توغلات الاحتلال الصهيوني في الأراضي السورية.. ما أهدافها؟
الغد- زايد الدخيل
في الوقت الذي يشهد خط الهدنة مع سورية المعروف بخط "برافو" تحركات ميدانية لقوات الاحتلال قربه، أشار مراقبون إلى أن الاحتلال يريد التعامل مع الحدود مع جنوب لبنان والحدود الشمالية الشرقية مع سورية كحزمة واحدة، يحاول من خلالها وقف التهديدات على المنطقة الشمالية من الأراضي المحتلة.
وقال هولاء في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، إن الاحتلال ولتحقيق هذه الغاية قام بالتوغل في المنطقة منزوعة السلاح مع سورية شرق خط برافو، وأقام تحصينات بالقرب من منطقة كودنا وتل أحمر، بهدف خلق طريق بري في جنوب لبنان يمتد حتى الحدود الشمالية الشرقية مع الجولان المحتل.
من جهتها، اعتبرت الأمم المتحدة ما تقوم به إسرائيل من أعمال إنشائية بمحاذاة منطقة منزوعة السلاح على حدودها مع سورية، بمثابة انتهاكات خطيرة لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع منذ 50 عاما، معربة عن قلقها من أن تؤدي تلك الأعمال إلى تأجيج التوترات على الحدود بين البلدين في هضبة الجولان المحتل.
وخط "برافو" هو الخط الفاصل بين الحدود السورية- الإسرائيلية، المعروف بمنطقة فض الاشتباك، وهو منطقة منزوعة السلاح بين الجانبين، وترعاها الأمم المتحدة عبر قوة مراقبة فضّ الاشتباك التابعة للأمم المتحدة المعروفة اختصارا باسم "يوندوف" ضمن اتفاقية دولية.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد، إن التحركات الميدانية للاحتلال قرب خط "برافو"، تشير إلى أن الاحتلال يريد التعامل مع الحدود مع جنوب لبنان والحدود الشمالية الشرقية مع سورية كحزمة واحدة، يحاول من خلالها وقف التهديدات على المنطقة الشمالية من الأراضي المحتلة.
وتابع أبو زيد: "لذلك يتوغل الاحتلال في المنطقة منزوعة السلاح مع سورية شرق (برافو)، ويقيم تحصينات قرب منطقة كودنا وتل أحمر، بهدف خلق طريق بري في جنوب لبنان يمتد حتى الحدود الشمالية الشرقية مع الجولان المحتل.
وأضاف، إن الاحتلال يريد فرض التهدئة بالقوة من خلال العملية العسكرية، مشيرا إلى أن الوسيط الأميركي هوكشتاين يماطل بهدف إعطاء الاحتلال مساحة من الوقت لتحسين وضعه الميداني وتعزيز موقفه التفاوضي، وفرض شروط في المفاوضات الجارية.
ولفت إلى أن خسائر الاحتلال التي أعلن عنها حزب الله، والتي تشمل مقتل 110 جنود وتدمير 48 دبابة منذ بدء العملية البرية، تشير إلى أن كتيبة دبابات كاملة تم تدميرها، ما يعني زيادة الخسائر بالتزامن مع مشكلة الاحتياط، وقد تكون هذه نقطة مؤثرة في المسار الدبلوماسي الجاري حاليا.
وفيما يتعلق بتطورات غزة، أشار أبو زيد إلى أن المقاومة استفادت من محاولات الاحتلال هندسة شمال القطاع وإقامة موانع من الركام والتدمير، التي انطلقت منها لتنفيذ عملياتها ضد الاحتلال.
وتتولى عناصر "يوندوف" مراقبة الشريط الحدودي بين سورية وإسرائيل الذي يبلغ طوله 80 كيلومترا، على مدار الساعة.
