Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2017

ضيق الأحوال الاقتصادية يدفع أسرا لارتياد أسواق الملابس المستعملة

 

منى أبوحمور
عمان -الغد-  لم تعد محلات الملابس المستعملة حكرا على الفقراء فحسب، بل أصبحت ملاذا للعديد من العائلات من ذوي الدخل المحدود والمتوسط الذين لم تعد لديهم القدرة على تأمين احتياجات عائلاتهم ومتطلبات أبنائهم من الملابس والأحذية على مدار العام.
باتت محلات الملابس المستخدمة في ظل ارتفاع الأسعار وثبات الدخل، الحل الوحيد الذي تتمكن من خلاله الأسر من شراء ما يحتاجه أبناؤها في ظل ارتفاع الأسعار الجديدة وتراجع القدرة الشرائية.
توجه الخمسيني خالد مكرم، ولأول مرة إلى سوق البالة في المحطة، بحثا عن شراء كسوة شتوية لأبنائه الخمسة برفقة أحد أصدقائه الذي اعتاد على توفير متطلبات أبنائه في الصيف والشتاء وبأقل الأسعار.
لم يستوعب خالد في بداية الأمر فكرة الشراء من هذا السوق، إلا أن قلة إمكانياته المادية وعدم قدرته على شراء ما يحتاجه أبناؤه من ملابس ومعاطف وأحذية شتوية دفعته للتفكير جديا في هذا الأمر والذهاب للشراء من ذلك السوق.
يقول  "عندما وصلت إلى السوق شعرت وكأن الكثيرين يعانون مثلي ويشترون من هذا المكان "، لافتا إلى أنه وأثناء تجواله بين البسطات المنتشرة على امتداد السوق تمكن من شراء معاطف بحالة جيدة جدا وكذلك الأحذية وبناطيل الرياضة، الأمر الذي شجعه على متابعة التسوق.
ويقول  "كسوت جميع أبنائي بخمسين دينارا فقط، في حين لو ذهبت إلى محلات الملابس الجديدة سأحتاج إلى أربعة أضعاف ".
في حين تبرر أم عماد لجوءها إلى محلات البالة في السوق الطلياني ليس فقط لتدني الأسعار هناك وإنما للجودة العالية والحالة الجيدة التي تكون عليها القطع، مؤكدة أنها في كل موسم تذهب لشراء نواقص أولادها كافة من هناك. وتتابع أنه وعلى بالرغم من التنزيلات والعروض التي تقوم بها محلات الملابس الجديدة، إلا أن القطعة التي يمكن شراؤها بخمسة دنانير لا يمكن أن تخدم فترة طويلة مقارنة بالقطعة التي يتم شراؤها من محلات البالة بالسعر نفسه أو حتى أقل.
في حين بدا سوء الأوضاع الاقتصادية واضحا على أسرة محمد التميمي، ما دفعه للذهاب إلى سوق البالة في محافظة الزرقاء لشراء معاطف جديدة لأبنائه للمدرسة بعد جولة قام بها بأسواق الملابس الجديدة، توصل خلالها إلى أن ما يتبقى له من الراتب لا يمكن أن يشتري به معطفا واحدا.
ولم يقتصر تهافت الناس على أسواق البالة على عمان والزرقاء، فحسب، بل انتشرت أسواق البالة في محافظات المملكة كافة حتى وصلت إلى القرى البعيدة ليتمكن أكبر عدد ممكن من العائلات من الاستفادة منها.
في منطقة الصبيحي في قصبة السلط، فتحت أم أحمد (اسم مستعار) مخزنا صغيرا للملابس المستعملة تؤمن خلاله كل ما تحتاجه الأسر من ملابس وأحذية لأولادها في المنطقة التي تعيش بها حتى تسهل عليهم الخروج وقطع مسافات للحصول على الملابس.
وتقول  "أعرف ما يحتاجه الناس في المنطقة وأحاول توفيره "، متابعة أنها في كل مرة تسأل الناس عما ينقصهم وتوفره لهم في المرة المقبلة، رغبة منها في التيسير على الناس.
وحول ذلك، يشير أخصائي علم الاجتماع عميد كلية الأميرة رحمة في جامعة البلقاء التطبيقية، الدكتور حسين الخزاعي، إلى محاولة أفراد الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل تدبير أمور حياتهم ومتطلبات عائلاتهم بما يتناسب مع ثبات دخلهم  "الراتب ".
