون بالكيلوغرام الواحد، بسبب سوء الوضع الاقتصادي الذي يعيشه أهالي المنطقة.
ويتقاضى أبو عمر أجرة يومية تتراوح في هذه الأيام ما بين 6 و8 دنانير، وبحسب الإنتاج الذي يرفع راتبه إذا ارتفع، مبينا أن عمل المطحنة في هذه الفترة خفيف، نتيجة عدم وجود موسم للقمح الذي يحل في منتصف فصل الصيف، ويعرف بـ"الحصيدة".