من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، أن منطقة الفصل حددت ضمن اتفاقية لوقف إطلاق النار بين سورية وإسرائيل عام 1974، بعد احتلال إسرائيل هضبة الجولان، إذ نصت الاتفاقية على بقاء قوات إسرائيل إلى الغرب مما يعرف بـ "خط ألفا"، على أن تبقى القوات السورية إلى الشرق من خط "برافو"، الذي يمتد بمحاذاة منطقة الفصل.
وتابع الحجاحجة: "على نحو منفرد، ضمّت إسرائيل مرتفعات الجولان عام1981، في خطوة لم تحظ باعتراف دولي، رغم اعتراف الولايات المتحدة بها على نحو منفرد أيضا عام 2019، إذ يرتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي حاليا انتهاكات جسيمة لاتفاق وقف إطلاق النار مع سورية، حيث يواصل تنفيذ مشروع بناء كبير على طول ما يعرف بخط "ألفا" الذي يفصل الجولان عن سورية".
وزاد: "تأتي الخطوات الإسرائيلية الجديدة بشأن سورية، بعد أن أكمل جيش الاحتلال إنشاء طرق جديدة ومنطقة عازلة على طول حدود قطاع غزة، كما بدأ بتدمير قرى في لبنان، حيث تعرضت قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة لهجمات هناك"، مشيرا إلى أنه رغم عدم اندلاع أعمال قتالية على طول خط "ألفا"، إلا أن هذه الأعمال قد تؤدي إلى تصاعد التوترات في المنطقة.
وقامت إسرائيل عام 1981 بضم مرتفعات الجولان، وهو قرار رفضته الأمم المتحدة، واعتبرته إجراء باطلا ولاغيا ولا أثر قانونيا له على الصعيد الدولي.
وتبلغ مساحة المرتفعات حوالي 1200 كيلومتر مربع، وتعتبر موقعا إستراتيجيا يطل على كل من إسرائيل وسورية.
بدوره، يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، تتعامل كل من روسيا وإسرائيل في سورية منذ 2018 بآلية الخط الساخن، لمنع حدوث أي عمليات تضارب بينهما في الداخل السوري، وفي عام 2019 كان الطرفان جزءا من اتفاق أوسع قضى حينها بضرورة إبعاد الميليشيات الإيرانية عن حدود مرتفعات الجولان المحتل لمسافة 80 كيلومترا.
وأضاف: "بموجب هذا الاتفاق ثبتت روسيا عدة نقاط عسكرية على طول الخط الفاصل بين سورية وإسرائيل من جهة الجولان المحتل (برافو)، لكنها انسحبت من البعض منها خلال الأيام الماضية، وقبل أن تنتشر الأخبار المتعلقة بعمليات التوغل وإزالة الألغام التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود".
وتوقع الغزو أن يوسع جيش الاحتلال عمليات توغله في المرحلة المقبلة داخل الأراضي السورية جنوب البلاد، وباتجاه الضفة الغربية لجبل الشيخ، إذ تبعد آليات جيش الاحتلال عن دمشق حاليا مسافة 38 كيلومترا، فيما يواصل الاحتلال عمليات إزالة الألغام من حدود الجولان، ويتزامن ذلك مع مغادرة القوات الروسية موقع تل الحارة، وهو أعلى نقطة في محافظة درعا جنوب سورية، ونقطة مراقبة إستراتيجية.
وتابع: "تتزايد المؤشرات مؤخرا على توجه إسرائيلي لفرض أمر واقع جديد على سورية، إذ ثمة تحركات تفيد بأن تل أبيب قد تفتح جبهة جديدة في الجولان السوري، بحجة وجود ميليشيات تابعة لطهران في المنطقة، رغم النفي السوري وانتشار النقاط العسكرية الروسية التي تراقب خط الفصل وتمنع انتشار هذه الميليشيات.
واستكمل: "الملاحظ أن التطورات الأخيرة على جبهة مرتفعات الجولان، تأتي استجابة سياسية للتبدلات المحتملة بعد الحرب، أي إنهاء مسألة فصل القوات، والدخول في اتفاقيات جديدة أو الضغط عسكريا على سورية.