ويلفت إلى أن لجوء هؤلاء الأفراد إلى محلات بيع الملابس المستعملة  "البالة "، أو ما يسمى بمحلات الملابس البديلة هو ملاذهم الآمن لتأمين احتياجات عائلاتهم من الملابس والأحذية في المواسم كافة، باعتبارها ملابس ذات نوعية جيدة ومستوردة من دول أوروبية.
ويبين الخزاعي، أن المجتمع عادة يحب اللباس المستورد حتى ولو كان من المحلات المستعملة، وذلك يظهر من خلال الإقبال الكبير على تلك المحلات، كما دخل على السوق الأردنية ما يسمى بمحلات  "الستوك " التي توفر أيضا ملابس ذات جودة عالية وإن كانت بأسعار أغلى قليلا من المحلات المستعملة  "البالة "، إلا أنها توفر على مرتاديها مقارنة بالمحلات التجارية الأخرى. كما يلاحظ، بحسب الخزاعي، توجه بعض أفراد الطبقات الغنية إلى مثل هذه الأماكن لشراء الملابس المستوردة ذات الجودة العالية، ويبدو ذلك للعيان من خلال السيارات الفارهة التي تقف أمام هذه المحلات وشراء عدد كبير من القطع. ويجد الخزاعي أن إدارة الدخل بحسب الراتب وتأمين الاحتياجات أمر في غاية الأهمية، وهو ما يتمكن الأفراد من القيام به من خلال هذه المحلات التي تخضع في كثير من الأحيان إلى طلبات التخفيض التي يقدمها المستهلكون حسب قدرات البائعين، حيث لا يوجد سعر محدد عندهم كباقي المحلات التجارية.
ومن جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، لجوء مئات الأسر ومنذ الأربعين عاما الماضية إلى محلات بيع الملابس المستعملة أو ما يسمى  "الملابس البديلة "، لتوفير مستلزماتها الشخصية ومتطلبات أبنائها لأنه في كل مرحلة من المراحل المسيرة الاقتصادية، الاجتماعية والتنموية، هناك مشكلة في قدرة المواطنين أو فئات منهم على الوفاء بالالتزامات والمتطلبات المترتبة عليهم.
هذه الظاهرة تحولت إلى أداء عام بالنسبة للمجتمع، وأصبحت من المظاهر العامة التي تعبر عن كل مرحلة، وهناك إشكالية تتعلق بالنفقات والدخل، وتم تقدير هذا الدخل بالوفاء بالالتزمات الأساسية المترتبة على الأسر والأفراد.هذه التجارة رائجة وتتطور وتنتقل من منطقة إلى أخرى على امتداد المدن والقرى الأردنية وأصبحت هناك تجارة موازية لتجارة الملابس العادية، وبالتالي تجد في كل مرة ليس فقط سوقها يتسع ويكبر، وإنما هناك مواطنون مع ضغط الحياة اليومية يضطرون إلى اللجوء إليها حتى الأشخاص الذين لم يكن يخطر ببالهم سابقا مثل هذا الأمر.
هذه الظاهرة تفتح السؤال إذا كان دخل المواطن الأردني يكفي لتلبية احتياجاته ومواجهة أعباء حياته الأساسية، وهذا يعني أن معدلات النمو الاقتصادي في الأردن والتي تبلغ 0.2 %، لا يمكن لها أن تؤدي إلى تنمية أو تحسين في معدلات دخل الفرد، فنتائجها بتكون اللجوء إلى هذا الشكل مع التكيف مع هذا الدخل والبحث عن بدائل في أسواق البالة والأسواق الأخرى.
التاجر خالد، صاحب أحد محلات بيع الملابس المستعملة  "البالة "، يلفت إلى أن بيع الملابس لم يقتصر على ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون كسوة أولادهم وإنما أيضا أصبح يرتاد المحل شرائح مختلفة من الناس في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ويعزو خالد إقبال الناس الكبير على محلات البالة إلى السعر المناسب من جهة وسهولة الحصول على القطعة من جهة أخرى، مشيرا إلى أن هناك العديد من الناس من ميسوري الحال يأتون للبحث عن القطع المميزة في المحل وشرائها. ويشير إلى أن الحركة الشرائية تزداد عاما بعد عام وفي هذه السنة أكثر من أي عام آخر؛ إذ أصبح المواطنون لا يستغنون عن هذه المحلات وأصبحت هي وجهتهم الشرائية لتأمين الملابس المناسبة والجيدة في آن واحد.